السياسية: بقلم: كيري روبيا

قبل أربعة عشر قرناً، في هذه البقعة من العالم والمعروفة الآن باسم المملكة العربية السعودية، كان أتباع رسول الدين الإسلامي “محمد” الأوائل يعيشون الواناً من العذاب والاضطهاد من قبل قبيلة قريش الحاكمة في ذلك الوقت وكانوا بحاجة إلى العثور على ملجئ.

لذا، نصح النبي محمد أتباعه، ومن ضمنهم ابنته، بعبور البحر الأحمر وطلب الحماية من مملكة أكسوم، التي امتدت عبر أجزاء من إثيوبيا وإريتريا الحديثة، إذ أرسلهم برسالة إلى النجاشي، الملك المسيحي، الذي اشتهر بالعدل والإنصاف.

عندما وصلوا إلى مملكة أكسوم، وضع اللاجئون قضيتهم أمام النجاشي، الذي رحب بهم وقال لهم: «أذهبوا فأنتم آمنون بأرضي».

ثبت هذا أن هذه اللحظة حاسمة في تاريخ الدين الإسلامي، حيث عرفت باسم الهجرة الأولى أو الهجرة إلى الحبشة، ولكن الحكام الحاليون في المملكة العربية السعودية لم يردون هذا الكرم.

وبدلاً من توفير الملجأ لهم، عمل حرس الحدود السعودي على قتل اللاجئين الإثيوبيين، وذلك بحسب التقرير الصادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش، الشهر الماضي.

ووثقت المنظمة الحقوقية مقتل مئات المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين الذين حاولوا عبور الحدود اليمنية إلى المملكة العربية السعودية في الفترة بين مارس من العام الماضي ويونيو من هذا العام.

ومن جانبها، نفت الرياض ارتكاب أي مخالفات ووصفت تلك المزاعم بأنها «لا أساس لها من صحة ولا تستند إلى مصادر موثوقة».

كما لم ترد سفارة المملكة العربية السعودية في جنوب إفريقيا على طلبات متعددة للتعليق على هذه القضية، نظراً لكون الشهادات المباشرة التي جمعها القائمون على ذلك التقرير كانت مروعة.

قال أحد الناجين: “عندما توقفوا عن إطلاق النار، أخذنا حرس الحدود السعوديون، في المجموعة التي كنت فيها، كان هناك سبعة أشخاص – خمسة رجال وفتاتان، وطلب منا حرس الحدود خلع ملابسنا وطلبوا منا اغتصاب الفتاتين».

«كانت الفتاتين يبلغاً من العمر قرابة 15 ربيعاً، رفض أحد الرجال الخمسة ما طلب منه، ولكن هذا الرفض كلفه حياته على الفور، أما أنا فقد رضخت لمطالبهم، لقد شاركت في الاغتصاب، نعم، من أجل البقاء على قيد الحياة فعلت ذلك، كما نجت الفتاتين من القتل لأنهما لم يرفضن ذلك، فهذه الحادثة حصلت في نفس المكان الذي وقعت فيه عمليات القتل».

وصف شخص آخر تمت مقابلته رحلة الذهاب إلى الحدود لجمع رفات فتاة من قريته، ألقيت جثتها فوق 20 جثة… من المستحيل بالفعل معرفة الرقم الحقيقي، فالحاصل هناك ضرباً من ضروب الخيال.

المملكة العربية السعودية ليست من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين.

على مدى السنوات القليلة الماضية، أدى الصراع في إثيوبيا – وخاصة في إقليم تيغراي – إلى نزوح أكثر من مليون شخص من ديارهم.

بالنسبة للإثيوبيين الذين يحاولون مغادرة البلد، يُعرف أحد الطرق الرئيسية إلى بر الأمان باسم «الطريق الشرقي» أو «الطريق اليمني»، حيث يسافر اللاجئون بالقارب عبر خليج عدن ثم سيراً على الأقدام عبر اليمن إلى المملكة العربية السعودية.

ولكن عبور الأراضي اليمنية، التي تعيش في خضم حربا شرسة، خطير للغاية.

ويجب أن يتعامل اللاجئون الضعفاء مع شبكة من المهربين والمتاجرين الذين يقومون بشكل روتيني باختطافهم واحتجازهم وضرب المهاجرين الإثيوبيين وابتزازهم أو ابتزاز أسرهم مقابل المال.

والبعض يضطر للانضمام إلى إحدى الجماعات المتحاربة.

إذا نجا اللاجئون من كل هذا، فإنهم عادة ما يحاولون العبور إلى المملكة العربية السعودية – التي تعتبر واحدة من أغنى الدول في العالم – في المنطقة الحدودية الجبلية بين محافظة صعدة اليمنية ومحافظة جازان السعودية.

هذا هو المكان الذي حدثت فيه غالبية عمليات القتل التي وثقتها منظمة هيومن رايتس ووتش، وتم التحقق منها باستخدام أدلة فوتوغرافية وصور الأقمار الصناعية.

وبحسب منظمة الهجرة الدولية، يوجد على الأراضي السعودية ما يقدر بنحو 750 ألف إثيوبي، معظمها موجود بشكل قانوني لأسباب اقتصادية.

في أبريل، بدأت الحكومة الإثيوبية حملة حظيت بتغطية إعلامية كبيرة لتوظيف 500 ألف امرأة إثيوبية للعمل في المنازل في المملكة العربية السعودية، على الرغم من المخاوف بشأن كيفية معاملتهن.

وفي بحث منفصل جرى في العام 2020، وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش كيف أن نظام التوظيف السيئ السمعة -الكفالة- في المملكة العربية السعودية، والذي يرتبط فيه الوضع القانوني للمهاجرين بأرباب العمل، يسهل «الإساءة والاستغلال بما في ذلك العمل القسري والاتجار والظروف الشبيهة بالرق».

بينما يُقتل مئات الأفارقة أو يُجردون من إنسانيتهم على الحدود وفي المنازل في السعودية، يضخ السعوديون المليارات في مجموعة مختلفة من الأفارقة – نجوم كرة القدم مثل ساديو ماني وإدوار ميندي وكاليدو كوليبالي وحكيم زياش.

هذا جزء من حملة منظمة، حيث تفضل المملكة العربية السعودية ألا يسهب العالم في الحديث عن سجلها في مجال حقوق الإنسان.

في السنوات الأخيرة، تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أنفقت المملكة العربية السعودية مليارات الدولارات في محاولة لتحسين سمعتها على الصعيد العالمي.

تم توجيه الكثير من هذا إلى «الغسيل الرياضي» – رعاية الأحداث الرياضية والترفيهية والثقافية الكبرى في محاولة لتعقيم وتطهير سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان، حيث تستضيف مدينة جدة الساحلية والمطلة على البحر الأحمر، سباق الجائزة الكبرى للفورمولا 1 وجولة من لعبة الجولف الجديدة تماماً برعاية سعودية، كما أن نيوكاسل يونايتد، في الدوري الإنجليزي الممتاز، مملوك لصندوق الثروة السيادية في المملكة.

ضخ هذا الصندوق نفسه مبالغ طائلة في دوري المحترفين السعودي، الذي ضم نجوماً عالميين مثل كريستيانو رونالدو وكريم بنزيما وساديو ماني.

عُرض على المملكة العربية السعودية طريقاً لعضوية مجموعة دول البريكس في قمة الشهر الماضي في جنوب إفريقيا – وكذلك إثيوبيا.

* جنوب افريقيا، 26 صفر 1445، الموافق 11 سبتمبر 2023(صحيفة ” ذا ميل آند جارديان- “Mail & Guardian الناطقة باللغة الإنجليزية- ترجمة: أسماء بجاش، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر و بالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع