مع تصاعد الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو.. كيان العدو الصهيوني يتآكل سريعاً من الداخل
السياسية : مرزاح العسل
مع تصاعد الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو المتطرفة، وفي ظل تطور قدرات المقاومة في فلسطين ولبنان والجولان السوري، وبدعم مباشر من محور المقاومة.. بات أمر بقاء كيان العدو الصهيوني واستمراريته ومستقبله في المنطقة العربية في مهب الريح، بل أصبح يتآكل سريعاً من داخله، حتى لو توفرت له الحاضنة السياسية العربية التي تقدم له خدمات مجانية.
ومن هذا المنطلق نتذكر عبارة قالها أمين حزب الله اللبناني وسيد المقاومة السيد حسن نصر الله في أحد خطاباته عام 2000م، بعد هروب جيش العدو الصهيوني من جنوب لبنان، مع تزايد عمليات المقاومة ضد قطعان الصهاينة، والتي قال فيها وبصيغة القسم: (والله إنَّ “إسرائيل” هذه أوهن من بيت العنكبوت).
وفي حينها ظن البعض أنّ كلام السيد نصر الله جاء وفقاً لنشوته بالنصر، ما دفعه إلى المبالغة في وصف وضع كيان العدو الصهيوني بهذا الوصف، حيث كان آنذاك يُنظر إلى هذا الكيان المُحتل على أنه لا يُمكن قهر جيشه.
ومع مرور الزمن أثبتت الأيام بدون أدنى شك أن هذا الكيان الغاشم فعلًا يشبه بيت العنكبوت في تكوينه وحتى في قوته، فقد حاول الثأر لنفسه من هزيمته في جنوب لبنان، لا سيما بعد انسحابه من جنوب لبنان في مايو 2000، والانسحاب من قطاع غزة في 15 أغسطس 2005، وبعد الهزيمة التي مُني بها جيشه في لبنان في أغسطس 2006، وصولاً إلى كسر شوكته من قبل المقاومة الفلسطينية.
وبمرور أكثر من 23 عامًا على مقولة السيد نصر الله، وانطلاق المظاهرات العنيفة داخل كيان العدو الصهيوني من قبل الصهاينة أنفسهم وليس الفلسطينيين، وتعاظم التحديات أمام هذا الكيان فإنَّنا نرى حقيقة أن “إسرائيل” أوهن من بيت العنكبوت، ساطعة سطوع الشمس في وسط النهار، الأمر الذي يُهدد بتفكك هذا الكيان الغاصب داخلياً بقانون القوة لا قانون العدل.
ولا غرابة أن نرى في مجتمع مجرم، أن تكون زعاماته أكثر إجرامًا منه، وقد بلغ الوضع مبلغ الأزمة الكبرى داخل هذا الكيان الغاصب، ولم يسبق له أن تعرض لمثل هذه الأزمة منذ أن وطأت قدماه الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومن التحديات الداخلية التي زادت الطين بله في كيان العدو بعد أربع معارك انتخابات في غضون سنتين، ما يتعلق ببنائه الاجتماعي، والتي نشأت من طبقات المجتمع المختلفة (أشكناز، سفرديم/صابرا، فلاشا)، والتي تشكل تحدياً وجودياً ثانياً، وعمق الصراع بين اليمين واليسار الصهيونيين الذي ظهرت ملامحه وتبدت طبيعته بعد تشكيل حكومة نتنياهو المتطرفة الحالية، ما زاد من حدة هذا التحدي، وزاد كل ذلك من قلق قادة العدو الصهيوني على مستقبل كيانهم الغاصب.
وعمقت التحديات الداخلية التي عززت انقسام “المجتمع” الصهيوني، ولا سيما بين اليمين واليسار، والمتدينين والعلمانيين، وبين المكونات الاجتماعية وفق تقسيماتها المختلفة، ذلك التحدي الذي يتجلى في مواقف رموز هذا الكيان وقادته، وفي مواقف بعض العاملين في مؤسسات الكيان الحساسة، وفي اعتراف الجميع، بمن فيهم رئيس الكيان، بدقة الظرف التاريخي الذي يمر به كيانهم، واعترافهم بفقدانهم الثقة بتماسكهم وتماسك مؤسساتهم، واهتزاز إيمانهم بالمستقبل.
ولعل ما يثبت هذه الحقيقة ما جاء على لسان رئيس الكيان الصهيوني إسحاق هرتسوغ في تعليق له على تطورات الأزمة السياسية التي أشعلتها سياسات حكومة نتنياهو، حيث قال: “إنّ (إسرائيل) والمجتمع (الإسرائيلي) في مرحلة صعبة وأزمة داخلية عميقة وخطرة تهددنا جميعاً”.
وأضاف وفقاً لإعلام العدو الصهيوني: “نحن منقسمون ومتخاصمون أكثر من أي وقت مضى”.
وتابع: “هذه الأزمة الداخلية العميقة والخطرة تهددنا جميعاً، وتهدد المنعة الداخلية والتضامن (الإسرائيلي)، وهي خطرة جداً جداً”.
وحذّر رئيس الكيان الصهيوني من إمكانية التدهور إلى هاوية سحيقة، ومن وصول كيانه إلى نقطة اللاعودة، وأبدى خشيته من انهيار “الكيان” قبل أن يبلغ 80 عاماً من العمر، كما حدث لمملكة داوود ومملكة الحشمونيين/ الحشمونائيم.
وكان رئيس وزراء الكيان الصهيوني المستقيل، نفتالي بينيت، قد سبق رئيس الكيان إسحاق هرتسوغ في التعبير عن تلك المخاوف العظيمة التي يعيشها قادة العدو الصهيوني.
وقال بينيت في حديث له في يونيو 2022: “الكيان يقف أمام اختبار حقيقي ومفترق طرق تاريخي، لأنه يشهد اليوم حالة غير مسبوقة تقترب من الانهيار، ولأنه يواجه لحظة مصيرية، ويواجه خطر السقوط والانهيار بسبب عدم الانسجام بين مكوناته من جهة، وبسبب جهود المعارضة اليمينية لإسقاط الحكومة من جهة أخرى”.
وفي الآونة الأخيرة دأب الصهاينة على طرح نبوءات علمائهم، بأن لا “دولة لإسرائيل عمَّرت أكثر من 80 عامًا في تاريخهم، وهاهم يقتربون من عقد الثمانين، إضافة إلى مقولة السيد حسن نصرالله.. وهم يُصدّقون كلامه.
وهناك مؤشر آخر على زوال كيان الصهاينة، حيث ظهر غراب في مقطع فيديو، وهو يمزّق بمنقاره علم الصهاينة، والصهاينة أنفسهم يصدقون مثل هذه النبوءات، وعقيدتهم قائمة على مثل هذا، وقد قال أحد المعلقين: “إنَّ الغراب سبق وأن علم الإنسان كيف يواري سوءة أخيه، فكيف لا يقوم اليوم بإنذار الصهاينة بأفول نجمهم القائم على القهر والظلم واغتصاب الحقوق، وكما صار الدفن المسار الحتمي للإنسان بعد الوفاة، فلا عجب أن يصير التمزّق مصيراً لدولة الصهاينة”.
وفي شهر أبريل الماضي الذي صادف عيد الفطر المبارك، قال قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد على الخامنئي، في كلمة له نقلتها وكالات الأنباء الإيرانية: “إن سرعة زوال (إسرائيل) تزداد يوما بعد آخر”.. لافتا إلى أن العالم بأسره يرى ذلك.
وقال السيد الخامنئي: “نشهد زوال الكيان الصهيوني بشكل تدريجي وكل العالم يرى ذلك، وسرعة هذا الزوال تزداد يوما بعد آخر”.. مضيفاً: “متى ما انتهت قوتهم الرادعة سينتهون، وهذه القوة قد انتهت الآن أو أوشكت على النهاية بفضل المقاومة”.
ولم يحظى كيان العدو الصهيوني المتآكل داخلياً، بالاستقرار السياسي منذ أكثر من عقد من الزمن، حيث أصبح المجتمع الصهيوني غير المتجانس هم الفئة التي تستهدف الوصول للسلطة، وجميعهم يعتمد على أيديولوجية أقصى درجات التطرف ضد الشعب الفلسطيني من أجل كسب تأييد قطعان المستوطنين الصهاينة.
ولعل ما يحدث من صراعات عنصرية داخلية على مستوى قطعان الصهاينة خصوصاً تلك التي تتعلق بلون البشرة والأصول، وكذلك وصول المعارضة للمؤسسة العسكرية والعديد من القطاعات في داخل الكيان المحتل، قد يعيد الانتخابات إلى الواجهة مرات ومرات وبذلك يستمر غياب الاستقرار السياسي.
وفي المقابل.. المقاومة الفلسطينية ثابتة ومستمرة وتتطور يوماً بعد آخر منذ الانتداب البريطاني ولغاية اليوم، ولا شك أنها تتطور بين الحين والآخر وتتعاظم قدراتها خصوصاً مع زيادة شراسة العدو الصهيوني في قمع الشعب الفلسطيني، ولذلك كان من الطبيعي أن تظهر جماعة “عرين الأسود، وكتيبة جنين، وكتيبة نابلس، وكتيبة طولكرم.. وغيرها، في مواجهة زيادة التطرف في حكومات العدو الصهيوني وغياب المقاومة المسلحة عن التنظيمات الفلسطينية خصوصاً في المناطق الخاضعة لسلطة أوسلو.
وبالتمعن فيما يحدث داخل الكيان الصهيوني المحتل حالياً، فإن أزمة تعديل قوانين القضاء التي يبحث عنها نتنياهو ومتطرفيه قد أدت إلى دخول أطراف لم يسبق لها الدخول في هذا المعترك منذ نشأة الكيان المحتل.
وكعادته ينتهج كيان العدو الصهيوني سياسة تصدير أزماته الى الخارج، أو ما بات يعرف بـ “سياسة الهروب إلى الأمام”، فبالتزامن مع مظاهرات المستوطنين في الشوارع، كان جيشه على رأس عملياته العدوانية في الضفة الغربية المحتلّة من اقتحامات واغتيالات.
ولكنّ التحوّل الكبير في الضفة الغربية المحتلة وتصاعد المقاومة الفلسطينية، وقدرات الفصائل الفلسطينية في قطاع غزّة حوّل فلسطين “أوسلو وفظاعة ياسر عرفات إلى فلسطين أسود المقاومة”، وفقاً لم شدّد عليه السيد الخامنئي.
وكشف التطبيع مع كيان العدو الصهيوني الغاصب، ونقله من السر إلى العلن، وتسريعه، حقيقة حكام المسلمين العملاء للغرب كلهم، ومن غير استثناء، كما كشف العلماء الذين يقولون بما يقول حكامهم، وبين أن معدن الأمة صلب ودينها حي، حيث وقفت من أقصاها إلى أدناها ترفض عملية التطبيع مع كيان العدو الصهيوني.
الجدير ذكره أن ما يهم العرب والمسلمين هو زيادة التآكل الداخلي لكيان العدو الصهيوني الغاصب، وحدوث أكبر قدر من الخسائر في صفوفه بكل مكوناته كنتيجة حتمية لأزمة القوانين الحالية، وحدوث تلك الخسائر، سواء تم من خلال عدوانهم على بعضهم البعض، أو من خلال المقاومة الفلسطينية وصولاً إلى نفس النتيجة، وهي زوال الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين.