بقلم: راينر سوليش

(موقع قناة دويتشه فيلله الألماني، ترجمة : نشوى الرازحي – سبأ)

في أعقاب الهجمات على ناقلتين نفطيتين في مضيق هرمز، تشير الولايات المتحدة بأصابع الاتهام إلى إيران. فما مدى مصداقية هذه التهمة؟ يمكن أن تكون هناك قوى الأخرى وراء ذلك؟

نشر الجيش الأمريكي شريط فيديو يُظهر فريقًا من الحرس الثوري الإيراني في قارب سريع في مضيق هرمز. ووفقًا للرواية الأمريكية، فإن جنود النخبة الإيرانيين يزيلون لغم من بدن ناقلة النفط كوكوكا كوريجوس، التي ربما هم من قام بتثبيتها، ولكنه لم ينفجروا أثناء الهجوم. ويراد القول بذلك إن إزالة هذه الأدلة من قبل الإيرانيين يدل على أن طهران هي من يقف وراء الهجوم على السفينتين في مضيق هرمز – وذلك على الأقل من وجهة النظر الأمريكية الرسمية.

هل سيكون هذا هو “الدليل” الشهير الذي يمكن أن يدين مرتكب الجريمة ويبرر من الناحية السياسية الانتقام العسكري؟ هل يمكننا تصديق محتوى هذا الفيديو وقصته المُقدمة من الولايات المتحدة؟

تهم كاذبة معتادة

تبدو الشكوك واضحة بشأن هذه التهمة، لأن الحرب ضد الديكتاتور العراقي صدام حسين في عام 2003 كانت تستند إلى تصريحات كاذبة تماماً أدلت بها الحكومة الأمريكية آنذاك. علاوة على ذلك، نحن نعيش اليوم في عصر رقمي متزايد ، حيث أصبح التلاعب بمقاطع الفيديو يمكن أن يتم باحترافية عالية وبات تقديم الأدلة الكاذبة أسهل مما كان عليه في ذلك الوقت. للوهلة الأولى، يبدو من غير المنطقي إلى حد ما أن توفر إيران (حتى فصيل المتشددين المحليين) للولايات المتحدة عن طيب خاطر سبباً ممكناً للحرب، والذي ليس من شأنه في النهاية إلا أن يؤدي إلى الخسارة في ضوء عدم توازن القوى العسكرية، هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى، يشير الخبراء إلى أن الحرس الثوري الإيراني لديه بالفعل “خبرة” في التعامل مع الألغام – وأن طهران هددت مراراً وتكراراً في الماضي باستخدامها وأنها ستكون العنصر الأساسي في الصراع على مضيق هرمز في مضيق هرمز وبها سيتم تخريب الاقتصاد العالمي وخاصة تجارة النفط الخام تخريب. وبالتالي، يمكن تفسير الهجوم على الناقلتين بأنه محاولة استعراض للعضلات عسكرياً من جانب إيران. ورغبة منها في أن تقول للولايات المتحدة الأميركية على نحو خاص:  لدينا أساليبنا الخاصة ولن نسمح بأن نُهزم من قبلك!

ولكن تظل هذه مجرد تكهنات. تماما مثل تلك التكهنات التي تشكك في وجود مؤامرة أمريكية أو سعودية أو إسرائيلية وراء الهجومين، على حد زعم القيادة الإيرانية وكما يتم تناقله في وسائل التواصل الاجتماعي في ألمانيا والدول العربية.

صحيح أن هناك دوافع محتملة دفعت إلى خلق “مدعاة للحرب” نظراً للسياسة الخارجية والمصالح الإستراتيجية العديدة في الولايات المتحدة الأميركية وكذلك في إسرائيل ودول الخليج.

ولكن هناك الكثير من الدوافع التي ترجح ما هو عكس بذلك وبنفس القدر على الأقل من جانب الرئيس الأمريكي. فمن بين أمور أخرى، تم اختيار دونالد ترامب من قبل أتباعه لسحب الولايات المتحدة عسكريا من الشرق الأوسط.

فالحرب ضد إيران ستلحق الكثير من الخسائر بأميركا ولن يتحقق الظفر فيها بدون قوات برية. ولو سقط جنود أميركيون، فإن ذلك من شأنه أن يقلل فرص إعادة انتخاب ترامب نهاية العام 2020.

القوى التي تسعى للحرب عن إدراك

ولكن في نهاية ليس هناك سوى المعلومة المؤسفة التي تفيد بأن من يقف وراء استفزازات مضيق هرمز هي، على أية حال، قوى تقبل الحرب بعيدا عن كل عقلانية سياسية وإنسانية إذ أنها ترى في الحرب حلا لصراعها مع الطرف الآخر. وليس بوسعنا سوى التحذير من ذلك. فنشوب حرب في الخليج أمر له عواقب وخيمة على العديد من دول المنطقة، خاصة تلك التي تنشط فيها الجماعات المسلحة التي تمولها إيران بالفعل عسكرياً، مثل اليمن وسوريا والعراق ولبنان. من المحتمل أن تتأثر إسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة – وقد تواجه الأخيرتان بالفعل هجمات من قبل الحوثيين الذين تدعمهم إيران من اليمن. وحرب كهذه لن تكون نتيجتها سوى الخسارة. ويجب على الجميع فعل كل ما هو ممكن لمنع نشوبها حتى ألمانيا وأوروبا بوسائلهما المحدودة. فالخشية واجبة الآن من اقتراب موعد حرب لا يريدها أحد.