بقلم كريستوف سيدو
ترجمة: نشوى الرازحي-سبأ
كانت الآمال كبيرة قبل ستة أشهر. ففي ديسمبر 2018، توصلت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين المتمردة عليها على الحوثيون إلى اتفاق. وتحت وساطة مملكة السويد، اتفقت أطراف النزاع على وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الساحلية وتبادل الأسرى. كان يتعين أن يضع هذا الاتفاق الأسس لعملية سلام تنهي الحرب الأهلية التي اشتعلت منذ العام 2015، ولكن بعد مرور ستة أشهر اتضح بأن الآمال في السلام لن تتحقق.
فمنذ التوقيع على اتفاقية استكهولم في 13 ديسمبر، تم تشريد ما لا يقل عن 255 ألف يمني في جميع أنحاء البلاد وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة.

أكثر من ألف قتيل مدني منذ بداية العام:
من مدينة الحديدة فقط لاذ بالفرار أكثر من 260 ألف شخصا خلال هذه الفترة مع أن ما ينبغي حدوثه هو وقف إطلاق النار في المدينة الساحلية المطلة على البحر الأحمر. كما لقي أكثر من ألف مدني حتفهم في القتال على مستوى البلاد منذ بداية العام.
بالإضافة إلى ذلك، هناك عدد كبير من الحالات غير المبلغ عنها. فهناك أشخاص يعانون من نقض الخدمات الأساسية بسبب الحرب ويموت البعض بسبب أمراض من السهل معالجتها. كما يموت الرضع في الأشهر القليلة الأولى لأنهم هم أو أمهاتهم يعانون من سوء التغذية.
تصف الأمم المتحدة الوضع في اليمن بأنه أكبر كارثة إنسانية في الوقت الحاضر. كارثة من صنع البشر ويتم تغذيتها باستمرار. يقول مارك لوكوك، منسق الإغاثة في حالات الطوارئ في الأمم المتحدة، إن المعارك تدور في أكثر من 30 خط أمامي في اليمن حالياً.

جماعة الحوثيين تكثف الهجمات على السعودية:
لا تزال نهاية هذا الصراع غير ظاهرة في الأفق. بل على العكس من ذلك، فإن تكثيف الصراع الإيراني له أيضاً عواقب وخيمة على حرب اليمن. لأن الصراع في الجنوب الغربي من شبه الجزيرة العربية لم يعد يقتصر على كونه حرباً أهلية، ولكنه تطور إلى حرب بالوكالة بين إيران والسعودية. وطالما وهذا الصراع بين طهران والرياض لم يهدأ، فإن السلام في اليمن سيبقى بعيد المنال.
وتحاول جماعة الحوثي المسلحة على نحو متزايد أن تنقل الحرب إلى المملكة العربية السعودية.
ففي الأسابيع الأخيرة، كثفت الجماعة المسلحة هجماتها على أهداف في المملكة بعد أن أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أنه لن يتم تنفيذ نصين من الاتفاقية النووية في الوقت الحالي.
ومن بين جملة أمور قامت جماعة الحوثيين في 14 مايو بشن هجمات بطائرات بدون طيار على عدة منصات نفطية في المملكة العربية السعودية.
وفي 12 يونيو، أطلقت جماعة الحوثيين صاروخاً على مطار أبها في المملكة العربية السعودية وأصيب على إثر ذلك الهجوم 26 شخصا على الأقل.
وأردفت الجماعة ذلك الهجوم في اليوم التالي بهجوم آخر بطائرة بدون طيار على المطار. ولكن لم يرد أي تأكيد من السعودية نفسها لشن الجماعة ذلك الهجوم.
في العام 2002، بدأ الجيش الأمريكي في اليمن حربه بطائرات بدون طيار ضد تنظيم القاعدة الإرهابي. ومنذ ذلك الحين ، أصبح تحليق الطائرات بدون طيار في الأجواء جزءاً من الحياة اليومية بالنسبة لعديد من اليمنيين.

هجوم طائرة مسيرة بدون طيار يكلف 45 دولار:
إنها ظاهرة حديثة نوعا ما أن يهاجم اليمن البلدان الأخرى بطائرات مسيرة بدون طيار. وقد سبق وقدر خالد اليماني، وزير خارجية الحكومة اليمنية، أن الهجوم بطائرة بدون طيار يكلف الحوثيين أكثر من 45 دولاراً. .
ومن خلال هذه الوسائل البسيطة، يمكن أن تستمر جماعة الحوثيين في إلحاق أضرار كبيرة بالمملكة العربية السعودية وحلفائها في المستقبل. يقع باب المندب قبالة ساحل اليمن، وهو الطريق البحري الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي. وكل سفينة تعبر قناة السويس في الطريق من أوروبا إلى آسيا، يجب أن تمر عبره أيضا.
باب المندب مهم للتجارة العالمية تماما مثل مضيق هرمز، حيث تعرضت عدة ناقلات للهجوم في الأسابيع الأخيرة. وتلقي كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية اللوم على طهران في تلك الهجمات.
في العام الماضي، قام الحوثيون بقصف وتدمير ناقلتين نفطيتين سعوديتين في باب المندب عندها توقفت العائلة السعودية المالكة لعدة أيام عن نقل النفط عبر المضيق.
هناك قلق واسع النطاق في الرياض من أنه مع استمرار طهران في تصعيد الصراع، فقد تحرض أيضاً حلفائها اليمنيين على مهاجمة سفن البحر الأحمر. وسيكون الحصار المتزامن لمضيق هرمز وباب المندب بمثابة كابوس رهيب بالنسبة للمملكة العربية السعودية وحلفائها.
وعلى عكس الميليشيات الموالية لإيران في لبنان والعراق، لا يتباهى الحوثيون باتصالاتهم الوثيقة بطهران. ويؤكدون دائماً على أنهم مهتمون فقط بمكافحة الفساد في اليمن ويتجنبون ترك الانطباع بأنهم يتبعون الأجندة الإيرانية. ولكن العدد المتزايد من صور الزعيم الإيراني آية الله خامنئي في إمبراطورية الحوثيين يُظهر من الذي يملك ولاءهم.
• مجلة “شبيجل” الألمانية