السياسية || محمد الغفاري:

يوماً سترفع الأقلام وتجف الصحف ويقضى كل أمر ولم يعد باستطاعة أي أحد إضافة شئ في صفحته، وعلى مر التاريخ.. وهناك مؤرخون يعملون على صياغة ما يحدث في التاريخ وتوثيقه من أجل الأجيال القادمة وليتوارث الأحداث جيل بعد جيل وارتباط الماضي بالحاضر والمستقبل وهناك مقولة شهيرة “من لم يكن لديه ماضي ليس لديه حاضر ومستقبل”.. ونحن كشعب يمني عريق، نمتلك اعرق الحضارات من “سبأ وحمير والتبع اليماني وكنعان وذوالقرنين و أسعد الكامل ومدينة سام و الأوس والخزرج” المناصرين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم واول من احتفل به وناصره.

 

اول احتفال و أبتهاج بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم:

مهما اختلف الرواة فإنهم جميعاً اتفقوا على أن أول من هلل ورحب واحتفل بالرسول الأعظم هم الأوس والخزرج (الأنصار) فكانت ابتهاجاتهم مرسومة إلى اليوم وتدرس في المدارس وتذكر في جميع الخطابات والمناسبات والأناشيد فحروف قصيدتها نحتت من اعماق قلب يملأه الايمان والحب لرسول ومنقذ ونبي هذه البشرية.

 

 

فكان امتداد هذا الابتهاج متوارث لدى اليمنيين على مدى التاريخ ولم يكن مقتصراً على فئة أو طائفة بعينها بل كان ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم بهجة وفرحة وزخم ديني ينبع من اعماق قلب صادق لله ولرسوله.

 

 

لن يكون المولد فقط من أجل ميلاد النبي فقط بل كان ومازال يفتخر به اليمنيين في حياتهم، ويعتبر “المولد” طقس ديني لدى اليمنيين ويقيموا تلك الموالد الدينية في المنازل والمساجد كعادة اجتماعية عند انجاز بناء سكن أو الحصول على مولود وغيرها.. ويعتبر ذلك بشارة خير من أجل أن يبارك له الله فيه .

 

 

ومن منطلق أعلام الهدى الذي ارتباطهم قرآني نبوي محمدي فإن الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي سلام الله عليه رأى احياء هذه الذكرى لنشكر الله سبحانه وتعالى ما امتن به من مبعث رسول الله علينا رسولا الينا أن جعلنا من أمة هذا النبي العظيم الذي جعله خاتم النبيين والمرسلين قال الله تعالى ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ [ سورة آل عمران: 164].

وأن مولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وابتعاثه نبيا هادياً لهذه الامة إنما هي نعمه عظيمة لا نستطيع أن تؤدي شكرها وعندما نحيي هذه الذكرى فإننا نحاول أن نعبر عن مدى ما نكنه على هذه النعمة العظيمة .

 

 

فكان لهذا ارتباط ديني من أجل إحياء النفس وتزكيتها من أجل الله ورسوله فهذا اليوم بمثابة إعادة المبايعة لرسوله واتباعه والولاء له في زمن الخنوع والخضوع الطغاة والمستكبرين وطمس الهوية الإيمانية المحمدية فهنا ومن منطلق ايماني دع السيد القائد العلم عبدالملك بدر الدين الحوثي لإحياء هذا اليوم على اوسع نطاق وبشكل وزخم يشفي صدور قلوب المؤمنين .

 

 

تفاعل أهل اليمن والمجتمع في احياء هذا اليوم العظيم لم يكن مقتصراً على مجموعه أو فئة بعينها بل بأوسع وأجمل نطاق وبزخم تنافسي وتفاعل ليس له نظير يوثق الاتصال الديني مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفرحت الأوس والخزرج في المدينة فها هم اليوم احفاد الأنصار وبعد ١٤٤٥ه‍ في صنعاء وبفرحة وابتهاج أجدادهم يحيون ويرحبون ميلاد الهدى وطلعت البدر عليهم بالأنوار الخضراء.

 

 

ابتهاج المؤمنين بهذا اليوم هو ليس ابتهاج فردي مختلق وانما هو أمر ألهي أمرنا الله أن نفرح بهذا النبي الذي انقذ الأمة من سبات الطغيان والمعاصي وهداها إلى طريق الحق المبين واخرجهم من الظلمات إلى النور قال تعالى ﴿ قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلۡيَفۡرَحُواْ هُوَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ ﴾ [ يونس: 58]. 

وخروج اليمنيين في مليوني يؤكدون عظمة ابتهاجهم بهذا النبي صلوات الله عليه وآله وسلم ومدى فرحتهم به.

 

 

فهناك عندما تجد من ينهج نهج رسول الله ويسلك سلوك رسول الله فهذه هي السنة وليس هناك اجدر من اعلام الهدى وقرناء القرآن الكريم الذين يربطوننا بهذه الأشياء الجامعة – القرآن الكريم – والرسول محمد صلى الله عليه وآله، فبالتالي من يستحق الحب هو رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم، من منا ويستحق التعظيم ومن يستحق أن نشعر بالتعليم نحوه لأن ما قام به من اجلنا لا يمكن أن نجازيه ابدا ولا يمكن أن يجازيه إلا الله عز وجل بذلك، وعندما نعظم الرسول ونجله ونتصل به، فإننا ننهج نهجه من قيمه وأخلاقه وتعاليمه، وتكون حركتنا مبنية على الاقتداء به وارتباطنا بالرسول صلى الله عليه وآله، وارتباط بالمنهج الذي هو الصراط المستقيم، فهنا تنسف كل مخططات اليهود والنصارى الذي يسعون إلى فصل الناس عن مصدر الهداية، وعند إقامة هذا المولد، واعدة الولاء وأحياء هذا اليوم وتعظيمه، فإننا نشكل حصن عظيم لا يمكن لأي قوة في الدنيا أن تكسرها.