السياسية:

خلال الأيام الماضية وبعد تسع سنوات من العدوان على اليمن استضافت السعودية وفداً سياسياً من الداخل اليمني وصل إلى أراضيها، في أول زيارة علنية قام بها وفد الحوار الوطني إلى السعودية، وذكرت قناة “الإخبارية” السعودية الحكومية في وقت سابق أنّ السعودية تستضيف “وفداً مفاوضاً يمثّل حكومة صنعاء، وذلك بهدف استكمال المباحثات الرامية لإيجاد حلّ سياسي ووقف شامل لإطلاق النار والانتقال من مرحلة النزاعات إلى الاستقرار”.

في السياق نفسه تناولت وسائل الإعلام ذلك اللقاء الذي جمع الوفد اليمني المفاوض وقيادة السعودية واعتبرته محورًا مهما يشغل الأوساط السياسية والإعلامية في المنطقة، فالعدوان على اليمن وتداعياته الإقليمية أثارت تساؤلات حول إمكانية التوصل إلى حل سياسي يحقق الاستقرار ويضع نهاية للعنف والقصف المستمر، وفي هذا السياق، يبرز دور حكومة صنعاء وتأثيرها على المشهد السياسي في اليمن، حيث حققت شرعية غير مسبوقة سعوديًا وإقليميًا، وهنا تطرح العديد من التساؤلات هل يمكن لهذا اللقاء أن يكون خطوة نحو تحقيق السلام وإنهاء العنف والحصار المستمر؟ هل ستتمكن الأطراف المتنازعة من التوصل إلى تفاهمات سياسية تلبي تطلعات الشعب اليمني في الاستقرار والسلام؟ وما هو دور أنصار الله في هذه المسألة خلال الفترة القادمة؟.

ترحيب سعودي وأممي

أشادت الخارجية السعودية بنتائج المحادثات التي أجريت بالرياض في الأيام الأخيرة بين وفد من حكومة صنعاء وفريق التواصل والتنسيق السعودي بشأن السلام في اليمن، كما رحبت الأمم المتحدة بهذه المحادثات، وأعربت الخارجية السعودية عن ترحيبها بـ”النتائج الإيجابية للنقاشات الجادة بشأن التوصل إلى خارطة طريق لدعم مسار السلام في اليمن”، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء السعودية.

كما أشادت الوزارة بمضامين لقاء وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مع وفد حكومة صنعاء، التي جرى فيها “التأكيد على استمرار وقوف المملكة مع اليمن وشعبه الشقيق، وحرصها الدائم على تشجيع الأطراف اليمنية للجلوس على طاولة الحوار، للتوصل إلى حل سياسي شامل ودائم في اليمن تحت إشراف الأمم المتحدة”.

من جهته، أعرب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ اليوم عن ترحيبه بزيارة وفد حكومة صنعاء إلى الرياض.

وقال غروندبرغ -في بيان نشره مكتبه اليوم- إن “تجدد الزخم هو خطوة مهمة تسهم بشكل إيجابي في جهود الوساطة الأممية من أجل التوصل لاتفاق بين اليمنيين بشأن تدابير لتحسين الظروف المعيشية، ووقف مستدام لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد”.

وأعرب المبعوث الأممي عن امتنانه لجهود السعودية وسلطنة عمان الرامية إلى “التوصل إلى حلول لعدد من القضايا الخلافية تيسيرا لاستئناف عملية سياسية بين اليمنيين تحت رعاية الأمم المتحدة”.

وأشار غروندبرغ إلى ضرورة العمل لتعزيز المكتسبات التي تحققت خلال الأشهر الماضية من أجل تأسيس “منصة شاملة تجمع اليمنيين للتعامل مع اختلافاتهم”.

تصريحات الوفد اليمني المفاوض

قال عضو الوفد الوطني ، علي القحوم إن المفاوضات اتسمت بالجدية والإيجابية والتفاؤل في تجاوز العُقد في الملفات الإنسانية، وأضاف إنه ستكون هناك جولة جديدة من المفاوضات.

من جانبه، ذكر رئيس الوفد الوطني ، محمد عبد السلام، أن الوفد أجرى لقاءات مكثفة مع الجانب السعودي، ناقش خلالها بعض البدائل لتجاوز قضايا الخلاف، مبينا أن الوفد عاد إلى صنعاء لرفع تلك المقترحات إلى قيادة الجماعة للتشاور.

ونقلت وكالة رويترز عن مصادر أن المحادثات أحرزت بعض التقدم فيما يتعلق بالنقاط الشائكة الرئيسية، بما في ذلك الجدول الزمني لخروج القوات الأجنبية من اليمن، وآلية دفع أجور الموظفين الحكوميين.

وأضافت المصادر إن الجانبين سيجتمعان لإجراء مزيد من المحادثات بعد مشاورات ينتظر أن تتم قريبا، وحسب رويترز، فإن المحادثات تركز على إعادة فتح الموانئ ومطار صنعاء بشكل كامل التي تسيطر عليها حكومة صنعاء ، ودفع أجور الموظفين الحكوميين، وتعزيز جهود إعادة البناء، إضافة إلى تحديد جدول زمني لخروج القوات الأجنبية من اليمن، وجاءت زيارة الوفد الوطني للرياض بعد نحو 5 أشهر على زيارة أجراها وفد سعودي إلى صنعاء لبحث عملية السلام.

هل شملت المحادثات دوائر مغلقة ؟

غادر وفد حكومة صنعاء، الذي زار الرياض مؤخرا وأجرى محادثات وصفت في تقارير دبلوماسية غربية بأنها في غاية الأهمية بعد لقاء أمام الكاميرات فقط أم إن لقاءات والوفد الوطني بقيادة محمد عبد السلام شملت دوائر مغلقة من الطراز الذي لا يمكن التعامل معه عبر وسائل الإعلام؟

هذا السؤال الذي أثاره دبلوماسيون غربيون وقادة وباحثون أملا في الوصول إلى استنتاجات محددة بشأن طبيعة الهندسة التي تجري خلف الستائر والكواليس ما بين حكومة صنعاء، والسعودية في إطار النظرة الشمولية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حول العلاقة ما بين احتواء كل مظاهر العنف جنوب المملكة وفي الحدود مع اليمن وحتى داخل اليمن وبين إطلاق حزمة مشاريع التنمية الإقليمية.

القناعة راسخة أن الاستدارة السعودية الاستراتيجية مع الجمهورية الإيرانية ألقت بظلالها مؤخرا عبر سلسلة التفاهمات وبروتوكولات لم يتم الإعلان عنها حصلت بين حكومة صنعاء، والقيادة السعودية، وبوساطة مباشرة رتبتها سلطنة عمان، الأمر الذي يوحي بأن الاستدارة السعودية الإيرانية ستأخذ في مجالها الحيوي بالتأكيد الاحتمالات القوية للصعود بتسوية سياسية لها علاقة بالملف اليمني ولن تقف عند هذه الحدود، طموحات السعودية فيما يبدو تتجاوز إرضاء الأمريكيين وبعض الدول الغربية وحتى روسيا بأجراء مباحثات سلام أو حتى تسوية سياسية على الصراع في اليمن باتجاه إقامة علاقة مباشرة وغير مألوفة أيضا وخارجة عن نمطية الصراع مع أنصار الله بصفة مباشرة.

في الختام زيارة وفد حكومة صنعاء، للسعودية تعكس تطورًا مهمًا في المشهد السياسي والإقليمي، تمثل هذه الزيارة خطوة مهمة نحو تحقيق السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة بشكل عام، إن حضور أنصار الله في السعودية يعكس إرادة جميع الأطراف المعنية بإيجاد حل سياسي للصراع الدائر في اليمن.

من خلال هذه الزيارة، تعبّر الأطراف المعنية عن استعدادها للحوار والتفاوض من أجل التوصل إلى حل سياسي يلبي مطالب جميع الأطراف ويعزز السلام والاستقرار في المنطقة، يمكن أن تشكل هذه الزيارة بداية عملية شاملة للمصالحة والمصالحة الوطنية في اليمن وإنهاء العدوان، إذ تعزز فرص تحقيق وقف إطلاق النار الدائم وإعادة بناء الثقة بين الأطراف، بالتأكيد، ما زالت هناك تحديات كبيرة تنتظر الأطراف المعنية في اليمن والمنطقة، إلا أن مشاركه وفد حكومة صنعاء في هذه الزيارة يعكس حقيقة إرادتها في تحقيق السلام والعمل على إيجاد حلول سياسية للأزمة اليمنية والتي كان تحالف العدوان يرفض أي حل سياسي.

* المصدر: موقع الوقت التحليلي
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر