أسباب انهيار الريال في المحافظات الجنوبية المحتلة
السياسية: صادق سريع
يواصل الريال اليمني في المناطق الجنوبية المحتلة تدحرجه العكسي في سلسلة انهياراته الماراثونية المتعاقبة أمام العملات الأجنبية في ظل انتهاج إدارة بنك مركزي عدن المحتلة سياسة التعويم ونظام المضاربة المصرفي وبيع العملات الأجنبية في المزاد عبر المنصة الالكترونية.
وبلغ سعر صرف الريال اليمني في سوق الصرف الأجنبي في المحافظات الجنوبية المحتلة، اليوم الثلاثاء ، 1470 ريال مقابل الدولار الأمريكي، فيما وصل سعر صرف الريال اليمني إلى 385 ريال مقابل الريال السعودي، ما ينذر بحدوث أزمة مصرفية واقتصادية جديدة تهز كيان الاقتصاد الهش الذي تديره ما تسمى بحكومة المرتزقة وفق توجيهات الأنظمة الاستعمارية لنهب ثروات البلاد.
يعزو خبراء الاقتصاد، أسباب انهيار الريال في المناطق المحتلة، إلى نفاذ الاحتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي في عدن المحتلة، لأسباب تعود لتوقف تصدير النفط وتردي الأوضاع السياسية والأمنية في المحافظات الجنوبية المحتلة، بالإضافة الى أسباب عامة تتعلق بتعثر عملية المفاوضات وتحقيق السلام الدائم في البلاد.
نفاذ الاحتياطي
وعلق الخبير الاقتصادي الجنوبي شلال العفيف على ارتفاع أسعار الصرف ، قائلاً:” أن الارتفاع الحالي للدولار أمام الريال اليمني في مناطق سيطرة “حكومة المرتزقة” يعود إلى نفاد الاحتياطي من النقد الأجنبي في البنك المركزي، نتيجة لتوقف صادرات النفط التي كانت مصدر الدخل الوحيد من العملة الأجنبية”.
وحسب خبراء الاقتصاد، توقف بنك مركزي عدن، عن بيع العملات الأجنبية عن طريق المزاد الذي كان يعلن عنه أسبوعيا ساهم في ازدياد الطلب على شراء العملات الأجنبية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الصرف.
غير أن مركزي عدن، أكد الأربعاء الماضي، في بيان على موقعه الرسمي أن لديه من الاحتياطات الأجنبية ما يمكنه من أداء وظيفته المصرفية وتأمين احتياجات السوق.. لافتا إلى أن البنك سوف يستمر بالمزادات الأسبوعية لتغطية السوق من العملات الأجنبية، من أجل استيراد المواد الأساسية والضرورية عبر آلية شفافة وتنافسية.
ونهاية العام 2022، حذرت حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء السفن التجارية النفطية من الرسو في موانئ اليمن النفطية.
وقال رئيس مجلس الوزراء في حكومة الإنقاذ الدكتور عبد العزيز بن حبتور:” في المرات القادمة لن نحذر السفن بل سنضربها بشكل مباشر وعلى العالم أن يعرف أننا لن نترك شعبنا يجوع وهم يعبثون بثروات اليمن”.
وأضاف بن حبتور في تصريحات صحفية:” لن نقبل بنهب ثروتنا النفطية والغازية تحت أي مبرر من المبررات”.
ويقدر مراقبو النفط والاقتصاد بأن أجمالي ما تم نهبه من عائدات النفط والغاز خلال ستة أشهر من عام 2022، تكفي لدفع مرتبات موظفي الدولة لسنوات.
واكد الخبير العفيف لـوكالة “سبوتنيك”، ان تراجع أسعار الصرف وعودة التضخم في المناطق المحتلة الواقعة تحت سيطرة ما تسمى بحكومة المرتزقة واشراف سفراء أنظمة الاحتلال السعودي – الاماراتي، يعود إلى تبني السياسات النقدية والمصرفية الغير صحيحة التي تنتهجها ما تسمى بحكومة المرتزقة التي تتخذ مدينة عدن المحتلة مقرا لها.
عودة التضخم
بدوره، قال الاقتصادي الجنوبي، عبد الله باشراحيل، لـ(سبوتنيك):” أن تراجع أسعار الصرف وعودة التضخم الزاحف جاء متأثرا بالعوامل الاقتصادية والسياسية القائمة، ويكون معه التركيز المبالغ فيه أو توجيه اللوم على السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف، وهذا لن يكون كافيا لمعالجة الوضع، لأن محور الارتكاز هو في معالجة الموازنة العامة للدولة وميزان المدفوعات.. داعياً، أشقاء وأصدقاء اليمن إلى إطلاق المنح المخصصة لدعم الاقتصاد.
ووفقاً لوكالة الروسية، أعتبر مالك احدى محلات الصرافة في عدن المحتلة، مازن النوبي، ارتفاع أسعار الصرف في المحافظات الجنوبية المحتلة أمرا طبيعيا نظرا للأوضاع السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وقال النوبي: “من الأسباب التي أدت إلى ارتفاع سعر صرف للدولار أمام الريال اليمني، هو عدم ايفاء دول تحالف العدوان بالوعود التي قطعتها لدعم اقتصاد البلاد، والذي يتمثل في الودائع البنكية”.
صراع مجالس النفوذ
وأضاف النوبي لـ “سبوتنيك”: “الأمر فقط لا يتعلق بالودائع فقط، ولكن يتعلق أيضاً بالظروف السياسية والصراع الدائر في المحافظات الجنوبية بين ما يسميا بالمجلس الانتقالي الجنوبي والمجلس الرئاسي، لأن عمليات الارتفاع والانخفاض لا تحدث إلا في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم، وطبيعي أن يكون لهذا الصراع تأثير كبير على العملة والاقتصاد بشكل عام”.
وحسب الخبراء، فهناك أزمة تلوح في الأفق قد تصل إلى عجز مركزي عدن على دفع مرتبات الموظفين خلال الأشهر القادمة في مناطق سيطرة ما تسمى بحكومة المرتزقة في جنوب البلاد.
وبنظر عباقرة الاقتصاد فإن خطوات معالجة الوضع الاقتصادي المتردي وانخفاض أسعار الصرف في المحافظات الجنوبية المحتلة، يحوم حول محور الارتكاز والذي يتمثل في معالجة الموازنة العامة وميزان المدفوعات.
ويخشى أصحاب رؤوس الأموال والتجار اليمنيين في المحافظات الجنوبية المحتلة من النتائج الكارثية التي يخلفها انهيار صرف الريال اليمني وانعدام العملات الأجنبية، الأمر الذي خلق حاله من الهلع وزيادة الطلب على العملات الأجنبية وبالتالي زيادة سعر الصرف للدولار أمام الريال.
وتسببت الحرب العدوانية التي تشنها دول تحالف العدوان بقيادة السعودية على اليمن منذ الـ 26 من مارس 2015، في تدمير الاقتصاد الوطني وإلحاقه بخسائر كبيره تقدر بمليارات الدولارات؛ فضلا عن تدمير الآلاف المنشآت الصناعية والخدمية، بينما يعاني قرابة 80 بالمائة من سكان اليمن من الفقر، في ظل صمت المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والمانحة، ناهيك عن حصيلة الخسائر المأهولة في الأرواح خاصة من النساء والأطفال وكبار السن.