السياسية: تقرير

درج النظام السعودي بشكل كبير ومستمر على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان إذ يواصل هذا النظام الذي يقوده فعليا الأمير محمد بن سلمان قمع الحريات بشتى أشكالها، وعلى رأسها الحريات السياسية التي تعتبر معدومة في السعودية وينتهج هذا النظام سياسة تكميم الأفواه وتضليل الحقائق أو إخفائها، بغية التستر على جرائم القمع والاعتقال.

وفي هذا الإطار، كشفت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان مؤخرا أن نحو 64 شخصا يواجهون خطر الإعدام في السعودية، بينهم تسعة كانوا قاصرين وقت توجيه التهم إليهم.. محذرة من أن الخطر على حياة المعتقلين المحكومين بالإعدام في تزايد.

وأوضحت المنظمة الحقوقية أن 61 شخصا أُعدموا في النصف الأول من العام الحالي، بينما تفيد حصيلة أعدتها وكالة “فرانس برس” وتستند إلى تقارير إعلامية رسمية بإعدام 74 شخصا منذ بداية 2023.

واعتبرت المنظمة أن “مسار الانتهاكات التصاعدي، ونكث الوعود بشكل مستمر، والاستخفاف التام بالالتزامات والقوانين الدولية، يؤكد أن الخطر على حياة المعتقلين المحكومين بالإعدام في السعودية في تزايد”.

وقالت: “فيما يؤدي انعدام الشفافية إلى جهل بأرقام المحكومين حاليا، فإن معلومات المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تؤكد أن 64 معتقلا على الأقل يواجهون أحكاما بالإعدام، ومن بين المهددين حاليا تسعة قاصرين”.

واتهمت المنظمة الحقوقية السعودية أيضاً باحتجاز جثث بعض الذين تم تنفيذ أحكام إعدام بحقهم.. موضحة “ارتفع مع النصف الأول من العام 2023 عدد الجثامين المحتجزة إلى 140 على الأقل”.

وتم تنفيذ أكثر من 1000 حكم بالإعدام منذ تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم في عام 2015، وفقًا لتقرير نشرته المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان في وقت سابق من هذا العام ومجموعة ريبريف التي تتخذ من بريطانيا مقراً.

وعلى نفس المنوال، أورد تقرير “أطلس مخاطر حقوق الإنسان” التابع لمؤسسة التحليلات والأبحاث مابليكروفت، السعودية التي تعاني من انتهاكات جمة في حقوق الإنسان خاصة تجاه العمال والوافدين والمعارضين السياسيين والنساء مثلاً كأسوأ دولة سجلا في حقوق الإنسان.

وتواصل السعودية قمع الحريات بشتى أشكالها، على رأسها الحريات السياسية التي تعتبر معدومة في المملكة، في ظل نظام قمعي يديره بن سلمان.

وقد صنفت منظمة دراسات (فريدوم هاوس) الأمريكية السعودية بأنها أسوأ دولة في العالم من حيث الحريات السياسية، وقالت: إن السعودية سابع أسوأ دولة من حيث الانتهاكات التي تتعرض لها الحريات والديمقراطية حول العالم، وفي المرتبة الأولى كأسوأ بلد في الحريات السياسية، وسادس أسوأ دولة في الحريات المدنية.

من جهتها، صنفت منظمة مقاييس حقوق الإنسان، السعودية بواحدة من أكثر الدول غير الآمنة في حقوق الإنسان في العالم.

وركزت مبادرة قياس حقوق الإنسان على ملفات ساخنة في السعودية منها: حظر الحكومة للاحتجاجات، وقيود حرية التعبير ومنظمات المجتمع المدني، وعدم قدرة المواطنين على التصويت أو المشاركة في الحياة العامة.

وقد احتلت السعودية مرتبة متأخرة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، حسب تقرير لمنظمة مراسلون بلا حدود لعام 2021.

وجاءت السعودية التي يدير دفة أمور الحكم فيها بشكل فعلي ولي العهد محمد بن سلمان، بين ثلاث أكثر دول عربيا قمعا لحرية الصحافة ولا زالت تعتقل حتى الآن 32 صحفيا على الأقل وهم يعانون من سوء المعاملة في السجون، بحسب مراسلون بلا حدود.

ولا زالت السعودية أيضا تمنع عمل أي وسيلة إعلامية لا تتبع بشكل مباشر لها في الداخل، وتفرض قيودا على المواقع.

وتستمر السعودية في التعتيم على الأخبار ومنع الأفراد والصحفيين من الوصول إلى المعلومات وهو ما يعد عائقا أساسيا أمامهم لأجار مهمتهم في نقل المعلومات وصناعة رأي عام، حسبما أكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان.

وأضافت المنظمة الحقوقية، أن التعتيم وانعدام الشفافية في تعامل السعودية، يضاف إلى الانتهاكات المباشرة ضد الصحفيين والمدونين.

وأشارت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن استمرار استهداف الصحفيين في السعودية هو نتاج نهج معادي لحرية الصحافة بشكل كامل.

وقد أدرج مؤشر دولي يرصد حقوق الإنسان للعام 2022، السعودية ضمن أسوأ عشر دول في العالم في مجال الحقوق العامة، في فضيحة جديدة للنظام السعودي القائم على الاستبداد والقمع.

وأبرزت منظمة سند لحقوق الإنسان أيضا أنه في ظل حكم الاستبداد وتفشي الظلم والقمع في السعودية، تحول القانون بدلا من أن يحمي حقوق الناس، أصبح أداة قمع حكومية يعاقب الأبرياء ويفلت الجناة من العقاب.

ومن بين أبرز الملفات الحساسة التي تعكس الواقع المؤلم في هذا السياق بحسب منظمة سند، ما يتعرض له اليوم معتقلي الرأي من ظلم وتنكيل ممنهج، في ظل إفلات الجناة من العقاب كما حصل لقاتلي الصحفي جمال خاشقجي.

ودفعت جرائم آل سعود المتتالية بقيادة بن سلمان السعودية لتحل ثاني أسوأ دولة في العالم في ما يتعلق بحقوق الإنسان بحسب تصنيف منظمة مقاييس حقوق الإنسان التي اعتبرت السعودية بأنها واحدة من أكثر الدول “غير الآمنة” في حقوق الإنسان في العالم.

وتسلط الكثير من المنظمات الحقوقية الضوء على جرائم النظام السعودي الذي وصل إلى حد غير مسبوق من القمع والاعتقالات والسطو على أموال المعتقلين واغتيال بعضهم بوسائل مختلفة.

وترى منظمة العفو الدولية أن على النظام السعودي أن يتخذ إجراءات جوهرية فورية لكي يبرهن على التزامه حقا بعدما تعهد بن سلمان بإدخال إصلاحات جوهرية على النظام هناك.

وفيما يلي الخمسة الإجراءات الجوهرية التي يتعين على النظام السعودي أن يبادر بتنفيذها على وجه السرعة لكي يبرهن على التزامه حقاً بالإصلاح، بحسب المنظمة:

1– عقوبة الإعدام:

لا تزال السعودية في مقدمة دول العالم التي تنفذ عمليات إعدام.. فمنذ بدء العام الحالي وحتى الآن، أُعدم ما لا يقل عن 110 أشخاص، وأُعدم 70 منهم منذ يوليو.. وعادةً ما تصدر أحكام الإعدام في السعودية إثر محاكمات جائرة، وفي بعض الحالات تصدر مثل هذه الأحكام بعد أن يكون المتهمون قد تعرضوا للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة لإجبارهم على “الاعتراف”.. كما استُخدمت عقوبة الإعدام كسلاح سياسي لإسكات المعارضة واستهداف أبناء الأقلية الشيعية.. ومن بين المسجونين على ذمة حكم الإعدام أربعة من الأحداث الجانحين صدر ضدهم الحكم بسبب جرائم ارتُكبت وهم دون سن الـ18.

2– الكف عن قمع حرية التعبير:

لا يزال المدافعون عن حقوق الإنسان في السعودية يتعرضون لاعتداءات متكررة ويواجهون محاكمات ومضايقات واسعة النطاق في محاولة لقمع أنشطتهم السلمية.. ويقبع جميع النشطاء المستقلين البارزين في البلاد تقريباً خلف قضبان السجون دونما سبب سوى ممارسة حقهم في حرية التعبير.. كما شنَّت السلطات، في غضون الشهور الأخيرة، موجة اعتقالات ألقت خلالها القبض على ما لا يقل عن 20 من القيادات الدينية والكتاب والصحفيين والأكاديميين والنشطاء.

3- الكف عن اضطهاد أبناء الأقلية الشيعية:

لطالما عانى أبناء الأقلية الشيعية في السعودية من التمييز، فضلاً عن الاعتقال والسجن والمضايقة في محاولة لترهيبهم ومن ثم اسكاتهم.. وقد استهدفت السلطات على وجه الخصوص النشطاء في المنطقة الشرقية من المملكة، والتي ينتمي أغلب سكانها إلى الطائفة الشيعية، للاشتباه في مشاركتهم في مظاهرات احتجاج أو في تأييدهم لها، أو لقيامهم بالتعبير عن آراء تنتقد الحكومة.. وفي الفترة الأخيرة، استُخدمت عقوبة الإعدام كسلاح سياسي لمعاقبة أبناء الطائفة الشيعية، لإقدامهم على التظاهر احتجاجاً على المعاملة التي يلقونها وعلى قمع المعارضة.. ويوجد في السجون حالياً ما لا يقل عن 34 من أبناء الطائفة الشيعية الذين حُكم عليهم بالإعدام إثر إدانتهم بتهم تتعلق بالأمن القومي.

4– إنهاء التمييز المنظم ضد المرأة:

بالرغم إن المرأة في السعودية لا تزال تعاني من التمييز على نطاق واسع، في ظل نظام الوصاية القمعي، حيث تخضع كل فتاة وامرأة لولي أمر من الذكور له سلطة اتخاذ القرارات بالنيابة عنها.. ومن الضروري أن تبادر السلطات السعودية على وجه السرعة بإصلاح القوانين التي تعامل المرأة باعتبارها مواطناً من الدرجة الثانية بالمقارنة مع الرجل، وخاصة في الأمور الأسرية، مثل الزواج والطلاق وحضانة الأطفال والميراث.

5- الكف عن قتل المدنيين في غمار العدوان على اليمن:

تفيد بحوث منظمة العفو الدولية بأن السعودية، التي تقود تحالف العدوان على اليمن، قد ارتكبت، انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، من خلال شن هجمات غير مشروعة، على ما يبدو، بل وينبغي التحقيق في بعضها باعتبارها جرائم حرب.

ففي غضون السنوات الأخيرة، قتلت قوات تحالف العدوان وأصابت آلاف المدنيين في اليمن، وبين الضحايا كثير من الأطفال.

ويفيد التقرير السنوي عن “الأطفال والنزاعات المسلحة”، الصادر عن الأمين العام للأمم المتحدة، أن 683 طفلاً قد قُتلوا أو أُصيبوا في عام 2016 على أيدي قوات تحالف العدوان.. كما أقدمت قوات التحالف على استخدام ذخائر عنقودية، وهي عبارة عن أسلحة متفجرة مميتة تتسم بعدم التمييز بحكم طبيعتها، وهي محظورة على نطاق واسع بموجب القانون الدولي بسبب الإصابات المروِّعة التي يمكن أن تُلحقها بالمدنيين.