السياسية:

 

من المعروف جداً أن أكثر من 50 دولة تدعم أوكرانيا علناً وتؤيد العقوبات المفروضة على روسيا. أين هم ممثلو هذه الدول كلهم​​، إذا أراد الغرب أن يأخذ الأعداد المشاركة في اجتماع جدة كمؤشر؟

تناول المحلل السياسي في صحيفة “كومسوموليسكايا برافدا” المسكوفية، يفغيني أومرينكوف، مآلات الاجتماع الذي عقد في مدينة جدة السعودية لإنهاء الصراع بين الاتحاد الروسي ودول الناتو على الأرض الأوكرانية، وبحث دول البريكس عن أرضية مشتركة لخطط السلام. 

فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

استضافت المملكة العربية السعودية في نهاية الأسبوع الماضي مشاورات استمرت يومين حول التسوية السلمية في أوكرانيا. وقد دأب الغرب على تقديم هذا الاجتماع على أنه “قمة سلام في جدة”، مؤكداً أن روسيا لم تتم دعوتها إلى هناك، وكان الموضوع الرئيس للمناقشة هو “خطة زيلينسكي للسلام”، المعروفة بعدم قابليتها للتحقيق مطلقاً. الهدف الرئيس من الحدث هو جذب دول العالم الجنوبي إلى الشكل، والذي يُنظر إليه على أنه “دعم لكييف”، وبالطبع “إدانة لموسكو”. ما الذي نتج عنه؟

أولاً، “قمة” كلمة رنانة. اعتدنا أن نقول بالروسية “اجتماع على مستوى القمة”، وهي عبارة تعني أي أن كبار المسؤولين وقادة الدول يشاركون فيها. أما هناك في جدة فكان مستشارون أمنيون ومبعوثون خاصون، الأمر الذي يجعل مكانة الحدث تتراجع.

ثانياً، لا تزال الصحف تتداول بيانات مختلفة من عدد المشاركين: إما “أكثر من ثلاثين” أو “ما يقرب من أربعين”. تتضح هنا الرغبة في رفع العدد لإظهار عدد الدول الممثلة في الاجتماع الذي لم تدع روسيا إليه. لكن من المعروف جداً أن أكثر من خمسين دولة تدعم أوكرانيا علناً وتؤيد العقوبات المفروضة على روسيا. أين هم ممثلو هذه الدول كلهم​​، إذا أراد الغرب أن يأخذ الأعداد كمؤشر؟

نعم، كان من بين المشاركين في المشاورات في جدة ممثلو البريكس. لكن المسؤولين في موسكو، لم يشعروا بالهستيريا بشأن ذلك، وأعلنوا على الفور أنه من الضروري معرفة ما ستتم مناقشته. علاوة على ذلك، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن المفاوضات في السعودية بشأن أوكرانيا من دون مشاركة روسيا ستكون مفيدة إذا كان بإمكانها مساعدة الغرب على رؤية المأزق في “خطة زيلينسكي”. أي أننا ما زلنا بحاجة إلى معرفة من الذي تمكن من إقناع من وبماذا، أو على الأقل من ساعد من في التعرف إلى الواقع.

علاوة على ذلك، كيف يمكن للصين أو الهند أو جنوب إفريقيا رفض دعوة جدة إذا كان قادة هذه الدول أنفسهم من المبادرين للبحث عن حل سلمي للصراع؟ من المنطقي أن نفترض أنهم يريدون أن يروا توجهات الغرب وكيف سيأخذون في الحسبان موقفه. واقعاً، في “القمة” الأولى، التي كان لديها جدول أعمال مماثل، وعقدت في حزيران/يونيو في كوبنهاغن، لم يكن ممثلوهم حاضرين.

في جدة، لم يتم الإدلاء بأي تصريحات رسمية عقب المشاورات. وفقاً لتقارير وسائل الإعلام الغربية، اتفق المشاركون على إنشاء “مجموعات عمل” لمواصلة مناقشة البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا. بالطبع، من الأفضل التحدث بدلاً من التظاهر بعدم وجود آراء أخرى. في المناسبة، أعلنت السعودية، التي عملت كمبادر رسمي للمشاورات، أنها ستبلغ روسيا بنتائجها. لذا إذا أراد شخص ما تحويل الاجتماع في جدة إلى دليل على أن موسكو “في عزلة”، فهذا بالتأكيد لم ينجح.

في المقابل، ذكرت صحيفة “كورييري ديلا سيرا” الإيطالية أن المفاوضين لحل الأزمة توصلوا إلى نتيجة مفادها أن أي اتفاق سلام يجب أن يقوم على أساس احترام وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها، وسيادة ميثاق الأمم المتحدة. من يجادل هنا! فقط نذكر أن ميثاق الأمم المتحدة لا يتحدث عن وحدة أراضي الدول فحسب، بل يتحدث أيضاً عن حق الدول في تقرير المصير. ولكن في كيفية تحقيق التوازن بين هذين النقيضين لا شيء يقال.

من الصعب عدم طرح سؤال: لماذا لم يعقد المتعصبون الغربيون لفكرة وحدة الأرض أي مؤتمرات في عام 2008 بعد إعلان الانفصاليين الاستقلال في كوسوفو؟ إلى أين ذهب ميثاق الأمم المتحدة فيما يتعلق بسلامة أراضي صربيا حينذاك؟ حتى الآن، لا تعترف جميع دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ببريشتينا. وماذا؟ هل تعذبت ضمائر الذين مزقوا أراضي بلغراد التاريخية؟ أو ربما يكون من المنطقي مناقشة هذه المسألة بأثر رجعي بالصيغة نفسها كما في جدة؟ بعد كل شيء، ميثاق الأمم المتحدة بالتأكيد ليس النتيجة المتوخاة من قمة جدة. هذا ليس مكانه، أم أن المجتمعين غلفوا النتائج به؟

لا بد من إخماد الصراع المسلح في وسط أوروبا بالطبع. السؤال الوحيد هو كيف؟ الصين أيضاً مع وحدة الأراضي، لكنها في الوقت نفسه تدعو إلى مراعاة المصالح المشروعة لروسيا في ضمان أمنها. هذا ما نحتاج إلى الاتفاق عليه. اليوم، فقط كييف، بدعم من رعاتها الغربيين، تعلن بحزم أنها لن تجري أي مفاوضات مع موسكو. لكن الرئيس التركي، في اليوم التالي لاستكمال المشاورات في جدة، قال إنه في الاجتماع المقبل مع الرئيس الروسي، سيقدم مرة أخرى وساطته في محادثات السلام بين موسكو وكييف وفق الصيغة “لا يوجد منتصرون في الحرب ولا يوجد خاسرون في محادثات السلام”.

في المناسبة، في جدة، طرحت السعودية أيضاً خطتها لتسوية الصراع سلمياً. أي خطة سنتبع؟ الصين لديها خطة خاصة، وكذلك دول أفريقيا. وقد اتضح أن إردوغان يفكر في شيء ما. في مثل هذه الظروف، أصبح الدفع من خلال “خطة زيلينسكي” أكثر صعوبة. لأنها “سلمية” بالاسم فقط، ومضمونها الصراع الأبدي مع روسيا. لكن من الواضح أن هذا خيار زيلينسكي هذا لم يغر أحداً.

 * المصدر: موقع الميادين نت
* الماده نقلت حرفيا من المصدر