السياسية: بقلم: كارولين برايت

كانت الولايات المتحدة الأمريكية على علم ودراية كاملة منذ عاماً تقريبا بما تقترفه قوات الأمن السعودية من عمليات إطلاق نار وتفجير وإساءة معاملة لجماعات المهاجرين الأفارقة، وبالرغم من ذلك النهج التعسفي، إلا أنها قررت اغفال الطرف عن ما يحدث هناك والتزام الصمت.

في أغسطس المنصرم، نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية تقريراً تتهم فيه قوات حرس الحدود السعودي، باستخدام الرصاص الحي والمتفجرات ضد مئات – إن لم يكونوا آلاف – المهاجرين الإثيوبيين الذين كانوا يحاولون الوصول بشكل غير قانوني إلى مملكة آل سعود.

تم دعم هذا التقرير بشهادات وصور ومقاطع فيديو بالإضافة إلى صور الأقمار الصناعية للمنطقة الحدودية.

أبلغ بعض المهاجرين عن حرس الحدود السعودي الذين تركوا المهاجرين أحرارا في تحديد العضو الذي سوف يتم أطلاق النار عليه.

قال صبي يبلغ من العمر 17 عاماً إن حرس الحدود أجبروه ومهاجر آخر على اغتصاب فتاتين كانتا ضمن مجموعتهم، أثناء مراقبة حرس الحدود لهم.

يشير التقرير إلى أنه إذا كانت هذه هي السياسة الرسمية التي تنتهجه المملكة العربية السعودية، فقد تشكل هذه السياسة جريمة ضد الإنسانية.

لكن تطوراً جديداً أدى إلى تعقيد القضية، حيث اتهم مقال صحيفة نيويورك تايمز في عددها الصادر في ٢٦ من أغسطس المنصرم، دبلوماسيين أمريكيين بأنهم كانوا يعرفون منذ عام عن الانتهاكات السعودية على الحدود ولكنهم… التزمو الصمت.

يبدو أن الدبلوماسيين الأمريكيين قد أطلعوا من قبل مسؤولي الأمم المتحدة، كما يبدو أن كل من تمت دعوته للإدلاء بشهادته قد وعد بعدم الكشف عن هويته.

في يناير من هذا العام، أشار نائب الممثل الأمريكي لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز بشكل غير مباشر إلى هذه القضية، قائلاً في إحاطة أمام مجلس الأمن بشأن اليمن «ما زلنا قلقين بشأن الانتهاكات المزعومة ضد المهاجرين الأفارقة على الحدود مع المملكة العربية السعودية».

وقال ميلز «نحث جميع الأطراف على السماح لمحققي الأمم المتحدة بالوصول إلى جانبي الحدود لإجراء تحقيق شامل في هذه المزاعم»، ناهيك عن أن المسؤولين من الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي علموا مؤخراً بقتل العديد من الأفارقة على يد قوات الحدود السعودية.

بمجرد الكشف عن صمت الإدارة الأمريكية، زعمت وزارة الخارجية أن الإدارة الأمريكية لم تغفل الطرف عن ذلك، حيث سبق وأن كتبت مراراً وتكراراً إلى المسؤولين السعوديين تطلب منهم تفسيرات عما يحدث.

وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن استعداد إدارة بايدن للتفاوض على الاعتراف المتبادل بين المملكة العربية السعودية ودولة إسرائيل هو الذي أدى إلى هذا الصمت.

لذا، لم ترغب الإدارة الأمريكية في ارباك علاقاتها مع السعوديين مرة أخرى بشأن قضية تخص حقوق الإنسان.

انتقد بعض أعضاء الكونجرس، ومعظمهم من الديمقراطيين، المملكة العربية السعودية بشدة لسجلها في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك سنوات من الحرب التي لا تزال تشنها على اليمن.

في اليمن نفسه، كانت المذابح على مرائ ومسمع الجميع، حيث تبث القنوات التلفزيونية والنشرات الإخبارية تقارير التلفزيون اليمني حول هذا الموضوع وصور الجرحى القتلى.

تم العثور على العديد من المصابين وهم فاقدين للوعي على جانب الطريق، حيث تم نقلهم إلى المستشفى.

كشف تقرير المنظمة الدولية للهجرة عن المهاجرين المفقودين أنه في العام 2022 قُتل ما لا يقل عن 788 مهاجرا بالقرب من الحدود السعودية.

وفي أكتوبر 2022، استشهدت لجنة تابعة للأمم المتحدة بحالات مماثلة لحالات هيومن رايتس ووتش التي زعمت مقتل 430 شخصاً في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2022، وتعرضت العديد من النساء والفتيات للاغتصاب وبحسب ما ورد فقد تم إعادة بعضهم عراة إلى اليمن.

ومن جانبها، نفت المملكة السعودية هذه الاتهامات وقالت إنها بحاجة إلى مزيد من التفاصيل للتحقيق.

* باريس، 21 صفر ١٤٤٥، الموافق 6 سبتمبر ٢٠٢٣( موقع ” موند أفريك- mondafrique” الفرنسي الاستقصائي- ترجمة: أسماء بجاش، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي” سبأ” )
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر و بالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع