فتحي الذاري

مسيرة نضال ١٤ أُكتوبر تعود إلى عام ١٩٦٣م عندما خرج الشعب اليمني في جميع أنحاء البلاد في ثورة ضد الاحتلال البريطاني، كانت هذه المسيرة هدفها الرئيسي تحقيق الاستقلال والحرية لليمن من الاحتلال البريطاني بدأ النضال في ١٤ أُكتوبر ١٩٦٣م في المحافظات الجنوبية، حَيثُ خرج الشعب اليمني في احتجاجات سلمية شاملة ضد الاستعمار البريطاني.

ونظرًا لنجاح المظاهرات في تحريك الشعب والتضامن الوطني، انتشرت الثورة في جميع أنحاء اليمن وانضم إليها العديد من القادة الثوار، خلال هذه الفترة تشكلت كتائب وحركات ثوار في جميع أنحاء اليمن وتطوع العديد من الشباب للقتال ضد الاحتلال البريطاني، حملت المسيرة الثورية رسالةً واضحةً للعالم بأن الشعب اليمني لن يقبل بأي شكل من أشكال الاستعمار والاحتلال وفي النهاية بفضل تضحيات الثوار اليمنيين وتحَرّكاتهم الجبارة تم تحقيق استقلال اليمن الجنوبي من الاستعمار والاحتلال البريطاني وإعلان جمهورية اليمن الديمقراطية، وفي الـ٣٠ من نوفمبر ١٩٦٧م كان طرد آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن.

مسيرة نضال ١٤ أُكتوبر تمثل رمزاً للصمود والتضحية والنضال؛ مِن أجل استعادة الحرية والاستقلال في اليمن، إنها ذكرى تحمل قيم الوحدة والتضامن الوطني وتذكرنا بأهميّة الحفاظ على السيادة بوجه التدخلات الأجنبية والاحتلال.

إن ثورتَي ٢٦ سبتمبر و١٤ من أُكتوبر تحملان مبادئَ وقيمًا وطنية لمناهضة الظلم ورفض الوصاية والتبعية السياسية، وتعد قيماً عظيمة تدعو إلى الحرية والعدالة والاستقلال، ومع أن هناك الأهداف الثورية المشتركة والتي نبتت من معترك نضال ثوري مشترك لمصير مشترك إلَّا أن الخارطة السياسية كانت نتائجها إلى يمنين رغم وحدة الشعب اليمني وتلاحمه الاجتماعي والثقافي، وهذا التلاحم العميق الذي كان المسار الضاغط لكل القيادَات السياسية المتلاحقة في قيادتي السلطة لليمن المقسم جغرافياً نحو الوحدة اليمنية، رغم الصراعات السياسية في جنوب اليمن وشماله والأساليب القمعية والتصفيات الجسدية للوصول إلى السلطة، حتى قيام الوحدة اليمنية في ٢٢ مايو ١٩٩٠م التي كانت نتاجاً ومطلباً لإرادَة الشعب اليمني والمتوارثة جيلاً بعد جيل، رغم الصراعات والتوجّـهات السياسية والاقتصادية العالمية، وانهيار الكتلة الشرقية العالمية ودخول العالم تحتَ أنياب القرصنة الأمريكية الغربية، وهذا النظام الجديد لم يترك اليمن وشعبه للعيش بسلام.

تمكّنت أيادي وأذيال الغرب وأمريكا من إشعال الفتن وخلق الصراعات السياسية بين الأحزاب في السلطة حتى نشوب حرب صيف ١٩٩٤م، وكانت الولاءات لتنفيذ الأجندة الخارجية الأمر الذي عمل على إجهاض المبادئ والقيم الأَسَاسية التي قامت لها ثورتي الرابع عشر من أُكتوبر والسادس والعشرين من سبتمبر، والتي عمل المتمصلحون على إنهاك مقدرات البلاد وتدمير إمْكَانياته وانتشار الفساد والمفسدين وضعف الأجهزة الأمنية والقضائية، والأعباء الاقتصادية والاجتماعية، والامتثال للتدخلات الخارجية وفرض الوصاية والتبعية السياسية، كان التمكين لهذه التدخلات الخارجية من قبل الأحزاب الحاكمة وتدمير مقومات الدولة الدفاعية.

عاش اليمن في صراعات سياسية لم تجن سواء الأعباء الاقتصادية والاستنزاف لموارد البلاد وثرواته والتدخلات الخارجية في شؤون البلاد وفرض الوصاية وارتهان ذلك للبقاء في السلطة، حَيثُ كانت المصلحة الشخصية طاغية على مصالح الشعب، وكانت تدار بكواليس نتائجها خيانة الأمانة العامة وخيانة الأوطان، وهناك العديد من الشرفاء من أبناء الوطن الغيورين على مصالحه الثورية وشؤونه العامة؛ تجسيداً لروح الانتماء والولاء لله والوطن، وتحمل روح التصحيح والتوجه في المسار الثوري في اليمن.

انتفض الشعب اليمني ضد الوصاية والتدخلات الخارجية والاعتماد على مقدرات البلاد تلبية لإرادَة الشعب في محاربة الفساد والدفاع عن سيادته وحقوقه، ورفض الوصاية والتدخل السعوديّ الأمريكي في اليمن، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتنمية البلاد بشكل شامل، وبتوحيد الجهود الوطنية يمكن لليمن أن يحقّق تغييرًا إيجابيًا واستعادة الأمن والاستقرار، والتصدي للغزاة والمحتلّين ومرتزِقتهم في الداخل والخارج، وتجاوز الحصار الاقتصادي، والعمل المجتمعي المشترك والمبادرات المجتمعية لتحقيق التنمية المستدامة، وبناء الجيش اليمني، ورفد الجبهات بالغالي والنفيس، والجيش اليمني هو من حقّق الانتصارات ضد دول تحالف العدوان السعوديّ الأمريكي ومرتزِقتهم في اليمن، وعلى الشعب أن يستلهم روح الثورات الوطنية السابقة، ودعم قوى الشعب وتطلعاتها للوصول إلى الانتصار ويسود العدل والازدهار في جميع مناحي الحياة، بقيادة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله ورعاه- واستخلاص الدروس والقيم الثورية التي تنبع من القيم والمبادئ الأَسَاسية لعترته آل بيت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-.

ولتصحيح المسار النضالي الذي كان السبيل إلى قيام ١٤ من أُكتوبر وطرد البريطانيين من جنوب الوطن اليمني، ومحاولة لتغيير الأوضاع الحالية، وتحقيق تغييرٍ إيجابيٍّ في نطاق المحافظات الجنوبية من اليمن، والواقعة تحت احتلال دول تحالف العدوان السعوديّ الأمريكي، يعود إلى أهميّة انتفاضة الشعب اليمني في المحافظات الجنوبية ضد الوصاية والعدوان والاحتلال الأمريكي السعوديّ ومرتزِقتهم لتحقيق إرادَة الشعب ومناهضة كافة القوى السياسية في الجمهورية اليمنية للعدوان ومحاربة الاحتلال والدفاع عن الوطن ورفض التدخل والاحتلال السعوديّ الإماراتي الأمريكي في جنوب اليمن، ولم نجد في تاريخ العالم أن المحتلّين يصنعون أوطاناً للشعوب في أوطانهم المستعمَرة، ولا يمكن إنكار مسيرة اليمن الخالدة من النضال والصمود ضد الظلم والتدخلات الخارجية، يرجع النضال اليمني إلى الحركات والثورات التي شكلت نقطة تحوّل في مسار تاريخ البلاد وفقًا لإرادَة الشعب اليمني، والعاقبة للمتقين.

  • المصدر: صحيفة المسيرة