السياسية || نصر القريطي :

يخوض اعلام العدوان وأبواقه الدعائية حرباً جديدةً من نوعٍ آخر بحق هذا الشعب تحت مظلّة “مصطلحات السلام”..
الجريمة الكبيرة في هذا السياق انه يراد منّا نحن الضحايا ان نكون جزءاً من “منظومة التزييف” الاجرامية هذه..
اليوم نحن امام حربٍ خطيرةٍ يحاول العدو ان يزيف وعينا ويريد ان يجعل مصطلحاته الكاذبة تتسلل من بين أيدينا وأن تختلط بخبثٍ بين حروفنا..
اليوم يراد لنا باسم ايماننا بالسلام ان نسمّي الأشياء بغير مسمياتها الحقيقية وأن نوجه أسلحته بأنفسنا الى صدورنا..
يمارس إعلام العدوان وأبواقه اليوم ومن يقف خلفه من الامريكان والغرب اسلوباً جديداً يتمثل في محاولة تمرير مصطلحاتٍ جديدة يسوق لها بيننا كي نعيد تدويرها دون وعي..
يقول موقع دويتش فيله الألماني أن الحرب الأهلية في اليمن خلفت الكثير من الدمار والأزمات الإنسانية طيلة تسع سنين وان العالم كله يجب ان يتداعى لمساعدة اليمن للنهوض من جديد..
كلامٌ معسولٌ للغاية قد يسيل له لعاب من لا يعرف كيف هو عدوه لكننا نعرف عدونا جيداً ونعرف ما الذي يريد..
أي حربٍ أهلية هذه يا هؤلاء الذي تريدون ان نجاريكم في استخدام العبارات التي تصفها..
ما جرى في هذا البلد طيلة تسع سنين هو عدوان كونيٌّ خارجي تلبّس بثوب دعم شرعية لا وجود لها واستخدم هذا العدوان المرتزقة المحليين لشرعنة حربه المجرمة علينا..
لا يمكن ان نجاريهم يوماً في توصيف هذه الحرب بأنها أزمة أو حرب أهلية أو أيٍّ من التوصيفات التي يسعى الإعلام الغربي وإعلام العدوان لفرضها علينا بصورةٍ خبيثةٍ وتحت أضواء ابداء حسن النوايا والرغبة المتبادلة في السلام..
الصياغات الخبيثة التي تبدو في ظاهرها وكأنها تعاطفٌ مع حالنا لا يمكن ان تغرينا على الإطلاق فإعادة الاعمار وتحمّل نتائج هذه الحرب هو امرٌ على قوى العدوان ان تلتزم به راضيةً أو كارهة ولا مجال هنا لغمساك العصا من منتصفها..
تزييف الوعي الجمعي في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عبر ضخ كمٍّ كبيرٍ من المصطلحات الخبيثة التي لا تشير صراحةً للعدوان ولا تحمل دوله وقواه المسئولية عن تسع سنين من الحرب..
ما نقلناه عن الموقع الألماني هو نموذجٌ لحالةٍ تتكرر يومياً في وسائل الإعلام الغربية ووسائل إعلام العدو تستهدف تمرير مصطلحاتٍ زئبقيةٍ زائفة..
تقول صحيفة عكاظ السعودية في أحدى افتتاحيتها ان “صنع السلام يتطلب شجاعة وتضحيات وتنازلات ويتطلب ايضاً احتكاما لصوت الحكمة والعقل بين الفرقاء اليمنيين”..
وهنا يجب ان نضع عبارة بين الفرقاء اليمنيين بين مزدوجين..
لا فرق بين الإعلام الغربي وإعلام العدوين السعودي والإماراتي في محاولة تمرير هذا النوع من المصطلحات الفضفاضة اللعينة..
هذه الحرب حتى وان شارك فيها الفرقاء اليمنيون كما تقولون فذاك لا يعني على الاطلاق انها حربٌ أهليةٌ وانكم لستم اسّها وأساسها..
حينما انطلقت هذه الحرب الملعونة قال المرتزق الفار هادي انه لم يسمع عنها إلا عبر شاشات التلفزيون.. تلك حقيقةٌ وان بدت كمزحة وها هو اليوم ذاك الكرت المنتهي الصلاحية يقبع تحت الإقامة الجبرية في عاصمة العدوان..
طائرات العدو السعودي والإماراتي طيلة سنين هذا العدوان وهي تشنُّ غاراتها على كل ما هو يمنيٌّ دون تمييزٍ بين ما هو مدنيٌّ وما هو عسكري.. فهل يجوز ان نقول ان ما جرى كان حرباً أهلية بين الفرقاء اليمنيين..
يراد لنا ان ننخرط في هذا النوع من الاستخدام غير المدروس لهذه المجموعة من المصطلحات الخبيثة التي تصف الحرب بانها ازمة والعدوان بأنه حربٌ أهليه والمعتدين بأنهم فرقاء محليون..
لن ننساق ابداً وراء هذا الخبث فنحن نعي اساليبهم جيداً وحرصنا على السلام لا يعني على الإطلاق اننا طوينا صفحة العدوان والمعتدين وبدأنا صفحةً لا تشير اليها بأصابع الاتهام..
نحن نعرف عدونا جيداً ونعرف اساليبه واستعدادانا للسلام معه يجب ان لا يكون بشروطه وبالتأكيد يجب ان لا يكون وفقاً لتوصيفاته ومصطلحاته الخبيثة..
أسلوبٌ آخر مختلف يستخدمه إعلام ابن زايد والإعلام الممول اماراتياً يحاول من خلاله ان يبدو وكأنه طرفٌ محايد لا علاقة له بما جرى ويجري في هذه البلاد..
تقول صحيفة العرب الصادرة في لندن والممولة إماراتياً في احد عناوينها أن السلام السعودي في اليمن يواجه معضلات تنحصر في الجانب الإنساني والمربع الاقتصادي..
إصرار الاعلام الاماراتي على استخدام مصطلح السلام السعودي والمعضلة السعودية وغيرها من المصطلحات الخبيثة تحاول كلها ان تظهر الامارات وكأنها ليست طرفاً في هذا العدوان..
ليست السعودية لوحدها من اعتدى علينا وأيادي كل قوى العدوان الخبيثة ستقطع من بلادنا ويأتي على رأسها اليدين السعودية والاماراتية اللتان ارتداهما الامريكان والغرب والصهاينة كقفازاتٍ لتمرير مشاريعهم في بلادنا..
اليوم يريد العدو ان يتخلّص من الكثير من اوزاره ويرمى من مركبه الغارقة الكثير من اثقاله لكننا لن نكون جزءّا من هذه المنظومة غير الإنسانية وغير الأخلاقية..
حينما نقول ان هذا العدوان ليس عسكرياً فحسب وأن آثاره لا تقتصر على ما جرى ويجري على الأرض فذاك ليس مجرد نظرةٍ غير متفائلة بل هو ادراكٌ لحقيقة العدوان وخبث إعلامه وزئبقية أدواته واساليبه..
عندما يراد من اليمنيين ان يصفوا حرب السنين التسع بكل جرائمها وآلامها وآثارها وانعكاساتها على حياة هذا الشعب بأنها مجرد أزمة فذاك ايضاً عدوان جديدٌ لن نتغاضى عنه ولن ننساق وراء مصطلحاته الخبيثة..
العدوان على اليمن ليس حرباً عسكرية فقط بل هو مجموعة متلازمةٌ ومتزامنة من الحروب التي يمثل الإعلام والدعاية ووسائل التواصل الاجتماعي احد ابرز أدواتها..
حتى وان انخرطنا في سلامٍ شاملٍ فإن هذه الحرب الملعونة وان طويت صفحتها إلا انها ستظل بالنسبة لنا عدوانٌ مجرم وستظل أصابع الاتهام موجهةً لقوى العدوان وكل من ارتبط بها او شاركها او تواطئ معها او تغاضى عنها.