فضائح غسيل الأموال تطيح بشركات مصفاة ذهب كبرى في الإمارات
السياسية:
أطاحت فضائح غسيل الأموال بشركات مصفاة ذهب كبرى في دولة الإمارات التي تتعرض لعقوبات دولية متتالية على خلفية القصور الحكومي في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأعلنت رابطة سوق السبائك في لندن في بيان أن عضوية الشركات المرتبطة بالإمارات جولد تم تعليقها حتى إشعار آخر “بناء على نتيجة فحص فني نافي للجهالة أجرته الرابطة مؤخرا”.
وعلى ضوء ذلك أعلنت وسائل إعلام حكومية في الإمارات شطب مصفاة الإمارات جولد من قائمة “معيار التسليم الجيد” المعني بإصدار شهادات تحدد معايير التوريد الجدير بالثقة.
وأظهرت القائمة بعد تحديثها أن التعليق مؤقت وبدأ من السابع من يوليو/تموز الجاري. والإمارات جولد مقرها دبي وهي واحدة من أكبر مصافي الذهب في الشرق الأوسط وتعمل منذ 30 عاما.
وتم تعليق عضوية مصفاة “الإمارات جولد” من قائمة “معيار التسليم الجيد” المعني بإصدار شهادات تحدد معايير التوريد الجدير بالثقة، فضلا عن عضوية هيئة لندن للذهب، بسبب صلات أصحابها بغسل الأموال.
وكشف أشخاص مطلعون على قرار الإمارات، أن اثنين من المالكين المستفيدين النهائيين لـ”الإمارات جولد” هم أقارب لرجلي الأعمال الزيمبابويين سايمون رودلاند، وهوارد بيكر.
وكشف فيديو وثائقي لفضائية “الجزيرة”، في وقت سابق من هذا العام، أن الرجلين متورطان في غسل الأموال بقطاع الذهب عبر الإمارات. ولم يُذكر اسم أي شركة تكرير محددة في البلد مرتبطة بهما.
ورداً على برنامج “الجزيرة” الوثائقي، نفى رودلاند تورطه في غسل الأموال، فيما لم يرد بيكر على القناة عندما طُلب منه التعليق.
وجاء تعليق اعتماد إحدى أشهر شركات تجارة الذهب في الإمارات، في وقت تحارب الحكومة أحد الممارسات غير القانونية المشتبه بها في هذا القطاع.
ويُعتبر ضبط قطاع الذهب جزءاً من محاولة الإمارات لتحسين سمعتها المالية، بعدما أضافتها هيئة لمراقبة غسل الأموال العام الماضي إلى قائمة المتابعة.
ووصفت مجموعة العمل المالي، ومقرها باريس، صناعة الذهب في الإمارات على أنها سبب للقلق قبل إضافة الدولة إلى “القائمة الرمادية” لغسيل الأموال.
وبيعت “الإمارات جولد” العام الماضي إلى تحالف يضم أقارب رودلاند وبيكر، بعد وفاة مؤسسها محمد شكرجي عام 2021، وهو تاجر معادن ثمينة وُلد في العراق، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
وتُعتبر الشركة واحدة من ثلاث مصافٍ فقط في الإمارات حاصلة على اعتماد “معيار الإمارات للتسليم الجيد”، ما يجعلها لاعباً رئيسياً بأكبر سوق للذهب في الشرق الأوسط.
وأظهرت دراسة بحثية أن دولة الإمارات تحتل مرتبة متقدمة جدا عربيا وعالميا في جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وهو أمر جعلها عرضة لعقوبات دولية بشكل متكرر.
واحتلت الإمارات المرتبة الثانية عربيا و44 عالميا في جرائم غسيل الأموال بحسب دراسة صدرت عن “مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات”، بعنوان: “غسيل الأموال في الاقتصاد السياسي العالمي“.
وأظهرت الدراسة أن حجم غسيل الأموال في الاقتصاد العالمي ليس أمرا هامشيا كما يعتقد البعض، إذ تُقدّر مصادر عديدة أن نسبة الأموال التي يجري غسلها تصل ما بين 3 إلى 5% من مجموع إجمالي الناتج المحلي العالمي عام 2022.
أي ما يقارب 3 ـ 5 ترليونات دولار، وهذا الرقم يفوق إجمالي الناتج المحلي لجميع الدول العربية.
وبحسب الدراسة فإن العديد من الدراسات المتخصصة سجّلت فشلاً في نشاط “هيئة العمل المالية الدولية”، الجهة الرقابية الدولية لمكافحة غسيل الأموال، والتي تضم ما مجموعه 187 دولة.
فقد تبيّن أن تدخل سياسة مكافحة غسيل الأموال له تأثير أقل من 0.1% على التمويل الإجرامي، وأن تكاليف ضمان ومراقبة الامتثال لقواعد الهيئة تتجاوز الأموال الإجرامية المستردة بأكثر من مئة مرة، وأن البنوك ودافعي الضرائب والمواطنين العاديين يتحملون أعباء التكاليف أكثر من الشركات الإجرامية.
وحددت الدراسة أربع قنوات رئيسية لغسيل الأموال، هي: المؤسسات المالية، والتجارة عبر الإنترنت، والوسائط الإلكترونية المتمثلة في البطاقات الذكية أو التحويل الإلكتروني للنقود أو العملات المشفرة، وقنوات الأصول العينية.
والتقارير الدولية حدّدت أنماط الجريمة التي تدرّ الأموال الهائلة، وهي تتمركز في الأنماط الأربعة التالية طبقاً لمقياس غسيل الأموال: الاتجار بالبشر (نحو 1.1 تريليون دولار سنوياً).
وتجارة المخدرات (نحو 1 تريليون دولار سنوياً)، وتجارة السلاح (نحو 984 مليار دولار سنوياً)، وتهريب البشر (نحو 954 مليار دولار سنوياً).
ونشرت الدراسة جدولاً مقارناً للدول العشر الأولى شرق أوسطياً في غسيل الأموال مع ترتيبها عالمياً في العولمة الاقتصادية، حيث تبين أن هناك تقاربا بين الترتيبين؛ فمثلاً جاءت في المرتبة الأولى شرق أوسطياً في العولمة واحتلت في الوقت نفسه المرتبة الثانية في غسيل الأموال.
وأكدت الدراسة أنّ درجة الالتزام في الإمارات بضوابط الهيئات الدولية لمنع غسيل الأموال ما تزال محدودة، وأنَّ فترة عشرية الاضطراب (الربيع العربي) عرفت تزايداً ملحوظاً في مجال غسيل الأموال، وأنَّ هناك علاقة بين الفساد وغسيل الأموال وعدم الاستقرار السياسي.
والشهر الماضي أوصى مسؤولو الرقابة الأوروبية المختصين في مجال مكافحة غسيل الأموال وتمويل إرهاب، بالإبقاء على دولة الإمارات ضمن القائمة الرمادية لغسيل الأموال.
ومؤخرا تم الكشف عن مساعي للولايات المتحدة وعدد من الدول الاوروبية على رأسهم ألمانيا، من أجل حذف الإمارات من القائمة الرمادية من مجموعة العمل المالي من أجل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب “فاتف”.
غير أن مصادر دبلوماسية أكدت أن مسؤولي الرقابة الأوروبية عارضوا أي تحسين في وضع الإمارات بشأن مكافحة غسيل الأموال وأوصوا بإبقاء العقوبات عليها.
ووضعت فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، ومقرها باريس، الإمارات على قائمتها الرمادية، في مارس/آذار 2022، مشيرة إلى أوجه قصور خطيرة في تدابير الإمارات ضد التهرب من العقوبات وتمويل الإرهاب وغير ذلك من الجرائم.
وكان هذا التصنيف، الذي وضع أبوظبي على بُعد خطوة واحدة فقط من “القائمة السوداء” المرعبة لمجموعة العمل المالي، بمثابة ضربة كبيرة لسمعة أكبر مركز مالي في الشرق الأوسط، وهدد كذلك بإضعاف التصنيف الائتماني طويل الأجل للبلاد، رغم أن ذلك لم يحدث بعد.
ويعد الخطر طويل الأمد على مكانة دولة الإمارات كمركز أعمال، أحد الأسباب التي دفعت المسؤولين الماليين هناك إلى السعي للتخلص من هذا التصنيف في أقرب وقت ممكن، ووعدوا بـ”إجراءات قوية”.
ومع ذلك، فقد اشتكى بعض أعضاء مجموعة مراجعة التعاون الدولي التابعة لفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، وهي لجنة من خبراء الجرائم المصرفية والمالية المكلفة بمراقبة التقدم في دولة الإمارات، مؤخراً، من أن الدولة قد تجاوزت وعودها التي لم تُنفَّذ، معربين عن مخاوفهم بشكل خاص بشأن موثوقية المعلومات المقدمة من دولة الإمارات من أجل تقييماتهم.
وتؤكد كافة المؤشرات المستمرة بأن دولة الإمارات لا تزال تمثل ملاذًا للمعاملات غير المشروعة وجرائم غسيل الأموال وسط قصور حكومي في مكافحتها.
وأوردت صحيفة بوليتيكو أن الإمارات تستخدم نفوذها لدى دول أوروبية والولايات المتحدة للضغط على هيئة رقابة عالمية لغسيل الأموال، من اجل منح النظام المالي في الإمارات شهادة على خلوه من غسيل الأموال.
وأبرزت الصحيفة أن هذه الضغوط تأتي على الرغم من المؤشرات المستمرة على أن الإمارات لا يزال ملاذًا للمعاملات غير المشروعة وفقًا لمسؤولي الرقابة الاوربيين وغيرهم من المطلعين على الأمر.
وكانت فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية (FATF) ومقرها باريس قد وضعت دولة الإمارات على قائمتها الرمادية في مارس 2022.
وأبرزت اللجنة الدولية أوجه القصور الخطيرة في تدابير الإمارات ضد التهرب من العقوبات وتمويل الإرهاب وغير ذلك من الجرائم.
كان التصنيف، الذي وضع الإمارات على بعد خطوة واحدة فقط من “القائمة السوداء” المرعبة لمجموعة العمل المالي، بمثابة ضربة كبيرة لسمعة أكبر مركز مالي في الشرق الأوسط.
كما هدد بتقويض التصنيفات الائتمانية طويلة الأجل للبلاد، على الرغم من أن ذلك لم يحدث بعد.
يعد الخطر طويل الأمد على مكانة دولة الإمارات كمركز أعمال أحد الأسباب التي دفعت المسؤولين الماليين هناك إلى التعهد بالتخلص من هذا التصنيف في أقرب وقت ممكن، ووعدوا بـ “إجراءات قوية”.
ومع ذلك، فقد اشتكى بعض أعضاء مجموعة مراجعة التعاون الدولي (ICRG) التابعة لمجموعة العمل المالي (FATF)، وهي لجنة من خبراء الجرائم المصرفية والمالية المكلفة بمراقبة التقدم في دولة الإمارات، مؤخرًا من أن الدولة قد اهملت وعودها ولم تقدم نتائج، معربين عن مخاوفهم بشكل خاص بشأن موثوقية المعلومات المقدمة من دولة الإمارات على تقييماتهم.
ولدهشة النقاد، رفض ممثلو ICRG من دول أوروبية عدة، بما في ذلك ألمانيا وإيطاليا واليونان وكذلك الولايات المتحدة، معالجة المخاوف الخاصة بالإمارات، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر.
ويعد تقييم ICRG أمرًا بالغ الأهمية لأنه يوفر الأساس للحكم النهائي الصادر عن الجلسة العامة لمجموعة العمل المالي – وهي هيئة لصنع القرار تتألف من الدول الأعضاء التي تجتمع ثلاث مرات في السنة – بشأن ما إذا كان سيتم رفع بلد من القائمة الرمادية أم لا.
برزت هذه القضية خلال اجتماع ICRG في موريشيوس في مايو، عندما اعترض ممثل بلجيكا ميشيل فيرفلويت، على الاندفاع نحو تسريع إزالة الإمارات من القائمة الرمادية على الرغم من عدم إحراز تقدم ملموس في القضاء على غسل الأموال.
تفوقت الإمارات مؤخرًا على بلجيكا كأكبر مركز تجاري في العالم للماس الخام، ويشتبه مسؤولو الرقابة الدولية في أن معظم هذه التجارة تنطوي على أموال غير مشروعة.
وقال مندوب ألماني من وزارة المالية في بلاده لاجتماع موريشيوس إنه يتعين على الهيئة اتخاذ قرارها على أساس المعلومات التي قدمتها الإمارات حتى لو اشتبهوا في أن المعلومات غير دقيقة.
لم ترد وزارة المالية الإماراتية على طلب بوليتيكو للتعليق على ما إذا كانت قد تلاعبت بالبيانات المقدمة إلى مجموعة العمل المالي من أجل التقييم.
ورفضت مجموعة العمل المالي ووزارة المالية الألمانية وممثلون من الحكومات الأخرى المعنية، بما في ذلك وزارة الخزانة الأمريكية وبنك إيطاليا، التعليق على الاقتراح بأنهم كانوا يضغطون لإزالة الإمارات من القائمة الرمادية على الرغم من مخاوف بعض مسؤولي اللجنة من أن هذه الدولة لم تمتثل بعد لمعايير مجموعة العمل المالي لمكافحة غسيل الأموال.
في النهاية، تم تجاهل الاعتراضات التي عبر عنها فيرفلويت ونقاد آخرين.
يقول روبرتو أنجيليتي، المسؤول في بنك إيطاليا الذي يعمل كرئيس مشارك لـ ICRG، إنه يعتزم التوصية بزيارة ميدانية إلى الإمارات وهي خطوة أخيرة في عملية التقييم التي تشير إلى إزالة بلد من القائمة الرمادية ورفض فيرفلويت وأنجيليتي التعليق.
من غير الواضح لماذا يبدو أن المشرفين على الوكالة قد قرروا التساهل مع الإمارات.
أحد التفسيرات هو أن الاوضاع الجيوسياسية قد تحولت لصالح الإمارات بعد وضعها على القائمة الرمادية العام الماضي.
ففي أعقاب الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، اضطرت ألمانيا إلى اللجوء إلى الخليج من أجل ضخ طارئ للغاز الطبيعي.
وفي سبتمبر، سافر المستشار الألماني أولاف شولتز إلى أبو ظبي، حيث وقع صفقة غاز تحصل عليها المانيا خلال الشتاء كما أعلن عن “اتفاقية أمن الطاقة وتسريع الصناعة” بين ألمانيا والإمارات “لتمكين التنفيذ السريع لمشاريع المنارة الاستراتيجية في مجالات التركيز على الطاقات المتجددة والهيدروجين والغاز الطبيعي المسال والعمل المناخي”.
في غضون ذلك، كانت واشنطن حريصة على أن تُظهر للسعودية، التي أثبتت مؤخرًا أنها شريك صعب في مواجهة روسيا والصين وإيران، أن لديها أصدقاء عربًا أقوياء آخرين في المنطقة، وعلى رأسهم الإمارات.
تجتمع الجلسة العامة لمجموعة العمل المالي في باريس هذا الأسبوع ومن المتوقع أن تصدر تحديثًا حول التقدم الذي تحرزه دولة الإمارات.
* المصدر: عرب جورنال
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر وليس بالضرورة أن تعبر عن رأي الموقع