السياسية:

منذ أيام تلقى العدو الصهيوني كل ما يلزم من إشارات تؤكد دخول قوى محور المقاومة بكل ساحاته على خط العمل المقاوم، والحالة النضالية التي شكلتها فصائل المقاومة الفلسطينية في مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة التي خاضت معركة “بأس جنين” وجسدت فيها بشكل عملي معادلة وحدة الساحات من خلال العمل المشترك والتعاون والتنسيق الميداني .

وأكد الانتصار البطولي الذي حققه المقاومون في جنين، وتصديهم الأسطوري لجيش العدو الصهيوني، صوابية مسار قوى محور المقاومة التي حملت على عاتقها أن تكون جزءاً من الدفاع على القدس والضفة الغربية، والذي بدا واضحاً في أداء وسلوك مقاتلي الفصائل الفلسطينية .

وهذا ما أكدته كتيبة جنين عندما وجهت في بيان لها الشكر والعرفان إلى محور المقاومة وجمهوره، من صنعاء حتى طهران، على ما يقدّم من دعمٍ لها وللمقاومة والشعب الفلسطينيين.

فما حصل في معركة “بأس جنين”، هو إشارة عملانية بأن جهات محور المقاومة اخترقت المشهد في الضفة الغربية وأصبح لديها تأثير في مجريات التصعيد والتهدئة هناك، وتقدم دعماً لوجستياً وتقنياً وتدريبياً للمقاومة الفلسطينية .

وفي هذا السياق، يجمع المراقبون على أن تصاعد المقاومة في الضفة الفلسطينية والقدس والداخل كرس ما قاله قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي بأن “الضفة الغربية هي أساس لتركيع العدو”، وبذلك فإن الضفة الغربية صارت “ولو بسمّى مخيم جنين” جزءاً من محور المقاومة الذي تمدد إلى أن وصل إلى أسفل أنف كيان العدو، وهو ما كانت تحذر منه أوساط وزارية صهيونية منذ العام 2017.

كما يجمع المراقبون على أن حالة الترابط بين المقاومة في مختلف الساحات داخل فلسطين وخارجها شكّلت مرحلة جديدة من الصراع مع العدو الصهيوني لم يكن ليتّخذ مساره الحالي المتطوّر بهذا الوقت القصير، لولا ترابطت هذه الساحة مع قطاع غزّة على المستوى الفلسطيني، ومع محور المقاومة على المستوى الإقليمي.

وهنا يرى المراقبون أن التطور الذي أظهرته فصائل الفلسطينية لم يكن وليد اللحظة، وإنما سبقته مجموعة من المؤشرات التي تُشير إلى تلقيها دعماً تقنياً وتدريباً انعكس في وسائل تصديها للمداهمات والعمليات العسكرية المتواصلة في الضفة الغربية منذ حوالي العام.

ومثل موقف إيران التي وضعت بصماتها المميّزة في فتح جسور التمويل للضفة وصقل خبرات مجاهديها، وفسح المجال لتطوير العمل المقاوم عملًا بتوصيات قائد الثورة الإسلامية في إيران بضرورة تسليح الضفة الغربية ودعمها بكافة الأشكال دعمًا لاستمرارية المقاومة وتصعيدها، وتوسيع امتدادها الجغرافي في كل بقاع فلسطين.

وهذا ما أكده الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين القائد زياد النخالة أن “إيران تقدم دعماً لكافة حركات المقاومة، وإيران تقف بجانب الشعب الفلسطيني على كافة المستويات مؤيدة له ومساندة وداعمة، وإيران بذلك تقوم بواجبها كدولة مسلمة تجاه الشعب الفلسطيني، ونحن نشكرها على ذلك، ونطالب كافة الدول العربية والإسلامية أن تقوم بواجباتها تجاه فلسطين، والقضية الفلسطينية وتدعم المقاومة، وسنكون أيضا لهم من الشاكرين”.

ولفت النخالة إلى أن “المقاومة الفلسطينية انتقلت من مرحلة إلى مرحلة وتراكمت هذه الخبرات بفعل انفتاح المقاومة الفلسطينية على الجمهورية الاسلامية الايرانية والتعاون الذي قدم على المستوى الفني والخبرات العسكرية للشعب الفلسطيني، هذا هو الذي أحدث الفرق”.

وقال القائد زياد النخالة: “عندما دعا السيد علي الخامنئي لتسليح الضفة الغربية، حقيقة وضع يده على منطقة حساسة جداً فيما يتعلق بالصراع مع العدو، وبناءً على هذا التوجيه رغم إدراكنا أهمية الضفة، لكن هذا التوجيه كان له أثر كبير على المستوى المعنوي والاهتمام من قبل إخواننا المعنيين بهذه الملفات، بالإضافة إلى قوى المقاومة نفسها، وتم تعاون الجميع من أجل إحداث تغيير ونقلة نوعية في الحالة الفلسطينية”.

وبين النخالة “أنه تم وضع برامج من أجل ذلك، إن كان عبر تهريب الأسلحة أو عبر شراء الأسلحة من الصهيوني نفسه، المهم حصل تركيز كبير من أجل أن تنتقل الضفة الغربية من حالة المساكنة والهدوء لحالة المقاومة التي نراها اليوم، وهذا طبعاً كان يتطابق تماماً مع توجيهات القائد علي الخامنئي عن امكانية تسليح الضفة الغربية”.

وفي هذا السياق، لا يمكن إغفال الدور البارز والمؤثر لبقية شركاء المقاومة الفلسطينية من حزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن والحشد الشعبي وكتائب حزب الله في العراق إلى سوريا في انتصار المقاومة الفلسطينية في معركة “بأس جنين”، الذين صنعوا قاعدة إسناد إقليمية مؤثرة كانت على أهبة الاستعداد للتدخل والإسناد حيث يلزم إذا ما اشتدت الأحداث وتعاظمت انتهاكات العدو الصهيوني.

والحديث عن وحدة الجبهات يمكن أن يتحقق أيضا وفق تقدير ودراسة لمحور المقاومة في المنطقة وحديث الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله “أن المقاومة لن تترك غزة وحدها ولن تترك جنين وحدها ولن تترك القدس وحدها”، يعنى أن الجبهة الشمالية حاضرة وقد تمتد الأحداث ويتمادى العدو في جرائمه وتتحقق وحدة الجبهات في مواجهة العدو الصهيوني فمحور المقاومة يبقى الحصن الذي تستند اليه فصائل المقاومة الفلسطينية” .

ووفقا لتوصيف الأمين العام لحزب الله فإن الفشل الصهيوني المتلاحق في أي جولة من جولاته العدوانية، سواء بعد اعتداءاته على لبنان وخاصة عام 2006 وفشله أمام حزب الله، أو بعد اعتداءاته على غزة ومخيم جنين ومناطق نشاط المقاومة الأخرى، يعزز أكثر فأكثر خط المقاومة والاشتباك وجدواه، وينقل هذا الكيان يوماً بعد يوم من قوة متغطرسة إلى قوة برسم “الأفول”، كيان مؤقت .

في النهاية يمكن القول إن هذا التحول الاستراتيجي في الضفة، لم يكن ليتخذ مساره الحالي المتطوّر بهذا الوقت القصير، لولا ترابط قوى محور المقاومة الممتد من اليمن إلى العراق وإيران ولبنان سورية وفلسطين الذي يؤمن بواجب مقاومة العدو وهزيمة مشروعه الاستعماري في فلسطين ويعمل من أجل ذلك.