لو اتخذ الأوكرانيون الخطوات التي اتخذها الفلسطينيون حالياً، فهل كان سيُنظر إليهم كأبطال؟
بقلم: فايز الجيلاني
ترجمة: نجاة نور، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”
عندما نشاهد الأحداث التي تتكشف في قطاع غزة المحاصر، حيث يقاتل مقاتلو المقاومة من أجل حقوق شعبهم التي تم اغتصابها منهم منذ أكثر من 50 عاما، لا يسعني إلا أن أتذكر المشي في لندن وزيارة السفارة الروسية، حيث قام الناشطون برسم العلم الأوكراني على الأرض.
كانت المملكة المتحدة في طليعة الدول التي أدانت تصرفات روسيا في أوكرانيا، مؤكدة على تضامنها مع كييف ووضعت هذا الدعم موضع التنفيذ بعدة طرق.
عندما غزت موسكو أوكرانيا لأول مرة، أعلنت معظم الدول الأوروبية دعمها الفوري لكييف من خلال المساعدات العسكرية والمالية.
وفي غضون أيام قليلة، تعرضت روسيا لعقوبات، وتم اتخاذ خطوات لإضعاف قدراتها المالية.
لقد تُرك المضطهِد معزولًا ويفتقر إلى الحلفاء.
وهذه المجاملة لا تُمنح لأولئك الذين يعيشون تحت أطول احتلال مستمر في العالم؛ حاصرت إسرائيل الشعب الفلسطيني واستولت على ممتلكاته وأماكنه الدينية.
وعندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين، فإن وسائل الإعلام تشيح بنظرها الى الاتجاه الآخر، وتفشل في النشر عن الحصار المفروض على غزة منذ 17 عاما، أو كيف أعلنت الأمم المتحدة أن غزة غير صالحة للسكن.
لقد انتزعت أرض فلسطين من أيدي أصحابها، ويستولي عليها الاحتلال الإسرائيلي – بهدف ضمها بالكامل.
ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح في الضفة الغربية المحتلة، حيث تتقلص الأراضي الخاضعة للسيطرة الفلسطينية بشكل يومي.
ومع ذلك، فإن الاحتجاجات الداعمة لهؤلاء الأشخاص المضطهدين لا تحظى بنفس الترحيب الذي حظيت به الاحتجاجات في أوكرانيا.
في عام 2014، بينما كانت إسرائيل تقصف قطاع غزة بالصواريخ التي أدت إلى مقتل أكثر من 2250 شخصا، ارتدى معين علي، لاعب فريق الكريكت الإنجليزي، سوار معصم مكتوب عليه “فلسطين حرة”، خلال مباراة ودية أمام الهند.
وسرعان ما مُنع من ارتداء هذا “العرض السياسي” للتضامن.
وبالمثل، في عام 2021، عندما كانت إسرائيل تقصف غزة، لوح لاعبو مانشستر يونايتد، بول بوجبا وأماد ديالو، بالعلم الفلسطيني في نهاية المباراة لإظهار دعمهم لشعب غزة، داعين إلى السلام، ودعت وسائل الإعلام الرئيسية إلى السرد القائل بأن الرياضة يجب أن تظل خالية من التأثيرات السياسية وبعيدا عن الارتباطات الشخصية.
ولكن بالنسبة لأوكرانيا فإن الأمور مختلفة، فمن التنس إلى كرة القدم إلى الألعاب الأولمبية، اختلطت السياسة بالرياضة.
تم تغيير اسم الدوري الإنجليزي الممتاز، مما يصور دعمه الكامل لأوكرانيا.
ذهب نادي عموم إنجلترا للتنس ((AELTC إلى أبعد من ذلك وفرض حظرا تاما على جميع اللاعبين الروس والبيلاروسيين من المنافسة في بطولة ويمبلدون جراند سلام المرموقة في عام 2022.
يلجأ الغرب، الذي نصب نفسه بطلاً لحرية التعبير، إلى آلية انتقائية لممارسة دعمه للروايات.
وحتى الآن، ومع مقاومة حماس، لم يأخذ زعماء العالم، سواء كان بايدن أو سوناك، أي وقت لمد يد العون لحليفتهم إسرائيل.
ومع “الدعم القوي والثابت” للرئيس الأمريكي، يتجه الدعم العسكري نحو الشرق الأوسط لدعم إسرائيل.
قامت وسائل الإعلام، في أعقاب أجندة الدولة الخاصة بها، بشتم حماس ووضع غطاء من البراءة على إسرائيل، متجاهلة تماما احتلالها المستمر وقمع الفلسطينيين الذي وصفته جماعات حقوق الإنسان الدولية بالفصل العنصري.
الغرب ليس وحده في النفاق، فقد نال العالم الإسلامي نصيبه من أوجه القصور فيما يتعلق بالنضال الفلسطيني.
دعا رئيس وزراء باكستان، أنور الحق كاكار، إلى حل الدولتين، لكنه لم يسلط الضوء على الوحشية التي تمارسها إسرائيل على الفلسطينيين.
في حين دعت منظمة التعاون الإسلامي الهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة إلى ضمان حماية المدنيين الفلسطينيين.
لكن قطر سارعت إلى تحميل إسرائيل مسؤولية التصعيد في غزة.
كما أعربت وزارة خارجيتها عن مخاوفها من أن تستخدم إسرائيل هذا الحادث كسبب لبدء حرب غير متناسبة ضد المدنيين في غزة.
إن الوضع في غزة يذكرنا بأن إنهاء الاستعمار ليس فكرة مجردة.
إنها حقيقة تتجاوز كتب التاريخ والأوراق البحثية وحلقات النقاش.
إن الهجوم الأخير الذي قامت به حماس هو موقف اتخذه الفلسطينيون.
وبعد سنوات من الإبادة الجماعية والاستيلاء على الأراضي وانتهاك حقوق الإنسان الأساسية، يأتي وقت يصبح فيه القمع لا يطاق، ويُنظر إلى الثورة من خلال الكفاح المسلح على أنها السبيل الوحيد للخروج.
لذا، فبينما تسمي وسائل الإعلام العالمية هذا “الإرهاب”، علينا أن نتذكر أن المضطهدين لا يمكنهم الاستمرار في الاستلقاء بلا حراك على الأرض بينما يدوسهم الاحتلال في كل مكان، ويستمر المجتمع الدولي في التنازل عن الحقوق القليلة المتبقية لهم.
– موقع ” ميدل إيست مينتور- Middle East Monitor” البريطاني
– المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع.