السياسية:

فشلت الأسرة الدولية في وقف الحرب الدائرة في السودان منذ مائة يوم بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو فيما لا تزال بلاد النيلين غارقة في بحر العنف والاقتتال في وقت تتفاقم فيه الأزمة الإنسانية والغذائية.

ولم يستجيب الطرفان المتنازعان إلى دعوات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بوقف الاقتتال الذي دخل يومه الـ 100، ما تسبب في أزمة إنسانية كبيرة أرغمت الملايين على النزوح داخليا في حين سلك مئات الآلاف الأخرين طريق الهجرة نحو تشاد ومصر، أو حتى أوغندا.

ورغم عمليات وقف إطلاق النار الهشة التي شهدها السودان من حين إلى آخر، إلا أن الوضع على الأرض يتفاقم يوما بعد يوم بسبب رفض الرجلان الجلوس على طاولة المحادثات لإيجاد مخرج سياسي يضمن سلامة السودانيين وينهي العنف.. فكلاهما متشبث بالحل العسكري في حين ينهار اقتصاد البلاد، ليعود السودان إلى نقطة الصفر.

وبدأ القتال في البلاد في 15 أبريل الماضي على خلفية التوتر الذي وقع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بخصوص ملف تسليم السلطة للمدنيين.

ومع احتدام القتال في البلاد أوقفت منظمة الأمن الغذائي العالمي التابعة للأمم المتحدة نشاطاتها الإنسانية في السودان وذلك بعد مقتل ثلاثة من عمالها في الخرطوم، بيد أنها استأنفت تقديم خدماتها إثر نشر تقارير دولية عن تعرض الملايين للموت بسبب نقص الغذاء.

ومنذ بداية الحرب وبالتحديد في اليوم الخامس من بدء القتال بين الجانبين، بدأت العديد من الدول بعملية إجلاء رعاياها وأطقم سفاراتها من البلاد في وقت اتسعت فيه دائرة الاشتباكات واستخدام الجيش طائرات حربية لقصف مواقع قوات الدعم السريع التي كان بعض عناصرها يختبئ في الأحياء السكنية، ما أدى إلى سقوط الكثير من الضحايا المدنيين.

وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة فقد قُتل ما يقارب الـ3000 شخص مع نزوح حوالي ثلاثة ملايين آخرين من بينهم 600 ألف غادروا إلى الدول المجاورة، وعلى رأسها تشاد وأوغندا ومصر.. فيما لا تزال عمليات النزوح والفرار تتواصل داخليا وخارجيا مع ارتفاع وتيرة القتال وفي ظل غياب أي مخرج سياسي للأزمة.

وجاء هذا فيما حذرت الأمم المتحدة من بروز بوادر “حرب أهلية شاملة في السودان” إذا استمر الوضع على حاله وأن هذا قد يؤثر “على المنطقة بأكملها”.

فيما حذرت منظمة اليونيسف في مطلع شهر مايو الماضي من “انهيار المنظومة الصحية” السودانية بالكامل بسبب احتدام القتال في البلاد.

وفي 29 مايو الماضي، حذر المفتش الأعلى للاجئين في الأمم المتحدة فيليبو غراندي من خطر فرار ما يقارب مليون شخص من السودان في حلول شهر أكتوبر المقبل جراء العنف المتزايد.. مشيرا إلى أن “نسبة الاتجار بالأسلحة وبالبشر مرشحة للارتفاع بسبب هشاشة الوضع الأمني”.

وفي 8 يونيو الماضي، شرعت حركة تحرير السودان بتعبئة مقاتليها في ولاية كردفان، الأمر الذي ولّد مخاوف إضافية من انتقال عدوى الحرب إلى المناطق التي بقيت آمنة.

سياسيا.. على رغم اللقاءات التي بادر بتنظيمها الاتحاد الأفريقي ومنظمة “إيغاد” -التي تضم كل من جيبوتي وإثيوبيا وجنوب السودان وكينيا والصومال وإريتريا بالإضافة إلى السودان نفسه- إلا أنها لم تفض إلى أي نتيجة تذكر بسبب تمسك الوفد الحكومي بضرورة تنحي الرئيس الكيني عن رئاسة اللجنة متهما إياه بـ”عدم حياده وعلاقته المشبوهة بقوات الدعم السريع”.

وفي 13 يوليو الجاري، أطلقت مصر مبادرة سياسية جديدة لحل الأزمة السودانية بحضور بعض قادة الدول المجاورة كإثيوبيا، لكن اللقاء لم يسمح بوقف إطلاق النار ولم يخرج بخطة سياسية كفيلة بعودة السلم والمسار الديمقراطي إلى البلاد.

من جهتها، أعلنت قوى الحرية والتغيير التي تضم أحزابا سياسية وجمعيات مدنية عن تنظيم اجتماع جديد في القاهرة الإثنين والثلاثاء “لمناقشة إنهاء الحرب ومخاطبة جذور الأزمة فضلا عن قطع الطريق أمام مخطط النظام وفلوله واستعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي وفق رؤية سياسية تؤسس لوطن جديد” كما كتبت في حسابها على تويتر.. فهل تنجح قوى المجتمع المدني حيث فشل العسكريون والأسرة الدولية؟

أمميا.. حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من أن السودان “على حافة حرب أهلية شاملة” قد تزعزع استقرار المنطقة برمتها.. وجاء التحذير هذا وفقا لبيان نائب المتحدث باسمه فرحان حق.

إلى ذلك، أعرب غوتيريس بحسب بيان المتحدث عن “قلقه إزاء التقارير التي تتحدث عن تجدد القتال في ولايات شمال كردفان وجنوب كردفان والنيل الأزرق”.. منددا بـ”تجاهل تام للقانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان”، ومجددا دعوته إلى وقف القتال و”الالتزام بوقف دائم للأعمال العدائية”.