السياسية:

أفاد مسؤول حضر المباحثات التي جمعت بين المجلس العسكري الجديد في النيجر ووفد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إكواس”، بأنّ الاجتماع الذي جرى أمس السبت لم يسفر عن نتائج تذكر.

وقال المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته، لوكالة “أسوشيتد برس” اليوم الأحد، إن “المباحثات التي استمرت نحو ساعتين بهدف إيجاد حل سلمي للأزمة المتفاقمة في البلاد، لم تسفر عن نتائج تذكر، مع عدم وضوح الخطوات التالية”.

كذلك، أضاف أنّ “المتمردين في النيجر يتعرضون لضغوط بسبب العقوبات الإقليمية، لأنّهم يرفضون إعادة رئيس البلاد محمد بازوم الذي أطاحوا به قبل نحو شهر، إلى جانب خوفهم من هجمات من فرنسا”.

وتأتي تلك التطورات في أعقاب وصول وفد من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) إلى عاصمة النيجر نيامي، أمس السبت، لعقد مباحثات مع المجلس العسكري الحاكم ولقاء الرئيس المحتجز محمد بازوم. وكانت هذه المحادثات هي المرة الأولى التي يلتقي فيها رئيس المجلس العسكري، عبد الرحمن تشياني، الوفد بعد رفض محاولات سابقة، وفق “الميادين”.

كما كانت محادثات يوم السبت بمثابة خطوة دبلوماسية أخيرة تقوم بها الكتلة لحل الأزمة سلمياً. وجاءت هذه المحادثات بعد إعلان الأسبوع الماضي بأنّ 11 دولة من الدول الأعضاء في “إكواس” (البالغ عددها 15) قد وافقت على التدخل العسكري إذا لم تتم إعادة بازوم للسلطة.

وفي وقتٍ سابق السبت، صرّح مفوّض الشؤون السياسية والسلام والأمن في مجموعة “إكواس”، عبد الفتاح موسى، بأن المجلس العسكري في النيجر بقيادة الجنرال عبد الرحمن تشياني وافق على إجراء محادثات مع المجموعة.

وأقرّ موسى بأنّ التطور الجديد باستقبال اجتماع دولي، السبت، يثير التفاؤل، مستدركاً “لكن إكواس لن تستسلم إلى حين إعادة الرئيس محمد بازوم إلى منصبه، وضمان أن تؤدي جميع المناقشات إلى استعادة النظام الدستوري”.

كما قال: “إذا أدركنا أنّ المحادثات لا تؤدي إلى شيء، يمكنني أن أؤكد لكم أننا لن ننخرط في حوار لا جدوى منه”، مضيفاً “إذا لم نتمكّن من تحقيق ذلك، فالخيار الأخير سيكون الخيار العسكري”.

المجلس العسكري في النيجر يحذّر: أيّ تدخل سنعده احتلالاً

في حين، أكد رئيس المجلس العسكري في النيجر، عبد الرحمن تشياني، السبت، أنّ أيّ هجوم على النيجر “لن يكون نزهة”، محذراً من أنّ أي تدخل عسكري “سنعدّه احتلالاً”.

وأضاف أنّ مجموعة “إكواس” تريد عزل النيجر، “لتكون دولة عاجزة عن مواجهة الإرهاب”، مشيراً إلى أن “القوى الوطنية ستجتمع خلال 30 يوماً، من أجل إدارة المرحلة الانتقالية في النيجر، والتي لن تتجاوز 3 أعوام”.

وعزل ضباط في الجيش النيجري الرئيس محمد بازوم في 26 تموز/يوليو الماضي، على خلفية اتهامات بالفساد واللامبالاة، رافضين دعوات من الأمم المتحدة والدول الغربية والمجموعة الاقتصادية لدول غربي أفريقيا، “إكواس”، من أجل إعادته إلى منصبه.

وفرضت “إكواس” عقوبات على النيجر، تشمل إغلاق المجال الجوي لدول المجموعة أمام النيجر، وتعليق التبادلات التجارية معها، على خلفية تولي عسكريين السلطة، وعزل رئيس البلاد محمد بازوم.

ومطلع آب/أغسطس الجاري، اعتمد المشاركون في اجتماع طارئ لرؤساء الأركان العامة للقوات المسلحة لدول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، عقد في أبوجا، خطة في حالة التدخل العسكري في النيجر.

ورفض رئيس المجلس العسكري في النيجر، عبد الرحمن تشياني، العقوبات التي فرضتها “إكواس”، رداً على التمرد العسكري؛ ووصفها بأنّها “غير قانونية وغير عادلة وغير إنسانية”.

وتظاهر آلاف النيجريين صباح الأحد في وسط العاصمة نيامي دعماً للمجلس العسكري الذي تولّى السلطة في انقلاب في 26 تمّوز/يوليو وأعلن السبت عن فترة انتقالية لن تتجاوز مدّتها ثلاث سنوات، في حين لا يزال تهديد دول غرب إفريقيا بالتدخل عسكريا قائما.

وكما في كلّ التظاهرات المؤيّدة للنظام الجديد، تمّ ترديد ورفع العديد من الشعارات واللافتات المعادية لكلّ من فرنسا والجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس)، وفق مراسلي وكالة فرانس برس.

وكُتب على لافتات “لا للعقوبات” و”تسقط فرنسا” و”أوقفوا التدخل العسكري”، فيما أدّى موسيقيون أغنيات تشيد بالانقلابيين.

تأتي التظاهرة غداة خطاب متلفز ألقاه قائد الانقلاب الجنرال عبد الرحمن تياني وأعلن فيه عن فترة انتقالية لن تتجاوز “ثلاث سنوات” وإطلاق حوار وطني.

قبل خطابه، التقى تياني وفدا من الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا بقيادة الرئيس النيجيري الأسبق عبد السلام أبو بكر الذي كلف التفاوض على مخرج سلمي من الأزمة.

على عكس زيارة الوفد السابقة في بداية آب/أغسطس، تمكن المبعوثون هذه المرة من لقاء قائد الانقلاب وكذلك الرئيس محمد بازوم المحتجز منذ إطاحته من منصبه.

وظهر بازوم مبتسما خلال اللقاء في صور نقلها التلفزيون النيجري.

وقال أبو بكر “هناك أمل بلا شكّ”، مؤكدا أن زيارة الوفد “ساعدت في إيجاد فسحة لمواصلة المحادثات حتى حلّ هذه القضية الصعبة”.

لكن نهاية الأزمة لا تلوح في الأفق في ظل مطالبة الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا بالإفراج عن بازوم وإعادته إلى منصبه فورا.

ولم يذكر عبد الرحمن تياني الرئيس المخلوع في خطابه مساء السبت.

وتهدّد “إكواس” باستخدام القوة إذا لم تتمّ الاستجابه لمطالبها.

وأعلنت المنظمة الإقليمية الجمعة، بعد اجتماع لقادة جيوش دولها في أكرا، أنّ “يوم التدخل قد تم تحديده”.

ويأخذ الجنرال تياني هذا التهديد على محمل الجد، وحذّر مساء السبت من أن النيجر لن تقف مكتوفة الأيدي في حال التدخل المسلح.

وقال في خطابه “إذا شُنّ هجوم ضدّنا، فلن يكون تلك النزهة التي يبدو أنّ البعض يعتقدها”، مضيفا أن “إكواس” تريد تشكيل “جيش احتلال بالتعاون مع جيش أجنبي” لم يحدده.

ضبط النفس

من جهته، حضّ البابا فرنسيس الأحد في الفاتيكان على إيجاد “حل سياسي في أسرع وقت ممكن” في النيجر.

وقال البابا في صلاة التبشير الملائكي أمام الحاضرين في ساحة القديس بطرس “أتابع بقلق ما يحدث في النيجر، وأنضمّ إلى الأساقفة في دعوتهم إلى السلام والاستقرار في هذا البلد وفي منطقة الساحل”.

في اليوم السابق، صدرت دعوة مماثلة عن الجزائر التي تتقاسم حدودا طويلة مع النيجر.

وقالت الخارجية الجزائرية في بيان إنه “قبل وقوع ما لا يحمد عقباه وقبل أن تدخل المنطقة في دوامة العنف الذي لا يستطيع أحد التنبؤ بعواقبه العديدة، تدعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس والحكمة والتعقل”.

وتواجه النيجر منذ سنوات جماعات جهادية تنشط في أجزاء مختلفة من أراضيها.

وأعلنت الولايات المتحدة، حليفة النيجر التقليدية التي تنشر نحو 1100 عسكري على أراضيها، عن وصول سفيرتها الجديدة إلى نيامي. وقالت واشنطن إن كاثلين فيتزغيبون لن تقدم رسميًا أوراق اعتمادها إلى السلطات الجديدة التي لا تعترف بها.

في الأثناء، لم تتراجع حدة الهجمات الدموية التي تشنها الجماعات الجهادية، فقد قتل 17 جنديا على الأقل الثلاثاء في هجوم قرب حدود بوركينا فاسو هو الأكثر دموية منذ الانقلاب.

* المصدر: موقع عرب جورنال
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر