فضائح سفن الشحن السعودية وشحناتها القاتلة
بقلم: هانز- مارتن تيلاك*
(مجلة “شتيرن” الألمانية، ترجمة: نشوى الرازحي-سبأ)-
تنقل سفينة الشحن السعودية “بحري ينبع” الأسلحة إلى المملكة. وقد أثار رسوها في الموانئ سلسلة من الاحتجاجات في كل من فرنسا وإيطاليا. وكان يتعين أن ترسو السفينة في بريمرهافن – لكنها غيرت مسارها في وسط المحيط الأطلسي.
من المفترض أن اهتمام الناس في البلدان المجاورة مثل فرنسا وإيطاليا بأمر تصدير الأسلحة إلى البلدان التي تقود الحروب مثل المملكة العربية السعودية أقل من اهتمام الناس بهذا الأمر هنا في ألمانيا.
ولكن في بداية شهر مايو، كان من الواضح أن العكس كان صحيحاً. بعد التقارير الإخبارية التي نُشرت عن شحنة أسلحة يخطط لنقلها إلى المملكة العربية السعودية، لم تحتج منظمات حقوق الإنسان فحسب، بل احتج أيضاً عمال رصيف الموانئ في كل من فرنسا وإيطاليا على شحن الأسلحة.
وكان الاحتجاج على وجه الخصوص بسبب سفينة الشحن السعودية شبه الحكومية “بحري ينبغ”. لقد ظلت السفينة تحت مراقبة منظمات حقوق الإنسان والصحفيين في نصف القارة الأوروبية. وهناك سفينة الدحرجة “بحري جازان” (التي تستخدم لنقل البضائع ذات العجلات كالقطارات والسيارات بمختلف أنواعها) – التي كان من المفترض أن ترسوا في ألمانيا يوم السبت 15 يونيو، لأول مرة منذ بدء المحادثاتوعلى وجه الدقة، كان من المفترض أن ترسو في ميناء بريمرهافن الألماني. هذا ما قالته بيانات استقبال السفينة التي أمكن استعادتها من مواقع التتبع يوم الجمعة. ولكن يوم الأحد، غيرت السفينة اتجاهها وسط المحيط الأطلس. ومن المخطط أن تصل إلى جنوة في إيطاليا في 17 يونيو.
موجة احتجاج ضد سفينة الشحن بحري ينبع:
في السابق، كان الصحفيون والنشطاء قد أعلنوا عن الزيارة المزمعة لبريمرهافن على تويتر. بدأت موجة الاحتجاجات ضد سفينة الشحن بحري مع بداية مايو، عندما نشر تقرير صادر عن مؤسسة البحث الاستقصائي الفرنسي “ديسكلوز”. و وفقا لما ورد في التقرير، كان من المقرر أن يتم نقل ثمانية مدافع هاوتزر من طراز القيصر في ميناء لوهافر شمال فرنسا من الشركة المصنعة “نيكسترNexter ” على متن سفينة الشحن السعودية “بحري ينبع”.
مدافع القيصر التي يتم وضعها على شاحنات “يونيماج”، وهي شاحنات دفع رباعي من صنع شركة دايملر يستخدمها الجيش السعودي على الحدود مع اليمن ويقصف بها أهدافاً في البلد المجاور منذ بداية الحرب الدائرة هناك؟ وهذا قد تم تأكيده بالفعل من خلال فريق المشروع البحثي جيرمن آرمز الذي شاركت فيه مجلة شتيرن في نهاية فبراير.
وفي أبريل، كشف تحليل موثوق صادر عن مؤسسة البحث الاستقصائي الفرنسي “ديسكلوز” بأن الآلاف من المدنيين في اليمن ضحايا محتملين لمدافع هاوتزر من طراز القيصر التي تقع على بعد 38 كم منهم.
فهل حقا سيحصل السعوديون على ثمانية مدافع من الشركة المصنعة نيسكتر Nexter، التي اندمجت قبل أربع سنوات مع الشركة كراوس- مافي فيجمان Krauss-MaffeiWegmann المصنعة للدبابات الألمانية؟
حاولت منظمة حقوق إنسان فرنسية وقف ذلك بتقديم طلب قضائي أولي. وبالتالي لم تدخل سفينة الشحن “بحري ينبع” ميناء لوهافر، لكنها واصلت رحلتها عبر المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط.
رفض عمال الرصيف في جنوة نقل الشحنات:
وكما أكدت الجمارك البلجيكية، كانت سفينة الشحن السعودية “بحري ينبع” قد حملت على متنها قبل وقت قصير أسلحة بلجيكية من الشركة المصنعة للأسلحة النارية إف إن هيرستال FN Herstal الواقعة بالقرب من مدينة لييج البلجيكية.. وعندما وصلت السفينة إلى جنوة ، إيطاليا، في 20 مايو، كانت هناك احتجاجات متجددة. ورفض عمال الرصيف هناك تحميل ما قيل بأنه مولدات كهربائية للحرس الوطني السعودي.
بعد بضعة أيام، وصلت السفينة الشقيقة “بحري تبوك” إلى مدينة مرسيليا في فرنسا. ,وفقا لموقع ديسكلوز تم تحمليها هناك بشحن من الذخيرة المصنعة من قبل شركة يورينكو والمخصصة لمدافع يجب أيضا أن يتم تحميلها هناك بالذخيرة من شركة المصنعة للذخيرة Eurenco، والمخصصة لمدافع هاوتزر من طراز القيصر.
وبالطبع نفت شركة الشحن ذلك. وقالت أن الأمر كله يتعلق بشحنة مولدات الكهربائي من شركة سيمنز. ومع ذلك تحدثت منظمة العفو الدولية في فرنسا عن “سفينة العار”.
وفي الميناء الفرنسي أيضاً، أكد عمال الرصيف أنهم قاموا فقط بتحميل البضائع المدنية ورفضوا تحميل الأسلحة. وقال أحد مسؤولي الكنفدرالية العامة للشغل (منظمة نقابية فرنسية): لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نقوم بتحميل الأسلحة التي يمكن أن تستخدم في الحرب.
على عكس الإعلان الأصلي، قامت سفينة الشحن “بحري تبوك” بعد المغادرة في مرسيليا بتوقف مفاجئ في كالياري في سردينيا. تقوم شركة آر دبليو إم إيطاليا RWM Italia التابعة لشركة راينميتال Rheinmetall الألمانية بإنتاج قنابل على مدى نوات في قرية دوموسنوفاس Domusnovas السردينية الواقعة على بعد حوالي 50 كيلو متر من كالياري، والتي استخدمت لسنوات في حرب اليمن. ووفقاً للبحث الذي أجرته المنظمة غير الحكومية الإيطالية “ريته بريل ديزارمو Rete per ilDisarmo “، فقد تم بالفعل تحميل شحنات الحاويات التي تحمل أسلحة من شركة آر دبليو إم إيطاليا RWM Italia على متن سفينة “بحري تبوك” في 31 مايو2019. فهل هذا صحيح؟
لقد تركت شركة راينميتال Rheinmetall الأم ومقرها في دوسلدورف أسئلة مجلة شتيرن حول هذا الموضوع دون إجابة.
النقاش الألماني الناقد حول صادرات الأسلحة “ليس قضية خاصة في أوروبا:
أعجبت عضوة حزب الخضر وخبيرة نزع السلاح، كاتيا كيول ، باحتجاجات عمال الرصيف في إيطاليا وفرنسا وقالت في تصريح لمجلة شتيرن: “هذا احتجاج مدني، لم نشهده بعد هنا. إنه يدل على أن النقاش الألماني الناقد حول صادرات الأسلحة ليس حالة خاصة في أوروبا “.
تنتمي سفن الشحن “بحري ينبع” و “بحري تبوك” إلى أسطول شحن مكون من ست سفن شحن دحرجة يبلغ طول الواحدة منها 225 متراً تعود ملكيتها لشركة الشحن بحري. تأسس خط الشحن عام 1978 بموجب مرسوم ملكي. كانت جميع شركات الشحن الست تقريباً قد سافرت إلى كالياري مرة واحدة أو عدة مرات في السنوات الماضية منذ بداية الحرب في اليمن – وكذلك “بحري جازان”، التي كان من المتوقع الآن أن ترسو في بريمرهافن، ولكنها الآن غيرت مسارها.
وقد أمكن العثور على معلومات بشأن مرور سفينة الشحن بكالياري في بيانات التتبع المتوفرة لدى موقع روستوك فيلت مون Rostock Fleetmon، وقد قامت مجلة شتيرن بتقييمها.
كما أن ميناء بيرمرهافن يعد أيضا كان أحد الوجهات المتكررة لسفن بحري. ولم يعرف شيء بعد عن أمر الشحنة التي يتعين نقلها على متن أحد سفن بحري إلى ميناء بحر الشمال.
وقد تركت شركة بحري للشحن أسئلة شتيرن حول هذا الموضوع بدون إجابة.
مددت الحكومة الفيدرالية آخر حظر للأسلحة للمملكة العربية السعودية حتى سبتمبر. المؤكد هو أن “بحري جازان” رست في وقت سابق في ميناء سانت جون الكندي في الخامس من يونيو. وفي ديسمبر 2018، قبل عيد الميلاد مباشرة، تم تحميل دبابات مدرعة تابعة للشركة الكندية جنرال دايناميكس على متن السفينة “بحري ينبع” ليتم نقلها للمملكة العربية السعودية. ومنذ ذلك الحين والناس يحتجون في سانت جون على صادرات الأسلحة. وفقًا لمنظمة العفو الدولية، هناك أدلة على أن سفينة الشحن “بحري جازان” قد نقلت مثل هذه الدبابات المدرعة في بداية يونيو من سانت جون.
سفن شحن شركة بحري رست أيضا في الساحل الشرقي للولايات المتحدة
ومن ضمن المؤاني التي اعتادت سفن شركة بحري السعودية الرسو فيها أيضا موانئ على الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية.
نشرت صحيفة “لا ريبوبليانا” الإيطالية في مايو صوراً للحجوزات التي قيل أنها تمت في جولات سابقة لسفن بحري.
هناك شوهدت على سبيل المثال المركبات المدرعة من طراز ماكس برو Maxxpro المقاومة للألغام المصنعة من قبل الشركة الأميركية نافيستار Navistar، التي امتلكتها الإمارات العربية المتحدة. ويُقال أن المركبات من هذا النوع وصلت بالفعل إلى أيدي الميليشيات المسلحة في اليمن.
وعلى صور التقطت في مدينة جدانسك البولندية في يونيو 2016 يرى المرء أيضا كيف يتم تحميل الدبابات المدرعة من مصنع باتريا الفنلندي. تستخدم الإمارات مركبات من هذا النوع كما يتضح من مقاطع فيديو نشرتها وكالة الانباء الإماراتية (وام) أيضا في الحرب اليمنية – دون تقديم الدليل بأن من ضمن تلك المركبات دبابات تم نقلها على متن سفن الشحن التابعة لبحري.
وقد مرت سفن شركة الشحن بحري مرات عدة على ميناء عدن، الواقع في البلد الذي تدور فيه الحرب. وقد اكتشف الباحث في مؤسسة بيلينجكات للبحث الاستقصائي، ليون هادافي، واحدة من السفن على صور الأقمار الصناعية لمدينة عدن في سبتمبر 2016 وفيديو على فيسبوك من سبتمبر 2017. يُظهر الفيديو رصيف الميناء وبجواره تقف سفن شحن تنقل الجنود تابعة للإمارات.
ووفقاً لتقرير رسمي لخبراء الأمم المتحدة صدر في يونيو 2017 ، استخدمت الإمارات إحدى سفن شركة بحري لكسر الحظر المفروض على صادرات الأسلحة. و في أبريل 2016 ، قامت سفينة الشحن “بحري أبها” بتفريغ المئات من العربات العسكرية المدرعة في ميناء طبرق الليبي بغرض إمداد جيش المتمرد الجنرال حفتر، الذي دعمته الإمارات – “الشريك الاستراتيجي” لحكومة ألمانيا الاتحادية- في عمل يتعارض مع ما فرضته الأمم المتحدة من عقوبات.