محمد يحيى الضلعي*

 

بعث فينا الأمل كعرب ومسلمين واستشعرنا الفخر والامتنان لأولئك الفتية الأحرار أبطال المقاومة الفلسطينية، بل وغسلت قلوبنا عملية طوفان الأقصى، ولم يزرنا مثل 7 أُكتوبر كجيل، فنحن وجدنا على تلك المأساة من احتلال لفلسطين وعرفنا فقط أن هناك عملاءَ هم حكام لدول عربية باعوا القضية بل وانبطحوا، والمصيبة الأعظم أنهم لم يقبضوا ثمناً ولكن قدموْا تلك المقدسات كقرابين لليهود والنصارى.

لقد جاء طوفان الأقصى في الوقت الذي كانت الدول العربية تتسابق للتطبيع مع كيان العدوّ، والملاحَظُ أن اقتحامَ اليهود للمسجد الأقصى والاستفزازات المُستمرّة نتائج طبيعية بعد تطبيع بعض الدول معها وهو ما تسبب بانفجار الغضب الشعبي وانطلاق معركة طوفان الأقصى قبل أَيَّـام.

إن الشعوب العربية والإسلامية تقفُ اليوم حاملة للمسؤولية بعد أن تنازل حكامها عن القضية، وإن واجبَ الشعوب أن يكون لها صوت مسموع تجاه القضية الفلسطينية، وأن تأخذ زمام الأمور وترفع صوتها صادعةً بالحق كالشعب اليمني الذي كان له صوت مسموع وواضح منذ اليوم الأول للعملية وسيبقى هذا الصوت مُستمرًّا حتى التحرير وزوال إسرائيل.

إن للشعوب وتحَرّكاتها تأثيرًا كبيرًا ودورًا عظيمًا في صنع الانتصارات وتأييد القضايا، ولا يمكن التهاون بهذا الدور أَو التقليل منه، فهم صناع النصر وهم من يملكون اليد العلياء بحكم العدد والكثافة والتأثير على الحكام، وبذلك فواجب كُـلّ الشعوب هي التحَرّك ورفع الصوت لتأييد فلسطين ورجالها.

ما أحوجنا اليوم وغداً وبعد غدٍ لطوفان يجتثُّ الأخضر واليابس، يبتدئ بالعملاء أولاً وينتهي بالأعداء حتى نرى نوراً كنور وكرامة وفرح يوم السابع من أُكتوبر الذي سطره أبطال المقاومة الفلسطينية الأحرار.

فعملية طوفان الأقصى أوجدت الحرج للمطبعين كافة وجعلتهم في كفة الاتّهام وها هم ينظرون لأنفسهم قبل أن ينظر إليهم الآخرون باستحقار ومَا زال متحفظاً أدرك نفسه وهو يعلم دناءته.

لكن من صدع بالحق وبأحقية القضية في كُـلّ الظروف هو من يتكلم ويهدّد ويندّد، بل ويتوعد فليس للمفلسين المنبطحين حق في التقليل من وعيد الأحرار، فاليمانيون كشعب وعلى مر التاريخ يحكمهم عرف أخلاقي وديني نظيف وعريق جعلهم في مقدمة الأمم قولاً للحق ونصرةً للإخوة، فهم للإيمان أصلٌ وللحكمة أهلٌ؛ فلا غرابة أن يتكلم قائدهم وورائه شعباً مجاهداً أنه في إطار التنسيق مع دول المحور المجاهد باتِّخاذ اللازم وفي الزمان والمكان المناسب لذلك، فحين قلل حفنة الارتزاق من فحوى الكلام نخبركم أن العدوّ يعرف جيِّدًا معنى الكلام ومدى صواريخنا، فعنوان عملية الأحرار طوفان كان اسماً لأحد صواريخنا العابرة استعرضناه قبل أَيَّـام في ميدان السبعين وما ذلك على من توكلوا على الله بمستحيل.

ومن يلاحظ ويتابع الأمور في مختلف الدول العربية والإسلامية وتفاعلها مع معركة طوفان الأقصى سيجد أن اليمن هي الدولة الوحيدة التي تحَرّكت شعباً وقيادةً في مسارٍ واحد لنصرة الشعب الفلسطيني، فخرج الشعب منذ اليوم الأول مؤيداً ومسانداً كتفاً إلى كتف لجوار الشعب الفلسطيني، ثم أطلت علينا القيادة بخطابٍ ناري وضع النقاط على الحروف ورسم الخطط والاستراتيجيات وكشف نوايا أمريكا وحلفائها، وقال كلمته ورسالته التي لطالما ستدرس أبعادها في البيت الأبيض تجنباً للوقوع في المحظور الذي حذر منه السيد القائد.

ونحن كشعبٍ يمني نتوجّـه بكل معاني الشجب والاستنكار والأسف للمطبعين وتصريحاتهم وبياناتهم وندعو شعوبهم لإصلاح هذه الفضيحة ومصالحة العدالة والضمير العربي والإسلامي واقتلاع أُولئك الحكام ورفع صوت الحق ونبذ المحتلّ حفاظاً على ما تبقى من كرامة وشهامة هذه الأُمَّــة، فإن لم تقل الشعوب اليوم كلمتها فمتى يحين الوقت مرةً أُخرى للكلام؟

اصنعي أيتها الشعوب التغيير بالإرادَة وتجاوزي الخوف بعشق الشهادة، فلا قيمة للحياة تحت أقدام بني صهيون، ولا معنى للحياة عندما نرى الطفل والمرأة والأم والأب يسقطون شهداء دفعة واحدة في غزة المحاصرة.

امض بنا يا سيدي فأنت من حملت هموم الأُمَّــة في زمن تخاذل فيه الحكام وانبطحوا، امض بنا لمعركة الخلاص والتحرير، امض واعبر وهدّد فأنت القائد الصادق ونحن الشعب الوفي، هدّدت في خطابك ونثق تماماً بما تقول، ويعرف الغرب وإسرائيل صدق خطاباتك ويعملون لها ألف حساب، فامض وامسح عن هذه الأُمَّــة العار والهزيمة وامنحها نصراً يدونه التاريخ في هذا العصر قبل أن تطوى صفحة هذا العصر بقصص كلها هزائم وانكسارات لأمة الانتصارات.

لقد عقدنا العزم مع السيد القائد، وبعنا أرواحنا لله، قادمون لمعركة الخلاص والتحرير، وهذا الشعب هو شعب الخلاص وشعب التحرير، وليقف العالم احتراماً وإجلالاً للقائد الذي صدع بالحق أمام أكبر طغاة العالم ولم يخف أَو يتراجع أَو يخشى شيئًا حتى أرعبهم؛ فطوبى لبلدٍ شعبه اليمانيون وقائدُه السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي.

* المصدر: صحيفة المسيرة