السياسية:
فادي رمضان*

يعتمد العدو الصهيوني في بداية كل معاركه مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على الطيران الحربي بقصف المناطق المستهدفة بإلقاء آلاف الأطنان من المتفجرات بواسطة طائراته مستغلا تفوقه الجوي لعدم وجود قدرات عسكرية لدى المقاومة الفلسطينية قادرة على ردعه، ملوحا بالاجتياح البري محركا دباباته وآلياته العسكرية باتجاه الجنوب، لكن سرعان ما تتلاشى هذه التجربة ليتضح بأنها مجرد فقاعة إعلامية، محاولا من خلالها بث الرعب لدى المواطنين معتقدا بأنه سيشكل ورقة ضغط على المقاومة الفلسطينية.

تختلف نتائج المعركة باستخدام السلاح الجوي عن الاجتياح البري؛ حيث أن الأول يستطيع من خلاله تحقيق بعضاً من الأهداف المعلنة في بداية المعركة؛ لكن لا يؤدي للحسم، لتنتهي المعركة إما ايقافها من جانب واحد؛ أو من خلال مفاوضات مُرضية لطرفي المعركة، على العكس من الاجتياح البري الذي يستطيع أن ينهي المعركة اما بحسم الانتصار أو العودة بهزيمة والتي تكون فاتورتها عالية جدا.

صدق العدو الصهيوني في تهديده بالاجتياح البري في اليوم الثاني من بدء معركة العصف المأكول ال 7 من يوليو 2014، لكنه تكبد خسائر كبيرة من ضمنها أسر الجنديين شاؤول أرون شرق غزة في كمين لكتائب القسام، وأدى لمقتل 14 جندي،  وهدار غولدن شرق رفح، وانسحب الجيش الصهيوني في ال 5 من أغسطس من الغزو البري بينما استمر في القصف الجوي؛ معلنا فشل الغزو البري، ومع بداية عملية طوفان الأقصى عاد الجيش الصهيوني للتلويح بذلك، معلنا فشل سياسته السابقة في مسار المعارك التي خاضها ضد قطاع غزة، حيث أنه وبعد كل معركة تتطور قدرات المقاومة لتفاجئ الجيش الصهيوني بالمعركة التي تليها بقدرات ووسائل جديدة متطورة عن المعركة التي تسبقها، وبحسب مسار العملية الحالية من استخدام سياسة الإبادة الجماعية والأرض المحروقة ضد المدنيين في مناطق وسط قطاع غزة فسيدو بأن الاحتلال ينوي حقيقة بالاجتياح البري واعتقادي هذا مبني على التالي:

أولا: أن كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية وجهت ضربة قوية للجيش الصهيوني في غلاف غزة لم يتلقاها منذ بداية تأسيس الدولة وستتناقلها الأجيال؛ على صعيد المباغتة والتكتيك وعدد القتلى والأسرى وسط الجنود والمستوطنين، وهو غير قادر على استيعاب ذلك.

ثانيا: إن ما كان يجعل العدو يتردد في هذا الخيار في المعارك السابقة هو التكلفة العالية على صعيد الخسائر البشرية لجنوده أو الخسائر التي ستتكبدها معداته وآلياته، وأعتقد أن هذا الخيار قد كُسر منذ بداية المعركة وأصبح خارج الحسابات، لان ما كان يخشاه قد وقع؛ وتم تدمير فيلق الجنوب ليصبح خارج الخدمة.

ثالثا: لا يستطيع اليمين المتطرف تحمل نتائج خسائر هذا الخيار لوحده، وبعد تشكيل حكومة الطوارئ باتت الدولة بجميع مكوناتها تتحمل النتائج.

رابعا: وجود بلينكن وزير الخارجية الأمريكي وجولته على بعض الدول العربية؛ ووصول وزير الدفاع الأمريكي الى تل أبيب؛ والدعم العسكري المفتوح؛ وتحريك الاسطول الأمريكي في المتوسط باتجاه الكيان؛ ووصول أول طائرة أمريكية محملة بالسلاح للكيان يهيئ الأجواء للعدو بالاجتياح البري.

خامساً: استخدام سياسة الأرض المحروقة او الحزام الناري في الأماكن السكنية المدنية في قصف الأبراج؛ وقتل المدنيين والتعمد بإيقاع أكبر عدد ممكن من الشهداء، وتهجير السكان من المناطق الحدودية ليسهل الاجتياح على جيشه البري حسب مخططاته.

لكن ما لا يريد ان يفهمه العدو أن كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية ومنذ انسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة أغسطس 2005 وحتى يومنا هذا تتجهز لمثل هذه المعارك، وقد بنت معظم قدراتها وتكتيكاتها لمثل هذه المواجهة، لذلك من مكاسب المقاومة التي ستجنيها:

أولا: المقاومة تريد حالة الاشتباك هذه لتتمكن من تصحيح المعادلة، وقد حصلت المواجهة المباشرة في أكثر من مناسبة وكان آخرها طوفان الأقصى وقد ربحت بها جميعا.

ثانيا: تعتبر تكلفة الاجتياح البري بالنسبة للمقاومة أقل من تكلفة القصف الجوي؛ من حيث طبيعة الوسائل القتالية المستخدمة وعلى صعيد الخسائر البشرية بين المقاومين مقارنة بخسائر جيش العدو، حيث انها طورت من وسائلها القتالية بشكل ملحوظ.

ثالثا: استطاعت كتائب القسام والمقاومة من بناء شبكة أنفاق داخلية حتى الآن معطلة، وسيتم تفعيلها في حالة التوغل البري.

رابعا: ستستطيع المقاومة من الاستفادة من حالة الغليان والانتقام وسط المدنيين التي ولدها جيش الاحتلال من خلال اتباعه لأسلوب القتل والتشريد لأهل القطاع.، وستكون وسائل الانتقام متاحة لجميع المواطنين.

خامسا: ستحتاج هذه العملية لعدد كبير من الجنود والفيالق مما سيخفف الضغط على المقاومة في الضفة وفي محاور أخرى، وسيدفعها لتكثيف العمليات وسط دولة الاحتلال مما يولد حالة من الارتباك في الاحتلال، وهذا ما تسعى له حركة حماس حيث ان المعركة هي معركة الأقصى وساحات أخرى وليس غزة فقط.

سادسا: هذا الاجتياح سيؤثر على الاقتصاد داخل كيان الاحتلال نظرا للتعبئة العامة الموجودة والتي قد تستمر لعدة أسابيع لو تم استخدام الاجتياح البري، وهذا سيرهق الكيان المؤقت بجميع مفاصله.

* المصدر: موقع الخنادق اللبناني

* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر