تداعيات أحداث غزة على مستقبل الساسة في مصر
محمد الجوهري*
في أواخر عام 2008 ومطلع 2009 شن العدو الصهيوني عدواناً دموياً على غزة استمر 22 يوماً وسقط خلاله أكثر من 1100 شهيد فلسطيني جلهم من المدنيين.
كان واضحاً أن كيان إسرائيل أراد في 2009 إعادة احتلال القطاع الذي خسرته قبلها بأربع سنوات عندما وافق أرييل شارون -رئيس حكومة العدو حينئذ- على الانسحاب من غزة بالكامل، وإخلاء المستوطنات وإجلاء الصهاينة كافة تحت وطأة التصاعد المستمر لضربات المقاومة الفلسطينية.
ورغم حجم التضحيات الفلسطينية إلا أن فصائل المجاهدين في غزة حالت دون وصول قوات الاحتلال إلى القطاع وأفشلت زحوفاته رغم حدتها وما رافقها من غطاء جوي كثيف، وانتهى الأمر بهزيمة أخرى للعدو عجلت بسقوط حكومة “إيهود أولمرتز” وإضافة عار آخر لتاريخه الأسود يضاف لهزيمة حرب تموز في لبنان.
إلا أن تداعي الهزيمة لم يقتصر على كيان العدو وحسب، بل امتد ليشمل حلفاءه في المنطقة وفي مقدمهم الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك الذي ساند الصهاينة في ذلك العدوان الآثم.
فمنذ الساعات الأولى للقصف الصهيوني على القطاع كان نظام مبارك قد عقد العزم على حصار غزة ومنع وصول أي مساعدات إنسانية بغية تعقيد موقف المقاومة داخل القطاع، وإجبار المجاهدين على الرضوخ للاستسلام والتخلي عن السلاح لضمان سلامة اليهود المحتلين في المستقبل، إلا أن عاقبة ذلك لم تكن كما توقعت تل أبيب وحليفها في القاهرة حيث انقلب السحر على الساحر وسقط مبارك ونظامه دون أن تضطر غزة لتقديم أي تنازلات.
وبدلاً من تأليب الشارع الفلسطيني ضد فصائل المقاومة انتهى الأمر بتأليب الشارع المصري ضد حكومته وبدأ منذ ذلك اليوم العد التنازلي لرحيل حليف الصهاينة محمد حسني مبارك وسقوط نظامه الذي حكم مصر لثلاثين عاماً.
العبرة من ذلك لم تؤخذ، فغزة اليوم تشهد عدواناً مماثلاً لا يقل عن سابقيه دموية ولا جديد في ذلك إلا أن نظام مصر اليوم يعيد نفس الخطأ التاريخي لسلفه دون أن يحسب حساب الخسارة نفسها، فالتاريخ القريب أثبت أن غزة الصغيرة تؤثر في محيطها ولا تتأثر وأن المتآمرون عليها يدفعون ثمن ذلك وبالاً على مصالحهم ومستقبلهم في السلطة.
والأجدر بنظام السيسي اليوم أن يعتبر بذلك وأن يدرك أن مستقبله هو الآخر مرهون بما يجري لأشقائه الفلسطينيين وأن حجم التضحيات بتأييدهم لن تكون بحجم السقوط الأخلاقي جراء خذلانهم، من الأجدر أيضا بالنظام المصري ان ينحاز للمطالب الشعبية المساندة بقوة للقضية الفلسطينية والمنادية بتحرير كل فلسطين من دنس اليهود، مالم فقادة اليوم بانتظار السقوط والمحاكمة على غرار حكام الأمس، وإن غداً لناظره لقريب.