بقلم د.يوسف الحاضري

جاءت أولى التغييرات الجذرية والتي أعلن عنها الشعب بلسان قائده السيد عبدالملك الحوثي في نهار الربيع المحمدي ١٢ ربيع الاول ١٤٤٥ بعد ان تأخرت لحوالي تسعة أعوام اثر انشغال الشعب والقيادة بالتصدي للعدوان والذي كان اهم اهداف العدوان تقويض هذا التحرك الشعبي الذي هو أهم أسس واساس ثورته الشعبية ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ والتي ارتكزت على جانبين هامين واساسيين يمسان حاجة المواطن الخدمية (متمثلا بالحكومة) والحقوقية ( متمثلا بالقضاء ) وانا من هنا سأضع رؤيتي الشخصية التي يجب ان يهتم بها كل وزير ومسئول في الحكومة القادمة وأيضا يهتم بها الإعلاميون والناشطون والمجتمع ليساندوا الحكومة في النجاح لان نجاحها سيؤدي الى خدمتهم وينعكس على الشعب ككل وفشلها سيؤدي أيضا الى تقليص حقوقهم وذلك كالتالي :-
١- الأقارب والاصحاب: هذه أول خطوات الفشل لأي مسئول وذلك عندما يبدا في التفكير فيهم لتسليمهم زمام الأمر وتقريبهم وترفيعهم بما لا يستحقونه وغالبا ما يسقط هؤلاء في الضغط الممارس عليه من الأقارب والأصدقاء ومطالبتهم بذلك وفقا لثقافة مسئولية سابقة متجذرة في المجتمع فيؤدي غالبا ذلك اما للفشل او للاحباط لذا على المسئول القادم ان يعي هذه النقطة فكما جاءت به كفاءته ليخدم الشعب فعليه ان يبحث عن الكفاءة فيمن يسانده بعيدا عن أي اعتبارات شخصية .

٢- ثقافة المسئولية الفاسدة السابقة :  وهذه ترتكز بشكل رئيسي على مفهوم (ان المسئول الصحيح هو من يخدم أهله وأصحاب منطقته) في وقت ان مسئوليته تحتم عليه ان يخدم أبناء الشعب اليمني كاملا سواء يعرفهم ويقربون له أو لا يعرفهم ولا يقربون له وات يكون المسئول قوام ومتحرك بالقسط والعدل وموجب العدل يحتم عليه أن ينظر للجميع بمن فيهم نفسه ووالديه واقاربه بعين واحدة( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) حتى لأولئك الذين يضعهم في خانة العداء له (ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى)

٣- الأبتعاد عن وسيلة الاعلام وصناعة اعلام واعلاميين له خاصة يمجدونه سواء بما يستحق او بما لا يستحق وان يترك الشعب المتلقي للخدمة يتحدث هو عما انجزه دون النظر ايضا لما يتحدث المجتمع عنه لان الخادم طالما لا يهتم بما يقوم به في خدمة سيده والمسئول هو خادم والشعب هو السيد (إِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحِينَ بِمَا يُجْرِي اللهُ لَهُمْ عَلَى أَلْسُنِ عِبَادِه) ثم ان النظر للذات بما تستحق او لا تستحق يؤدي الى ادغال القلب اي امتلاءه بالزهو ثم التضخم الذاتي عند النفس حتى يرى نفسه اعلى العليين.

٤- ان ينظر الى كل انجاز ينجزه انه مازال مقصرا فيه حتى لو بلغ الانجاز عنان السماء وان ذلك هو توفيق الله له لكي لا يحمل أصرا فوق ظهره وايضا لكي يخدم به الناس

٥- كما ان الشعب معني بألا يهتم بإعلام العدو الساعي لافشال حكومتهم المسئول ايضا معني بذلك وعدم الاهتمام بهذا الاعلام لانها تعتبر من اهم العوائق النفسية التي تصنع القلق السلبي في النفوس وهذا القلق السلبي يؤدي الى التخبط في التحرك والاداء والعمل.

٦- ان يدرك المسئول ان الصبر الذي يأمله من الشعب لا يجب ان يطول فالمجتمع يحتاج لخدمات على مدار الساعة ويحتاج الى الارتقاء بها وهذه نقطة مهمة جدا على المسئول ان يتحرك من اول لحظة يعلن فيه اسمه بانه خادم للشعب في المجال هذا او ذاك

٧- ان يدرك المسئول ان قبوله بالمسئولية يعني ان وقته أصبح خاصا بالمجتمع ولم يعد ملكا له فالمملوك ملكا لمن يملكه والا فعليه ان يعتذر من ان يصبح مسئولا في هذا المنصب فالمفهوم السابق للمسئولية سيتلاشى تماما ويحل محله المفهوم الحقيقي القراني وان الراحة والرقي والجاه الذي تهفو اليه النفوس عليه ان يتركها الى الجنة التي هي خير وابقى ولن يحصل على ذلك الا بالقيام بمسئوليته العبودية الخدمية على اكمل وجه.

٨- ان يجعل له يوميا ساعة هي اصفى الساعات واهمها الى نفسه للجلوس مع نفسه ويناجي الله تعالى بصدق ووعي وثقة بأن يوفقه ويهديه الى السبل السليمة السديدة لمقاومة نفسة الامارة بالسوء وايضا السبل السليمة لخدمة المجتمع وان يعتمد في ذلك على عدة امور اهمها توجيهات الله الموجودة في (القران الكريم) وبعض الأمور الاخرى كعهد الامام علي لمالك الاشتر وغيرها لتبقى نفسيته زكية نقية طاهرة وهذا هو الزاد الاهم والاقوى والاقوم لتقويم اي اعوجاج لديه او قد يحصل لديه مع التحرك المستمر في العمل والمسئولية.

٩- ان ينزل بأستمرار الى المجتمع والاستماع الى همومهم ومشاكلهم وان يحلها باستمرار وان يوضح لهم أي إلتباس او تشويش سيحصل لديهم وان يضع الوضع الحالي والقدرات والامكانيات المتاحة بين ايديهم وأن يحرك كل معاونيه من نواب ووكلاء ومدراء ومدراء مكاتب المحافظات بنفس العمل هذا خاصة وهو لوحده لا يستطيع الاستماع للناس اجمعين.

١٠- ان يبتعد عن المظاهر البراقة الخداعة المتمثلة ب(السيارات الاحدث) و (المرافقين الكثر) والكاميرات المتعددة فهذه أمور تؤدي الى افساد النفسية وتدميرها بحيث تصبح عاجزة كل العجز عن خدمة الاخرين والبحث المستمر عن خدمة نفسه في هذه الجوانب.

١١- (ان حفيظ عليم) :- ما لم يمتلك المسئول هذه الخاصيتين الهامتين (الأمانة والمعرفة) عليه ان يمتلك ثقافة الاستقالة المباشرة عندما يرى نفسه غير قادر او جدير بالمهام الموكلة اليه مستندا في ذلك على تقواه من الله وخوفه منه ومن ان يحمل اوزارا هو غني عنها وان يتيح الفرصة لمن هو اجدر وأقدر بذلك وهذا ليس عيبا على الإطلاق فهناك مسئولون شرفاء ولكنهم غير قديرين اي انهم حافظين للامانة ولكنهم غير عليمين بالتحرك والعمل السليم.

وغيرها من ثقافات معرفية وعملية يجب ان تستقى من القران الجد الذي ليس بالهزل والذي حكم به عدل ومن تحرك به نجح وما دون ذلك من دساتير ليست ذات مرجعية قرانية وما ينبثق منها من قوانين التي تأتي منها اللوائح الداخلية هي من اهم اسباب الفساد والفشل الدائم ليس في اليمن فقط بل في العالم اجمع.

  • كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية
    abo_raghad20112@hotmail.com