مشروع تفكيك اليمن وما يسمى بـ “مجلس حضرموت الوطني”
السياسية ـ متابعات:
في العشرين من يونيو 2023م، أُعلن -من العاصمة السعودية الرياض- تأسيس ما يسمى بمجلس حضرموت الوطني، كحامل سياسي معبِّر عن طموحات المجتمع الحضرمي، كما ورد في بيان التأسيس، الذي أوضح أن المجلس يضم الأعضاء المؤسسين، والوزراء الحضارم في الحكومة، ومحافظ المحافظة، ووكلاءها، والنواب الحضارم. وتم تشكيل هيئة تأسيسية لما يسمى بالمجلس الحضرمي، وصياغة ميثاق شرف للقوى والمكوِّنات الحضرمية، وآليات ضامنة لحماية هويات ومصالح المحافظة، إذ أكد بيان التأسيس على وحدة حضرموت، وحرية التعددية السياسية والاجتماعية فيها، وحق ما سُمي بالشعب الحضرمي المشاركة في صناعة القرار السيادي لحضرموت.
اللافت في بيان ما يسمى بالمجلس الحضرمي أنه أورد مفردة الشعب الحضرمي أكثر من مرَّة، بينما ترد مفردة الشعب الجنوبي في بيانات ما يسمى بالمجلس الانتقالي، مع فارق أن الأخير يتحدَّث عن دولة مستقلة بهوية تتضمن حضرموت، بينما تشير مضامين ما يسمى بالمجلس الحضرمي إلى هوية مستقلة، عن مشروع ما يسمى بالانتقالي، ومفتوحة الاحتمالات على هوية سياسية بإقليم، أو بدولة مستقلة. ولقد أثار إعلان قوى ومكونات يمنية عن ظهور كيان سياسي جديد في محافظة حضرموت، شرق البلاد، بمسمى ما يسمى بـ”مجلس حضرموت الوطني” من العاصمة السعودية، أسئلة عدة حول أبعاد هذه الخطوة ودلالاتها في الواقع الحالي للبلاد. وأعلنت قوى وشخصيات سياسية وقبلية تنتمي لمحافظة حضرموت، كبرى محافظات البلاد، من الرياض، عن هذا الكيان الجديد، الثلاثاء الماضي، وقالت وثيقة الإعلان الصادرة عن تلك القوى، إنه سيكون حاملا سياسيا لأبناء هذه المحافظة التي تشهد احتقانا مع ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، الساعي لتثبيت أقدامه هناك.
ويرى متابعون للشأن اليمني أن المجلس الوطني الحضرمي المشكل حديثا، من الرياض، أحد أوجه الصراع بين السعودية والإمارات، فيما ذهب آخرون إلى أن هذا الكيان يشير إلى التوجه السعودي لتفكيك اليمن. وفي السياق، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع إن تشكيل ما يسمى بمجلس حضرموت الوطني يؤكد التوجه السعودي في تفكيك اليمن وسعيها إلى تقويض الدولة.
وأَضاف الشجاع في حديث له إن هذا التوجه صادر من المملكة، وهي تضع عينها على حضرموت لكي تجعلها تابعة لها بشكل مباشر لتمرير أنابيب النفط إلى بحر العرب. لكن الأكاديمي اليمني أشار إلى أن الرياض تغفل المصالح العمانية في المهرة (أقصى الشرق) وكذلك المصالح الدولية الأخرى التي ستنعكس على المملكة ذاتها تقسيما وتفتيتا.
من جانبه، قال الإعلامي اليمني أحمد الشلفي، إنه “بحضور السفير السعودي ـ محمد الجابر سفير المملكة لدى اليمن ـ تم الإعلان عن ما يسمى بالمجلس الوطني الحضرمي”، في مؤشر على أن المرحلة القادمة تحمل الكثير من المفاجآت وخاصة في الشرق اليمني وفي حضرموت تحديدا. وتابع الشلفي متسائلا عبر موقع “تويتر”: “هل الخطوة تعني قطع الطريق على المكونات التي تريد الاستثمار بحضرموت مثل المجلس الانتقالي أم إن الأمر يبدو أبعد من ذلك في ظل ما يعتمل من حراك سياسي شامل في البلاد؟”.
الجدير بالذكر انه بحضور السفير السعودي تم الإعلان عن ما يسمى بالمجلس الوطني الحضرمي وهذا مؤشر على أن المرحلة القادمة تحمل الكثير من المفاجآت وخاصة في الشرق اليمني وفي حضرموت تحديدا. وأردف قائلا: “الأيام القادمة ستكشف عن هذا الصراع الخفي”
السيطرة على المكونات اليمنية
فيما اعتبر الصحفي اليمني عبد الجبار الجريري، أن تشكيل ما يسمى بالمجلس الوطني الحضرمي داخل الرياض يعكس حجم السيطرة السعودية الإماراتية على المكونات السياسية اليمنية. وقال الجريري في حديث له إن السعودية تسعى لبسط سيطرتها على حضرموت بما يحقق لها مصالحها التي باتت مهددة من قبل النفوذ الإماراتي، لذلك فهي لجأت إلى تشكيل ما يسمى بالمجلس في حضرموت الغنية بالنفط. وأشار الصحفي الجريري إلى أن ما يسمى بالمجلس لن يضيف أي جديد للساحة اليمنية لأنه تابع للخارج ويتلقى توجيهاته من خارج حدود الوطن، وسيكون مختطفا وقراره بيد الرياض تحركه متى شاءت وتوقفه متى أرادت ذلك.
وقال إن اليمن أصبحت ساحة صراع نفوذ بين الرياض وأبوظبي وكل دولة تشكل الكيانات التي تناسبها وعلى مقاس مصالحها، بينما الشعب اليمني يعاني ويلات الحرب والصراع في نواحي الحياة.
وأكد على أن هذه المجالس لن تحل مشاكلنا في حضرموت وبقية محافظات اليمن، بل ستزيد المشكلة تعقيدا أكثر من قبل، موضحا أنه من خلال تتبع تحركات السعودية في اليمن منذ بداية الحرب نجد أنها ليست جادة في إنهاء الصراع ودعم الشرعية، بل إنها تعمل الآن على تمزيق ما تبقى من البلاد.
إيذان بحكم فيدرالي
من جهته، قال رئيس مركز أبعاد للدراسات، عبدالسلام محمد، إن تأسيس ما يسمى بالمجلس الوطني الحضرمي هو إيذان بحكم فيدرالي للجمهورية اليمنية، وعمليا قطعت الطريق على المتمردين الانفصاليين في الجنوب، في إشارة إلى ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي وتابع محمد عبر “تويتر” إن حضرموت مثل مأرب (تمثل) الكتل الوازنة في انتصار أي مشروع في اليمن، ويبدو أن حضرموت أطلقت رصاصة الرحمة على المجلس الانتقالي، وفق تعبيره. وأكد أن مشروع الانفصال دون حضرموت مشروع قرية لا أكثر ولن يكتسب أي مشروعية أكبر من ذلك. وقال رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث: “ميليشيات السعودية والانتقالي لن يستطيعوا تشكيل دويلاتهم في الجبال بلا موارد، لذلك فإننا نتوقع تحالف بين مليشيات الامارات والسعودية والانفصاليين لغزو مأرب وحضرموت”، على حد قوله. وتساءل في الوقت ذاته قائلا: “فهل بعد هذه الخطوة حدث عسكري أم بداية سلام مجزأ؟”.
إن رياح حضرموت لم تأت كما تشتهي سفن ما يسمى بالانتقالي، فثمة منافسٌ آخر رفع الشعارات نفسها للتحكم بقرار المحافظة وإدارة شؤونها الاقتصادية والسياسية والأمنية. الرياح التي هبت من الرياض أيضاً لن تأتي كما يشتهي الإخوان، فالمسألة مسألة وقت حتى تتخلى السعودية عن ميليشيا الإصلاح في حضرموت الوادي، وتستبدلهم بقوات ما تسمى درع الوطن .
وكون الخطوة تضرب مشروع الاستفراد بحكم المدن الجنوبية والشرقية والهيمنة على ثرواتها تحت مسمى “دولة حضرموت في مقتل” عبر ما يسمى بانتقالي الإمارات عن انزعاجه وامتعاضه. وعلى لسان فرج البحسني نائب عيدروس الزبيدي وعضو مجلس الثمانية الخونة، اعتبر أن هذا المجلس سيؤدي إلى مزيد من التفكك والتشرذم والقلق بالطبع لا يتعدى أوهام الانفصال في حدودها الدنيا.
بعيدًا عن التباينات السعودية والإماراتية في إدارة الحرب وإنشاء التشكيلات المسلحة، فالإرادة الأمريكية هي المحك والفاصل لضبط علاقات الوكلاء، والمطلوب أمريكيًا ليس إعادة تقسيم اليمن إلى شطرين، بل فرض مشروع التفكيك والأقلمة الذي كان سببًا رئيسيًا في شن العدوان. للسعودية أطماع في حضرموت قديمة متجددة بحكم قربها من حدودها الشرقية، ولكونها المحافظة الأغنى في الثروات، والأكبر مساحةً من بين محافظات الجمهورية، هذا صحيح، لكن ذلك لا يلغي الأطماع الأمريكية والغربية، ولا يخفي حقيقة تبادل الأدوار بين الرياض وأبوظبي لتنفيذ هذا المشروع.
في الواقع تثبت السعودية مرةً أخرى عدم جديتها في إحلال السلام والخروج من المستقنع اليمني وبتبني هذا المجلس تذكرنا باجتماعات ورسائل تجار وشخصيات سياسية واقتصادية من حضرموت طالبت منذ العام 2016 بالوحدة الاندماجية مع الكيان السعودي كهدف من أهداف العدوان غير المعلنة، على أن هذه المشاريع لا قيمة لها أو وزن، كون المحتل هو من يديرها ويوجهها.
* المصدر: الوقت التحليلي
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر