السياسية:

خرجت في العاصمة صنعاء ومختلف المدن باليمن، يوم الجمعة، مسيرات جماهيرية حاشدة إحياء لذكرى استشهاد الإمام ابي عبدالله الحسين (ع).

وأفادت “المسيرة” بأن العاصمة صنعاء، شهدت عصر يوم الجمعة، مسيرة جماهيرية كبرى إحياءً لذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام “عاشوراء” وتنديداً بالإساءة للقرآن الكريم تحت شعار “هيهات منا الذلة”.

وأكدت الحشود الجماهيرية، أن إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام هو تجسيد للولاء والارتباط بسيد الشهداء والمنهج الذي تحرك من أجله، ومسيرته ومواقفه وشجاعته في مقارعة الظلم والطغاة ونصرة الحق والمستضعفين.

ورددت الحشود، هتافات الحرية وشعار الحسين “هيهات منا الذلة”، والتأكيد على مضي الشعب اليمني على نهج وموقف وتضحية سبط رسول الله وثورته ضد الطغاة والمستكبرين والظالمين.

وجددت الولاء والعهد لأعلام الهدى ومنهم الإمام الحسين عليه السلام، والمضي على نهجهم في مواجهة طغاة العصر من قوى الاستكبار العالمي بقيادة أمريكا واللوبي الصهيوني وعملائهم حتى تحقيق النصر.

وأكدت الحشود التمسك بالقيم والمبادئ العظيمة التي ضحى من أجلها الإمام الحسين بن علي عليهما السلام ورفض الذل والخنوع، واستلهام معاني التضحية والفداء في مواجهة أعداء الأمة ونصرة القرآن الكريم والمقدسات الإسلامية.

وأشار المشاركون في المسيرة، إلى عظمة ذكرى عاشوراء وتحرك وتضحيات الإمام الحسين، وامتدادها وتأثيرها على واقع الأمة عبر الأجيال لتصحيح مسارها وصناعة مستقبلها ونصرها على أعداء الإسلام.

وأوضحوا ‌أن إحياء ذكرى عاشوراء، محطة لاستذكار ما حدث فيها من مأساة للإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته على أيدي طغاة بني أمية وأتباعهم من المجرمين الطغاة، واستلهام الدروس والعبر منها.

وأكد بيان صادر عن المسيرة، أن إحياء هذه الذكرى هو واحدٌ من تعابير حُبّ وولاء وارتباط الشعب اليمني بسيد الشهداء الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «حسينٌ مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينًا، حسينٌ سبطٌ من الأسباط»، وتجسيد الارتباط بالمنهج والموقف والرؤية التي تَحرَّك على أساسها ومن خلالها الإمام الحسين عليه السلام، وهي رؤية القرآن الكريم، ومسلك رسول الله محمد صلى الله عليه وآله.

واعتبر إحياء عاشوراء تأكيدا على الموقف المبدئي الإيماني الديني ضد الظلم والظالمين في كل زمان ومكان، والتمسك بمبدأ الإمام الحسين عليه السلام الذي قال “ألا ترون أن الحق لا يُعمل به، وأن الباطل لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقًا، فإني لا أرى الموت إلا سعادة، ولا الحياة مع الظالمين إلا بَرَما”.

وأكد البيان أن الشعب اليمني المعتز بهويته الإيمانية وارتباطه بسبط رسول الله، سيِّد الشهداء الإمام الحسين، حسم خياره وقراره في التمسك بالإسلام الذي يحرره من كل طاغية وطاغوت، مهما سعت قوى الطاغوت والاستكبار بقيادة أمريكا واللوبي الصهيوني وعملائها لإخضاعه وإذلاله والسيطرة عليه.

وأضاف البيان “سنتمسك بالإسلام في موقفه الذي أعلنه الإمام الحسين “عليه السلام” في مثل هذا اليوم (أَلَا وَإِنَّ الدَّعِي بن الدَّعِي قَد رَكَزَ بَينَ اثنَتِين: بَينَ السِّلَّةِ، وَبَينَ الذِّلَّة، وَهَيهَات مِنَّا الذِّلَّة)، وحينما قال (لَا وَاللهِ.. لَا أُعطِيهِم بِيَدِي إِعطَاءَ الذَّلِيل، وَلَا أُقِرُّ إِقرَارَ العَبِيد).

وجدد بيان المسيرة التأكيد على موقف الشعب اليمني المبدئي تجاه قضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وموقفه المعادي للعدو الصهيوني وللغطرسة الأمريكية، والتضامن مع شعوب الأمة الإسلامية، باعتبار ذلك جزءًا أساسياً من التزامه الديني الذي لا يقبل المساومة.

واستنكر كل أشكال التطبيع والعلاقات مع العدو الصهيوني من قِبِل أنظمة العمالة والخيانة، باعتبارها من الولاء المحرَّم شرعاً، مؤكدا الوقوف المبدئي مع محور المقاومة والجهاد في مواجهة الصهاينة حتى يتم دحرهم، وتحرير المقدسات في فلسطين.

وأدان البيان بشدة الإساءات المتكررة إلى القرآن الكريم من قبل دولتي السويد والدنمارك، اللتين تقومان بذلك استجابةً لتوجيهات اللوبي الصهيوني.

ودعا البيان حكام وشعوب العالم العربي والإسلامي إلى اتخاذ المواقف الحازمة والجادة تجاه ذلك من خلال قطع العلاقات الدبلوماسية معهما، والمقاطعة الاقتصادية لمنتجاتهما، وغير ذلك من الوسائل الرادعة.

وتابع بيان المسيرة “نقول لتحالف العدوان: “إنّ أيدينا ما زالت على الزناد، وما زلنا مستمرين في إعداد القوة لمواجهة عدوانكم وحصاركم وغطرستكم”، مؤكداً أنَّ موقف الشعب اليمني في التصدي للعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الصهيوني الغاشم على اليمن هو موقفٌ مبدئيٌ من منطلق الهوية الإيمانية وهو جهادٌ مقدس.

كما أكد أن التصدي للعدوان الغاشم واجبٌ دينيٌ وإنسانيٌ ووطني، ومن يفرِّط بهذا الواجب، أو يخون هذا الموقف، فهو يخون هويته الإيمانية، ويفرِّط بها، وأن الشعب اليمني لن يألو جهداً في التصدي لهذا العدوان مهما كان مستوى التحديات، وحجم التضحيات.

ولفت إلى أن التضحيات مهما بلغت لن تكون بمستوى خسائر الاستسلام والخنوع التي تخسر فيها الأمة كل شيء، حيث تخسر حريتها، واستقلالها، وكرامتها، وحاضرها، ومستقبلها، ودينها، ودنياها، ولا بمستوى خسارة التفريط الفادح الذي يمكِّن الأعداء من السيطرة على الأمة.

وأكد بيان المسيرة، مواصلة السير على درب سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام في الثبات على الحق، والنهوض بالمسؤولية، والاستجابة الصادقة والواعية لله تعالى.

الترويج لخطاب عاشوراء في شبه الجزيرة

بالتأكيد، من أهم جوانب القلق بشأن إقامة المزيد والمزيد من احتفالات محرم الأكثر روعة واتساعًا، هو الخوف من نمو وانتشار ثقافة عاشوراء والتأثير الأكبر للرسائل الروحية والدينية والسياسية والاجتماعية لانتفاضة الإمام الحسين (ع) في اليمن والجزيرة، كما أن الرسالة المناهضة للاستبداد في انتفاضة عاشوراء، بعد قرون من الجهود التي يبذلها متعصبو أهل البراءة والنقاء، قد تغلغلت بشكل كامل في حدود جغرافيا العالم الإسلامي وتنتشر حتى للمجتمعات غير الإسلامية في شرق وغرب العالم.

في الخطب التي تم إلقاؤها في يوم عاشوراء في مختلف مدن اليمن، تم الاهتمام بشعار “هيهات منا الذلة” وتحدث المتحدثون عن حياة الإمام الحسين (صلى الله عليه وسلم) والتضحيات التي قدمها في مواجهته للظلم والظالم والدفاع عن الحق والمظلوم وإصلاح المجتمع، على سبيل المثال، أشار العلامة محمد مفتاح مستشار المجلس السياسي الأعلى إلى أهمية إقامة مراسم الحداد هذه من أجل الاستلهام من حياة الإمام الحسين عليه السلام، وأشار إلى أن “أهل اليمن يعيشون تحت وطأة القهر وما يشهدونه اليوم من صمود وكبرياء وشرف واعتزاز هو استمرار لانتفاضة الإمام الحسين (عليه السلام) على الظالمين والمتكبرين”.

ووفقًا لهذا الجانب من رسالة انتفاضة عاشوراء، يمكن القول إن أحد أسباب عداء الأعداء والدعاية واسعة النطاق ضد الترويج لثقافة عاشوراء في اليمن هو الاهتمام بالترويج لثقافة مناهضة الاستبداد والتمرد ضدها وإنكار الحكام المعادين للدين والظالمين.

انضمام اليمن إلى هيكل محور المقاومة

جزء آخر من خوف أعداء مقاومة الشعب اليمني من انتشار ثقافة عاشوراء مذكور بوضوح في بيان مجلس وزراء عدن المنفصل، والخوف من التحالف الاستراتيجي وتعزيز صلات اليمن بمحور المقاومة، والتي كانت مفتاح ثورة 2014 وتحولت صنعاء الآن إلى جزء لا يتجزأ من محور المقاومة في المنطقة مع موقع جيوسياسي مهم للغاية، ويرى كثير من المحللين أن هذا هو أحد الأسباب لتشكيل الجبهة السعودية الإماراتية الأمريكية الصهيونية وجاء في إطار العدوان العسكري على اليمن.

ما لا شك فيه أن خطاب المقاومة الذي كان في شكل الوحدة الإقليمية لمحور المقاومة قد فرك الآن أنف نظام الهيمنة ونظامه الأمني ​​والسياسي المنشود، والأهداف الاستراتيجية لمحور المقاومة، والتي ركزت على تحرير الأمة الفلسطينية من أسر الصهاينة وتدمير النظام الصهيوني المزيف، حيث باتت تظهر الآن بشكل بارز من قبل اليمنيين خلال مراسم عاشوراء والأربعين الحسيني.

وفي هذا الصدد، دعا وزير الصحة العامة والسكان في حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية، إلى دعم الشعب الفلسطيني، مشددا على أنه مثل انتفاضة الإمام الحسين (ع)، فإن مشروعنا اليوم هو الوقوف ضد أمريكا حتى ينتصر مشروع المقاومة، مضيفا: “لكي تظل أمريكا مستسلمة ومهزومة، يجب أن نكون حسينيين، ونهجنا منهج الحسين عليه السلام “.

* المصدر: موقع الوقت التحليلي