معركة “طوفان الأقصى تُكبد الكيان الصهيوني خسائر فادحة
السياسية: مرزاح العسل
لأول مرة في تاريخه الاحتلالي منذ أن وطأة قدم أول صهيوني أرض فلسطين المباركة، يتكبد كيان العدو الصهيوني خسائر فادحة على كافة الصُعد السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والسياحية والعلمية.. الخ، وذلك خلال فترة وجيزة من انطلاق معركة “طوفان الأقصى” المباركة في السابع من أكتوبر الجاري.
ومع دخول معركة “طوفان الأقصى” المباركة يومها الـ17 والتي شكلت حدثاً مفصلياً في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني، وألحقت ضربةً نوعيةً زعزعت جيش العدو الصهيوني وأجهزته الأمنية والاستخبارية، وأحدثت صدمة لا تزال أصداؤها تتردّد في أصقاع العالم، تتضاعف كل يوم فاتورة هذا العدو الغاشم الذي لا تردعه إلا القوة.
عسكرياً وأمنياً.. تُقدر التكاليف العسكريّة للحرب بنحو مليار دولار في اليوم الواحد، أي نحو 17 مليارات دولار حتى الآن، فبالإضافة إلى الخسائر البشرية في صفوف جيش العدو وقطعان مستوطنيه بحسب ما هو مُعلن وما هو مخفي، فهناك الكثير من الخسائر في العتاد العسكري.
وبما أن تكلفة اعتراض كل صاروخ يطلق من غزة تقدر بنحو 40 ألف دولار إلى 50 ألف دولار، فقد رأى الباحث في المعهد الصهيوني لدراسات الأمن القومي، بحسب تقرير لـ”بلومبرغ”، أن ذلك يجعل خسائر العدو الصهيوني تتخطى 40 مليون دولار فقط لاعتراض صواريخ المقاومة.
وللمرة الأولى في تاريخ كيان العدو الصهيوني نشاهد حالة نزوح جماعي جراء مواجهة مع طرف عربي، رغم أنها منظمة صغيرة في العدة والعتاد، وهي حركة “حماس”، فرغم طرح الكيان فكرة نزوح الفلسطينيين نحو الجنوب من قطاع غزة، ولجوئهم إلى مصر، نرى واقعة نزوح جماعية لما يزيد على 60 ألف مستوطن إلى مدينة إيلات.
أما اقتصادياً فالخسائر أكبر من المتوقع.. فعلى الرغم من الخسائر البشرية التي وصلت إلى 1500 قتيل صهيوني وأكثر من 5400 مصاب حتى 22 أكتوبر الجاري، وأنباء عن تدمير دبابات ومدرعات وسقوط صواريخ على مستوطنات في الجنوب أمام غزة؛ فإنه ما بين ساعة وأخرى تؤكد وسائل إعلام العدو وجود أضرار كبيرة أصابت الاقتصاد الصهيوني، في تقديرات يومية للخسائر تصل إلى ما بين 300–400 مليون دولار.
وسجلت “بورصة تل أبيب” انخفاضًا جديدًا، في 22 أكتوبر، بقيمة 2.23 في المائة، مع انخفاض المؤشر الشهري بنسبة 12.49 في المائة، وهي نسبة منخفضة جدًا، مقارنة بالفترة التي سبقت الحرب على غزة، فيما تراجع سعر صرف الشيكل “الإسرائيلي” أمام الدولار الأمريكي، اليوم الاثنين، إلى أدنى مستوى منذ العام 2014.
ومن أسباب تلك الخسائر توقف عشرات الرحلات الجوية وتعُطل الحياة الاقتصادية، مع هبوط أسعار الأسهم والسندات في “بورصة تل أبيب” وإلغاء حجوزات الفنادق بوجه عام؛ ما يعني توقف الحياة السياحية التي يعتمد عليها الاقتصاد الصهيوني، إضافة إلى توقف بيع السلاح، وهو المورد الأول للكيان، ناهيك عن إغلاق حقل “تامار” للغاز الطبيعي في البحر المتوسط، تخوفًا من استهدافه بالصواريخ.
وبعد أكثر من أسبوعين على بدء معركة “طوفان الأقصى”، تحدّثت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن “أكبر كارثة اقتصاديّة في تاريخ إسرائيل”، محمّلة حكومة بنيامين نتنياهو المسؤوليّة المباشرة عن الخسائر التي يتعرّض لها الكيان الصهيوني.
وارتفعت قيمة السندات الحكومية الصهيونية بنسبة 136 في المائة منذ بدء الحرب، وتسبب بيع سندات الشتات بخسائر تقدّر بمليارين و839 مليون دولار، وسط توقّع بارتفاع الدين العام الذي بلغ بالفعل 294.7 مليار دولار، فيما بلغ الناتج المحلي 350 مليار دولار.
كما أدّت الصواريخ التي تطلق من المقاومة الفلسطينية على منطقة غوش دان، وهي درّة تاج الاقتصاد وصناعة التكنولوجيا لدى العدو، إلى شلل كبير في هذا القطاع الذي خسر أكثر من ملياري دولار حتى الآن.
وكشف موقع “ذي ماركر” الصهيوني، المختصّ بالاقتصاد، أنّ الكيان المؤقت “في حالة ركود، والتجارة صفر حالياً”، ويقول إنّ “الكثيرين يحاولون إبقاء رؤوسهم فوق الماء، ويخشون المستقبل، ولا يعلمون من سيعوّضهم ومتى”.
فيما أفادت صحيفة “معاريف” الصهيونية، بأنّ السوق الصهيوني خسر منذ بداية الحرب 4,6 مليار مليار شيكل، أي أكثر من مليار و200 مليون دولار أمريكي، بسبب تغيّب الموظفين عن عملهم.
وعلى صعيد الطاقة، أعلنت شركة “شيفرون” بعد يومين من “طوفان الأقصى” أنها أغلقت حقل تمار للغاز الطبيعي، وهو أحد أهم مصادر الغاز المستخدم لتوليد الكهرباء والتصدير في الكيان الصهيوني، وأدى الإبقاء على هذا الحقل مغلقاً حتى اليوم، خوفاً من قيام المقاومة باستهدافه، إلى توقّف صادرات الغاز الصهيونية نحو مصر والأردن وزيادة الضغط على سوق الغاز الأوروبي.
كما تعرّض قطاع السياحة والطيران الصهيوني لضربة قاصمة؛ فبعد قصف مطار بن غوريون في “تل أبيب” بالصواريخ، علّقت جميع شركات الطيران العالميّة رحلاتها إليه بالتزامن مع خروج مطاري رامون وحيفا عن الخدمة.
وأصدرت شركات التأمين على الطيران ضد مخاطر الحرب إخطاراً بإلغاء الغطاء التأميني للشركات التي تتخذ من الكيان المؤقت مقراً مع بدء سريان بعض الإلغاءات بالفعل، ما اضطر حكومة نتنياهو إلى دفع ستة مليارات دولار للتعويض عن ذلك، وهي تكلفة باهظة يدفعها العدو لضمان استمراريّة عمل الطيران بحده الأدنى، وبلغت خسائر قطاع الطيران حتى الآن نحو 1.6 مليار دولار، بمعدّل 100 مليون دولار يومياً.
وإضافة إلى الخسائر في القطاعات الاقتصاديّة المختلفة، تخطت تكلفة الدمار في مستوطنات غلاف غزة عتبة المليار دولار، ويكلّف نقل 200 ألف مستوطن في مستوطنات الجنوب والشمال نحو 100 مليون دولار أسبوعياً.
وأثرت المعارك بشكل كبير على الأعمال التجارية نظرا لوضع كيان الاحتلال في حالة الطوارئ واستدعاء أكثر من 300 ألف من الاحتياطيين للخدمة العسكرية، وهو حدث غير مسبوق في تاريخ الكيان الغاصب.
وتوقعت تقارير إعلامية أن تصل الخسائر في قطاع السياحة الصهيوني إلى أكثر من 3.4 مليار دولار، وهو القطاع الذي بلغت عائداته نحو 13.5 مليار شيكل، بعدما وفد 2.67 مليون سائح على أرض فلسطين التاريخية في عام 2022، مقارنة بـ397 ألف سائح تم تسجيل دخولهم عام 2021.
وقال بنك “هبوعليم” الصهيوني في تقرير لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”: “إن تكلفة الحرب الدائرة في غزة لن تقل عن سبعة مليار دولار أمريكي وفق البيانات الأولية، وقد تصل إلى قرابة 1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في حال تطورت الأحداث لتشمل الجبهة الشمالية.
ووضعت مؤسسة “فيتش” للتصنيف الائتماني تصنيف الكيان الصهيوني تحت المراجعة السلبية، وسط خسائر متوقعة بدأ اقتصاده يواجهها بسبب العدوان على قطاع غزة.
كما أعلنت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني تأجيل نشر التصنيف الائتماني الجديد للكيان، مبررة ذلك بالتطورات العسكرية القائمة في المنطقة، إذ يبلغ تصنيفها الحالي (1A)، وتعكس خطوة “فيتش” الخطر المتزايد “المتمثل في توسيع الحرب القائمة، لتشمل مواجهات عسكرية واسعة النطاق مع جهات فاعلة متعددة، على مدى فترة طويلة من الزمن”.