انفلات عدن وأخواتها.. هل يحد منع حمل السلاح من انتشار الجريمة؟
السياسية ـ متابعات:
أصدرت داخلية عدن المحتلة، اليوم الأربعاء، 05/تموز/2023، تعميما بمنع حمل السلاح في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وذلك بعد سلسلة من جرائم القتل التي يقف وراءها، بشكل مباشر، الانفلات الأمني.
التعميم جاء على إثر جريمة مقتل الطفلتين حنين وراوية البكري برصاص مسلح محسوب على ما يسمى الانتقالي في أول أيام عيد الأضحى المبارك، بعد مشادة بين المسلح ووالد الطفلتين بسبب حادث مروري.
استحالة الالتزام:
ومع أن هذا القرار قد يبدو ضروريا، بالنسبة إلى مناطق منفلتة أمنيا، إلا أن داخلية عدن لا تملك القدرة على تنفيذه، لأن المدينة واقعة كليا تحت سيطرة ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي الذي لا يسمح أصلا للداخلية بممارسة مهامها ولو شكليا.
وعلى الأرجح، فقد جاء تعميم داخلية عدن لتخيف الضغط الإعلامي والشعبي الذي أثارته مقتل الطفلتين البكري.
غياب الدولة:
بالعودة إلى الحديث عن الانفلات الأمني في المناطق الخاضعة لسيطرة أدوات السعودية والإمارات، يمكن القول إنه نتيجة متوقعة بالنسبة إلى طبيعية الوضع الذي تعيشه تلك المناطق.
وهذا يعني أن تعميم حمل السلاح حتى ولو طُبق، لن يحد من انتشار الجريمة، على اعتبار أن تلك المناطق تفتقر لوجود الدولة، والموجود هناك مجرد تشكيلات مسلحة تعمل لحساب الدول الداعمة لها.
وفي ظل غياب الدولة، لا يبدو انتشار السلاح مشكلة رئيسية يمكن من خلال منعه التغلب على جرائم القتل وغيرها، لأن المسألة بحاجة إلى تفعيل دور القضاء أيضا وكثير من مؤسسات الدولة ذات الاختصاص.
نموذج صنعاء:
على ارغم انتشار السلاح بشكل كبير في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة حكومتها، إلا أن الجريمة تراجعت بشكل كبير فيها، كما أن السلاح لم يمثل مشكلة أمنية، لأن المواطن يستحضر وجود الدولة، ومدرك أن مبدأ الحساب والعقاب قائم وناجز، وأكثر من أي وقت مضى.
وخلال السنوات الماضية، لم يتم تسجيل تصاعد للجريمة في صنعاء وأخواتها، كنتيجة لانتشار حمل السلاح، بخلاف الوضع في عدن وعتق وغيرها من المدن الخاضعة لسيطرة السعودية والإمارات. خلا الأسبوع الماضي، شهدت تلك المدن عددا كبيرا من عمليات القتل والاغتيال. على سبيل المثال، قتل اليوم مواطن برصاص مسلحين مجهولين في عاصمة شبوة، ويوم أمس قتل محسوب على ما يسمى الانتقالي في مديرية الصعيد بالمحافظة ذاتها، إثر خلافات قبلية، وغيرها كثير.
حمل السلاح عرض:
وعليه يمكن القول إن حمل السلاح مجرد عرض لمشكلة رئيسية تتمثل في غياب الدولة، وتولي تشكيلات مسلحة إدارة تلك المناطق، وغياب دور الأجهزة القضائية وغيرها.
وهذا الأمر يعني أن محاولة السيطرة على انتشار الجريمة من خلال منع انتشار السلاح، لن يجدي نفعا في السيطرة عليها. إلى جانب أن الجهة التي أصدرت التعميم لا تملك من أمرها شيئا، وهي مجرد واجهة شكلية لدولة غير موجودة أساسا.
وفي ظل هذا الوضع الذي تعيشه المناطق الخاضعة لسيطرة دول التحالف، يمكن القول إن الجريمة ستستمر، وقد تشهد تصاعدا كبيرا خلال الأسابيع والأشهر القادمة.
* المصدر: عرب جورنال
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع