بقلم : إياد الرفاعي وسميرة نصير زاده*

(موقع “ياهو نيوز” البريطاني, ترجمة : خالد النظاري – سبأ)

نادراً ما كانت العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية أسوأ مما هي عليه، فيما يتعلق بالهجمات على ناقلات النفط في خليج عمان – والتي يلوم فيها كلا الطرفين بعضهما البعض. ومع ذلك، في تاريخ العلاقات بين البلدين كانت هناك تحولات منتظمة بين التوتر والتقارب – ويمكن أن تتغير الأمور للأفضل مرة أخرى.

كوننا إيرانياً وسعودياً، يعملان كزميلي بحث في دراسات السلام، نعتقد أن الوقت قد حان لأن يسعى بلدينا إلى إدارة الصراع، وتحسين حوارهما وبدء عملية بناء السلام، على أمل أن يحدث ذلك.

ولكن كيف ؟ لا يمكن تحقيق السلام بين عشية وضحاها؛أن ذلك يتطلب مجموعة من العوامل لتعزيز العلاقات الدبلوماسية وتقليل مستوى العداء بين الدولتين.

أولاً : نقترح على السياسيين في كلتا الدولتين تليين اللغة في خطابهم، وتغيير الخطاب العدائي إلى خطاب أكثر اعتدالاً, وهذا من شأنه أن يفتح مسارات جديدة نحو حوار مباشر وبناء، مما يقلل من التوترات التي تؤثر على البلدين والمنطقة وربما العالم.

صوت السيف

يمكن للحوار المباشر بين الفاعلين الإقليميين إطلاق مفاوضات قد تؤدي إلى مزيد من الاستقرار في المنطقة. كان للاضطرابات الإقليمية الحالية تأثير ضار على العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران فيما يتعلق بسوريا والعراق ولبنان والبحرين واليمن. ولا تزال (حرب اليمن) التي تسببت في (أزمة إنسانية دراماتيكية) لا تزال واحدة من المجالات الرئيسية للصراع بين المملكة العربية السعودية وإيران، بيد أنها توفر في نفس الوقت أرضية لإجراء محادثات بين الدولتين.

إن كلاً من المملكة العربية السعودية وإيران تتفقان على أنه لا يمكن إنهاء النزاعات في اليمن وسوريا إلا من خلال تنفيذ الحلول السياسية وليس العسكرية. وإذا ما تمكنت المملكة العربية السعودية وإيران من اتخاذ خطوات نحو التسويات السياسية في سوريا واليمن، فسوف ينعكس ذلك لاحقاً على عملية بناء الثقة.

إن إيجاد حل سلمي في المنطقة يتطلب من إيران والسعودية البدء في الحديث بشكل إيجابي.

في حين تعتمد المملكة العربية السعودية على حلفائها الغربيين الاستراتيجيين ونفقاتها العسكرية المتزايدة باستمرار، فإن إيران، التي عزلتها الولايات المتحدة، تميل أكثر لاتباع النهج الإقليمي. وفي الواقع، قد تضطر المملكة العربية السعودية إلى تجاهل الاحتجاجات الأمريكية للجلوس على طاولة المفاوضات مع إيران.

ومع ذلك ربما تكون الإرادة لتقريب العلاقات موجودة. وفي الواقع، كان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قد صرح في 13 مارس 2018 قائلاً : نحن نؤمن بأن أمن جيراننا هو أمننا والاستقرار في منطقتنا هو استقرارنا. وآمل أن يكون لدى (المملكة العربية السعودية) نفس الشعور كما آمل أن يأتوا للتحدث معنا لحل هذه المشاكل. لا يوجد سبب للعداء بين إيران والسعودية. ومع ذلك، فإننا نقول للسعوديين أنه لا يمكنكم توفير الأمن من خارج المنطقة.

وكان عادل الجبير وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية صرح مؤخراً في مقابلة أن بلده “لا تريد الحرب مع إيران، لكنها لن تتسامح مع ما ترى أنه نشاط إيراني عدائي في الشرق الأوسط”.

من الواضح أن الشكوك لا تزال قائمة، لكن يمكن اعتبار مثل هذه التصريحات بمثابة وقف في الأعمال العدائية، وهي نقطة تحول يمكن أن تقرب كلا الطرفين من بعضهما البعض لحل التوترات.

هناك أيضاً أسباب محلية لتخفيف التوترات، حيث تبني كلتا الدولتين خططاً استراتيجية للمستقبل. فمنذ العام 2015، شرعت المملكة العربية السعودية في خطة اجتماعية اقتصادية طموحة لتنويع اقتصاد البلد من خلال تقليص اعتمادها التاريخي على النفط ومقاومة البنى والقواعد الاجتماعية المحافظة من خلال النأي بالمجتمع عن بعض القيود السابقة. ففي دولة تقل أعمار معظم السكان فيها عن 30 عاماً، فإن “رؤية 2030” تعمل كمشروع ضخم سيقود البلد إلى التحديث اقتصادياً واجتماعياً.

والأمر نفسه ينطبق على إيران. فقد تبنت الدولة خطة إستراتيجية واعدة تسمى الرؤية الوطنية لجمهورية إيران الإسلامية لمدة 20 عاماً والتي لها أهداف اجتماعية واقتصادية وسياسية. ولكن كي تنفذ استراتيجيات كلا البلدين بنجاح ستحتاج لوجود مجتمعات مستقرة واقتصادات نابضة بالحياة لا يمكن أن تتأتى في منطقة يشوبها العداء. وسيكون التكامل والتعاون ضروريين.

الدبلوماسية هي الحل

من الواضح أن المملكة العربية السعودية وإيران ستستفيدان من الحوار المباشر أكثر مما ستستفيدان من الخطاب العدائي. فمن خلال مناقشة القضايا المحلية والإقليمية والدولية والعمل سوياً عليها، فإن من مصلحة كلا البلدين – والمنطقة ككل – الحد من النزاع وزيادة التعاون من خلال العلاقات الدبلوماسية.

إن التحول التدريجي من الخطاب العدائي إلى الخطاب الشامل من جانب السياسيين يُعد خطوة أولى ذات جدوى، ولكن من الضروري أيضاً أن تتخذ السعودية وإيران إجراءات عملية في علاقاتهما الثنائية.

صحيح أنه من المتوقع أن تتنافس الدولتان في مجال نفوذهما، لكن يجب أن تسود البراغماتية إذا ما أراد البلدان وضع حد لصراعاتهما في المنطقة.

*إياد الرفاعي وسميرة نصير زاده, زميلا أبحاث الدكتوراه في جامعة لانكستر البريطانية