السياسية:

إنّ المرأة الفلسطينية ودورها وتضحياتها إلى جانب النضال والمقاومة والقضية الفلسطينية عامّة، هي أكثر “أفكار تستحق النشر”، حسب شعار مؤسسة “TED”، وهي مؤسسة أميركية تقوم بتنظيم مؤتمرات وخطابات سنوية يلقيها أشخاص من بينهم علماء ومشاهير وخبراء ومؤثرين أمام الجمهور على المسرح. أضاف الإطار النسوي لحركة الجهاد الإسلامي في مهرجانه الذي حاكى عمل هذه المؤسسة (ثورة Tdex – خنساوات فلسطين) نموذجًا مغايرًا عمّا يريد الغرب تسليط الضوء عليه عادةً مغيبًا القضية الفلسطينية. وقدّمت النسوة الفلسطينيات أيقونة للمرأة على عكس ما يديره الغرب من حملات تهدف الى اختراق دورهنّ الحقيقي في المجتمعات، خاصة العربية والإسلامية.

جمع هذا المهرجان الذي أقيم في قطاع غزّة بتاريخ 3 من شهر يوليو الجاري، أكثر من 1500 أم الشهيد أو أسير، وزوجاتهنّ وبناتهنّ. وفي إطار معادلة وحدة الساحات التي لا تنحصر مفاعيلها عسكريًا، فإنّ أمهات الشهداء والأسرى وزوجاتهنّ في الضفة الغربية المحتلّة كنّ بين الحضور والمشاركات عبر الشاشات. روت الخنساوات قصص تضحياتهنّ مع التأكيد على رسائل الصمود والثبات، ومنهنّ أم الشهيد محمد الشيخ خليل، وأم إبراهيم الدحدوح، وأم رائد الغنّام، وسارة خليل البهتيني. ومن الضفة أم جميل العموري، وام إبراهيم النابلسي، وأم عبد الرحمن عدنان.

لما كانت “الخنساء” تشير إلى قوّة الشخصية والتحمّل، والشجاعة، وكثرة التضحيات إلى جانب البلاغة وحُسن المنطق، فقد تكنّت المرأة الفلسطينية بهذا الاسم نسبة إلى تطوّر دورها وتضحياتها بما يتناسب مع مسار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. في هذا السياق شرحت القيادية في الإطار النسوي لحركة الجهاد الإسلامي ومنظّمة المهرجان السيدة آمنة حميّد عن تطور دور المرأة وأهميته، ضمن العناوين الأبرز: الحماية والاحتضان، الدعم والإسناد، التعبئة الجماهيرية.

دور المرأة في الحماية..  حفظ المقاومين في جنين

قالت “حميد” أنّ دور النساء الفلسطينيات – والمرتبط بفطرتهنّ – بدأ منذ الهجرة على إثر الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين المحتلّة عام 1948، من خلال تثبيت قلوب الأبناء وزع محبة فلسطين والانتماء للوطن والقضية. وانتقلت فيما بعد لمرحلة متقدمّة وهي الذود عن أبناءها خلال الاعتقالات والمعارك في الحارات والمخيمات في قطاع غزّة والضفة. وهنا ليس فقط أبناءها إنما كلّ أبناء الشعب الفلسطيني الذين تنظر إليهم المرأة على أنهم أولادها”.

تابعت “حميد” أنّ “المشاهد التي عادة لا تسجلها كاميرات الإعلام، هي مشهد حماية الخنساوات للشباب الذين تتعرض لهم قوات الاحتلال بالقوّة المفرطة سواء بهدف الاغتيال أو الاعتقال، كانت المرأة تهاجم هؤلاء الجنود وتفلت الشاب من أيديهم. كان هذا الدور بداية باكورة عمل المرأة”.

برز دور الحماية جليًا في الضفة الغربية المحتلّة، وأخيرًا في جنين ومخيمها، كما كان سابقًا أيام الانتفاضتين، في احتضان المجاهدين. وقد روت “حميد” أن جدران المخيمات عادة ما تكون منخفضة والبيوت متلاصقة، فمن السهل أن يقفز المقاوم ويتسلّل من منزل الى منزل، وأنّ لدى الخنساوات “عقيدة راسخة أنه حين يتسلل مجاهد مطارد من جنود الاحتلال فلا بد من أن تأويه مهما كانت الظروف وأن تؤمن له الحماية”. هنا، “شكّلت هذه العقيدة الدرع الحامي للمقاومة خاصة في الضفة، ولولاها ما نفذوا من سياسة الأرض المحروقة في مخيم جنين وكانت سببًا رئيسيًا في فشل الاحتلال من الوصول الى المقاومين”.

تعبئة الشباب الفلسطيني: بيت الشهيد مركز للاستقطاب

لفتت “حميد” الى أنّ ” كلّ أم شهيد جلبت معها معرضًا لصور ابنها وأرادت بكل افتخار أن تظهر هذه الصور. كما أنّ تلك الخنساوات تحوّلن الى معرض حي ومتنقل لتتحدّثن عن المقاومة وبطولات الأبناء، وتحوّلت منازل أمهات الشهداء الى أيقونة بالتعبئة، فتصبح هذه البيوت مساحة للتجمّع ضمن الفعاليات ويلقى خلالها الكلمات. ولو أنهم انكسرن ولم يكنّ كذلك لما وصلت المقاومة الى ما وصلت اليه اليوم”.

في غزّة على سبيل المثال افتتحت أم رضوان الشيخ خليل بيتها مسجدًا لتجمّع الشباب وأدائهم الصلاة. في الضفة نذكر نموذج منزل الشهيد أم جميل العموري الذي يستقطب الشباب بعد أن تحوّل الى أشبه بمتحف لصور وآثار الشهيد مؤسس كتيبة جنين.

الدعم والإسناد: المرأة “ماكينة” إعلامية

زوجات الأسرى والشهداء شكّلن دعمًا وضغطًا على الاحتلال، في قضية الشهيد الأسير خضر عدنان، ومنهنّ كانت زوجته “أم عبد الرحمن” صوته من داخل سجون الاحتلال، وأكدّت “حميد” أنها “حققت نموذجًا يليق بامرأة فلسطين ونقلت قضيته بما يليق بالرسالة التي حمالها خاصة في فترة الإضراب الأخير عن الطعام، وما زال صوته يعلو من خلال زوجته وابنائه، وأعادت بذلك إحياء قضية الأسرى”. وأشارت برمزية أيضًا الى أم الشهيد المريض ناصر حميد التي لها أكثر من أسير والى زوجة الأسير وليد دقة.

المرأة باتت المستهدفة

“انتقلت المرأة لتكون هي المستهدفة، والأسيرة والشهيدة مثلها مثل باقي مكونات المجتمع الفلسطيني”، وفق “حميّد”. فهنّ قد استشهدن إلى جانب أزواجهنّ أو آبائهنّ القادة، ومنهنّ أخيرًا زوجة الشهيد القائد بهاء أبو العطا، وزوجة الشهيد جهاد الغنّام، وفاء شديد، وهي لبنانية الجنسية، فضّلت الالتحاق بزوجها في قطاع غزّة رغم قساوة الظروف والحصار الى أن لقيت مصيره. والطفلتين الشهيدتين ميار طارق عز الدين، وهاجر خليل البهتيني، وغيرهنّ.

وقد سبقتهنّ الشهيدة سناء قديح (أم لـ 4 أطفال) في قطاع غزّة التي التحمت مع زوجها (باسم قديح) في الاشتباك عام 2004 حين اقتحمت قوات الاحتلال منزلهما، فخرجت إلى جانبه بسلاحها وقاتلا إلى أن استشهدا معًا.

اذًا، ختمت “حميد”، “نحن نتحدث عن أيقونات لا يمكن للعالم أن يصدّر أقوى منها.. وعن نصر حقيقي أمام توغّل الغرب في منظومة المجتمع عبر تخريب المرأة”. فيما توجّه الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة إلى الخنساوات، خلال كلمته بالمهرجان، بالقول: “أنتنَّ قيمة عُليا لدى الشعب الفلسطيني المجاهد والصابر، نتلمس من خلالكنَّ نبض المجتمع وإرادته ومقياس صموده في مواجهة العدو الصهيوني القاتل”.

* المصدر: موقع الخنادق اللبناني

* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر