بقلم: كلودي هولزاخ

(موقع “opinion-internationale- اوبنيون انترنشونال”, ترجمة : أسماء بجاش- سبأ)

أقدم مجموعة من الناشطين أواخر مايو 2019 في عاصمة الاتحاد الاوروبي “بروكسل” بوضع مجموعة أحذية أطفال بصمت في ساحة المفوضية الأوروبية، كما أضافوا بعض اللافتات كتب عليها: توقفوا عن قتل الأطفال في اليمن” و ” الأطفال ليسوا أهداف حرب ” والإفلات من العقاب هو استمرار للمذابح”….

مئات الأزواج من الأحذية التي ملأت المكان ترمز بشكل قوي إلى مدى المذابح التي يتعرض لها المدنيين – بما في ذلك عدد كبير من الأطفال – والتي لا تزال  مستمرة في سرد فصولها في اليمن.

أطلق هذه المبادرة ناشطين في الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان وهي منظمة غير حكومية مستقلة اتخذت من سويسرا مقراً لها.

يناضل ناشطين الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان منذ العام 2011, من أجل تعزيز مبدأ حقوق الإنسان والدفاع عنه في جميع أنحاء أوروبا و منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا, كما انها جزء من حملة أوسع نطاقا للضغط والتعبئة خططت لها الشبكة طوال شهر يونيو, حيث تستهدف واضعي السياسات والمسؤولين الأوروبيين مطالبين بحماية المدنيين في هذا الصراع المسلح الذي يدور في البلد منذ أكثر من أربع سنوات …

لماذا الأحذية؟ وفقاً للجنة المنظمة للاحتجاجات، فإن كل زوج من الأحذية هو ذكرى طفل أو امرأة أو رجل عجوز قُتل خلال الحرب في اليمن … كما أنه أفضل طريقة لتصوير الرحلة المستحيلة: مدنيون في هذه الحرب وأحذية ملقاة على الأرض قُدر لها البقاء هناك … تصور محاولة لهروب المدنيين هرباً من ويلات القصف والدمار, بيد أن الأمر كان مستحيل.

يعيش اليمن في خضم  أكثر من مأساة منذ أواخر مارس من العام 2015, عندما قررت المملكة العربية السعودية بدء عمليات التدخل العسكري تحت مسمى عاصفة الحزم، حيث تقود الرياض تحالفاً عسكرياً بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص, وذلك للحفاظ على السلطة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ضد تمرد الحوثي الشيعي المتهم بتلقي الدعم من إيران.

مهما كان الأمر، فإن ما يحدث في اليمن هو واحد من أسوأ الأزمات الإنسانية على الإطلاق, ففي الوقت الراهن، بلغ عدد القتلى أكثر من عشرة آلاف مدني وفقا للتقارير الصادرة عن منظمة اليونيسيف, في حين تذهب مصادر أخرى إلى أبعد من ذلك, حيث تتحدث عن ما لا يقل عن اثني عشر ألف طفل يمني قُتلوا أو جُرحوا منذ بداية الصراع …

وفي حال لم يكن أحد يستطيع معرفة كم هي الإحصائيات الدقيقة, فالحرب لا تزال تسير في طريقها والوضع لا يزال مأساوياً, ويقابل ذلك أن مصير ثمانية أطفال أما قتلى أو جرحى بشكل يومي تقريباً في اليمن.

المجتمع الدولي لا يأبه  كثيرا لما يحدث في اليمن, هل الوضع في اليمن مهمل؟ اما أن المجتمع الدولي غير قادر على التصرف أو التوصل إلى تسوية؟

الحاصل اليوم في اليمن, حرب تجري خلف ابواب مغلقة بعيدة, والأخطر من ذلك هو أن الجهات الفاعلة لا تزال دون عقاب … وإذا كانت اتفاقيات إستوكهولم الموقعة بين الاطراف المتحاربين والتي وافق عليها مجلس الأمن الدولي في ديسمبر من العام المنصرم تنص على وقف لإطلاق النار الذي رأى فيه الكثيرون خطوة انارت الطريق امام عملية السلام، إلا أنه انتهك وبدد ذلك الأمل بسرعة كبيرة.

من الواضح أن هذه الاحتجاجات التي حدثت أمام مبنى المفوضية الأوروبية ليس عملاً ضاراً, حيث أصر النشطاء على أن الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي يجب أن تعمل من أجل وقف الجرائم ضد المدنيين، وإذا اضطرهم الأمر للقيام بعمليات عسكرية في اليمن.

ومن جانبه, استجاب الاتحاد الأوروبي للأزمة الحاصلة في اليمن، حيث خصص من خلال مكتب المساعدات الإنسانية التابع له (ECHO) والذي يعتمد على المفوضية ما مجموعه 323.7 مليون يورو من المساعدات الإنسانية.

إن الطريقة الوحيدة لوقف هذه المأساة الإنسانية هي إيجاد حل سياسي يوقف العنف, وبالتالي يجب أن تعمل المفوضية الأوروبية في هذه القضية بشكل اواسع.

حقيقة أخرى يعيشها الاتحاد الأوروبي تكمن في أن دول اعضاء فيه تعمل بشكل ثابت على تزويد البلدان المتورطة في حرب اليمن بالأسلحة, ففي فرنسا, كشف موقع التحقيقات الاستقصائية “Disclose”عن وثيقة تم تصنيفها “دفاعية سرية” تظهر حقيقية استخدام الأسلحة الفرنسية في اليمن, كما تشارك دول أوروبية أخرى ايضا, مثل المملكة المتحدة الداعم الأكثر اخلاصاً للمملكة العربية السعودية فيما يخص القضية اليمنية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

لا تزال التقارير الصادرة عن منظمة العفو الدولية “هيومن رايتس ووتش” هذا العام, تذكر أن المعاهدات الدولية تحظر توريد الأسلحة إلى بلد مذنب بارتكاب جرائم حرب.