السياسية:

قبل أيام أعلن خالد الشايف، مدير مطار صنعاء الدولي، في تغريده على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، “بعد جهود كبيرة بذلها اللواء عبد الوهاب الدرة، وزير النقل اليمني، أنه سوف تنفذ رحلات من مطار صنعاء الدولي إلى السعودية لنقل الحجاج ابتداءً من يوم السبت القادم.

جاءت تلك التصريحات بعد عدة ساعات من إشادة المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيموثي ليندركينج، بالتعاطي الجاد مع جهود السلام، والإجراءات المستمرة لتخفيف المعاناة الإنسانية لليمنيين، بما في ذلك تسهيل رحلات نقل الحجاج عبر مطار صنعاء الدولي.

وشهد العام الماضي إعادة تشغيل ثلاث رحلات جوية أسبوعية من مطار صنعاء ، إلى مطار الملكة علياء في عّمان، بعد توقف الرحلات الجوية التجارية من وإلى مطار صنعاء منذ أكثر من سبع سنوات، جراء حصار فرضه التحالف الذي تقوده السعودية.

وضاعف تحالف العدوان، الخميس الماضي، عدد الرحلات الجوية من مطار صنعاء إلى العاصمة الأردنية عمان، إلى ست رحلات، ويأتي ذلك في ظل استمرار المساعي الأممية والدولية لتحقيق حل سياسي شامل في اليمن، والدفع بعملية السلام لإنهاء الصراع المستمر في اليمن.

وفي هذا الصدد لا بد من الإشارة إلى أن مطار صنعاء كان يقدم خدماته الملاحية لطائرات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بكل مهنية وجهوزية فنية حسب الاشتراطات والمتطلبات الدولية المعمول بها في المطارات العالمية. لكن تحالف العدوان بقيادة السعودية سعى من خلال استهداف المطار خلال السنوات الماضية إلى إعاقة المساعدات الإنسانية المقدمة للشعب اليمني وعرقلة رحلات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في اليمن، متجاهلا كل المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تجرم استهداف المطارات المدنية وفي مقدمتها اتفاقية شيكاغو.

وللتأكيد لا بد من القول إن دول تحالف العدوان استهدفت منذ اليوم الأول للعدوان مطار صنعاء الدولي ومنعت دخول أجهزة ومنظومة الاتصالات الخاصة به واليوم استهدفت المطار بشكل مباشر، لافتًا إلى أن استهداف المطار يأتي في إطار استهداف الأعيان المدنية المحمية بالقانون الدولي.

أول رحلة مباشرة بين صنعاء والسعودية

أقلعت مساء، السبت الفائت ، أول رحلة مباشرة بين صنعاء والسعودية، منذ إغلاق مطار العاصمة الخاضعة لحكومة الإنقاذ عام 2016.

وأفاد مصدر ملاحي في مطار صنعاء، لوكالة فرانس برس، إن الطائرة التابعة للخطوط الجوية اليمنية تقل 277 حاجًا يمنيًا إلى مطار مدينة جدّة الدولي في السعودية وقد أقلعت قرابة الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي وهذه أول رحلة تجارية بين صنعاء والمملكة منذ آب/أغسطس 2016 حين فرض التحالف العسكري بقيادة الرياض ، قيودًا على حركة الملاحة في المطار.

وكانت وزارة الأوقاف اليمنية أعلنت في وقت سابق، أنه من المقرر أن يتم تفويج أكثر من 18 ألف حاج براً عبر منفذ الوديعة، إضافة إلى ما يقارب 6000 حاج جواً. والخميس، أعلنت السلطات السعودية رسميا، السماح بتسيير رحلات جوية مباشرة من صنعاء إلى جدة لنقل الحجاج اليمنيين لأداء فريضة الحج للمرة الأولى منذ أكثر من ثماني سنوات.

هل يشهد الملف اليمني انفراجه ؟

ما زال ملف إنهاء الحصار عن اليمن وفتح المطارات اليمنية يواجه الكثير من التعقيدات والاتهامات المتبادلة بعرقلة التوصل لتقدم شامل لحل هذا الملف، ولكن الرحلات الجوية المباشرة من صنعاء إلى جدة لنقل الحجاج اليمنيين لأداء فريضة الحج للمرة الأولى منذ أكثر من ثماني سنوات. طرحت العديد من التساؤلات هل يمكن أن يشهد هذا الملف انفراجة؟ هل يدرك تحالف العدوان أن ملف اغلاق مطار صنعاء الذي يتم التلاعب به هو قضية إنسانية، وليس قضية سياسية؟ وفي السياق نفسه هل تتحمل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مسؤولياتهم ويطالبون بالضغط لفتح المطارات اليمنية دون شرط أو قيد؟

في الحقيقة لقد أدت سنوات الحرب المستمرة في اليمن، إلى إغلاق مطارات اليمن، وسط اتهامات متبادلة بشأن عرقلة التوصل إلى تقدم شامل لحل هذا الملف. ومن بين العوائق التي أدت إلى عرقلة حل هذا الملف بشكل كامل، التعنت السعودي.

خطوة نحو السلام.. هل تتكلل بالنجاح؟

حسب مصادر حكومية يمنية، فقد وافقت حكومة صنعاء مؤخّراً على تصوّر سعودي بشأن حل النزاع، يقوم على هدنة لمدة ستة أشهر في مرحلة أولى لبناء الثقة، ثم فترة تفاوض لمدة ثلاثة أشهر حول إدارة المرحلة الانتقالية التي ستستمر سنتين يتمّ خلالها التفاوض حول الحلّ النهائي بين كل الأطراف.

وعن هذا التصور السعودي، يقول رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية “سبأ”: “المفاوضات الأخيرة التي دارت بين حركة انصار الله والسعودية، لم ترتكز على هذا التصور السعودي أبداً، فقد كان الملف الإنساني على رأس كل الملفات الأخرى، وأحرزنا تقدما ملموساً به يرضى جميع الأطراف”. ويضيف نصر الدين عامر: “سنشهد في القريب العاجل مفاوضات جديدة مع الطرف السعودي، ما يعني إمكانية تجديد الهدنة والتفاهم على مرحلة ما بعد الهدنة، التي ستمهد للسلام الشامل وإنهاء الحرب”.

وفي السياق نفسه يجب ألّا يقتصر الأمر على تسيير الرحلات بين اليمن والسعودية يتم ربطها فقط بموضوع الحجاج بل إن هناك عشر الملايين من أبناء الشعب اليمني ممن يحتاجون للعلاج في الخارج بسبب الآثار التي خلفها العدوان على اليمن .

رفع الحصار عن مطار صنعاء الدولي مطلب شعبي وضرورة إنسانية جراء ما تعرض له الشعب اليمني من عدوان غاشم وحصار جائر ما زاد ذلك من تفاقم معاناة المواطنين والشعب بأكمله من تعرض مطار صنعاء الدولي وإن إغلاق مطار صنعاء يتنافى مع كُـلّ المعاهدات والاتّفاقيات والمواثيق الدولية وإن استمرار إغلاقه جريمة حرب بحق الإنسانية ولا يزال العشرات من المرضى يتوفون يوميًّا جراء إغلاق مطار صنعاء الدولي ناهيك عن معاناة غيرهم من الطلاب والمغتربين اليمنيين في شتى أنحاء العالم الذين يريدون العودة إلى وطنهم عبر مطار صنعاء الدولي ليصوا بأمان إلى مناطقهم، خير لهم من العودة عبر مطارات الموت التي تفتك بحياة العشرات من المغتربين والعائدين إلى وطنهم ولكنهم لم يصلوا بأمان” يفتك بهم الموت على يدي مرتزِقة تحالف العدوان.

إصرار تحالف العدوان على إغلاق مطار صنعاء الدولي والموانئ والمطارات ومنع دخول المشتقات النفطية وحصار وتجويع الشعب اليمني هيأ بالحد ذاته إبادة جماعية للشعب اليمن الصامد في وجه قوى الاستكبار العالمي ولا سيما استخدام العدوان الحصار كورقة ضغط وكسلاح من أسلحة الحرب ما يعتبر انتهاكاً للضمير الإنساني وانتهاكاً لأخلاق الحروب وانتهاكا للقوانين الدولية والإنسانية ويندرج ضمن جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بحق الإنسانية.

وما يحدُثُ من حصار للمطارات وللمنافذ الحدودية والموانئ في اليمن جريمة حرب فما شعور آلاف من المرضى الذين يعانون من المرض المزمن والذين يحتاجون للسفر في أقرب وقت لتلقي العلاج في الخارج وما هو شعور آلاف من المرض الذين يطلبون الأدوية التي لا توجد في اليمن وتأتي عبر المطارات من عدة دول أجنبية وما هو شعور السائقين والشوارع مكتظة بالسيارات لحصول على البترول جراء احتجاز العدوان سفن الوقود، معاناة خلفها العدوان والحصار تفوق كُـلّ معاناة الشعوب في المنطقة، حصارٌ شاملٌ على الشعب اليمني وجرائم ترتكب بحق أبناء هذا الشعب .

كل الممارسات العدوانية، وكل هذه الحرب التي شنتها السعودية ضد الاقتصاد اليمني لم تنل من صمود الشعب اليمني وثباته ورفده لجبهات القتال بالمقاتلين وبالدعم اللوجستي والاقتصادي بما يحتاجه المقاتلون من السلاح ومن الغذاء وما إلى ذلك.

في الوقت الذي أبدى اليمنيون تحملاً، يعجز عنه الوصف، عن النقص في المواد الغذائية، وفي المحروقات، وخصوصاً في فصل الشتاء، عن النقص في أغلب المواد الضرورية لاستمرار الحياة. ليس هذا وحسب، وإنما ازداد الشعب اليمني التفافاً حول مقاتليه من الجيش اليمني واللجان الشعبية وباقي القوى الوطنية، وشكل بكل فئاته وأطيافه السياسية جداراً صلبا يسند عملية التصدي للعدوان ويشحذ همم المقاتلين، الأمر الذي شكل انتصاراً يمنياً لا يقل أهمية عن الانتصارات العسكرية المتلاحقة في جبهات صد العدوان.

في النهاية، وبعد كل الفشل الذي لحق بالتحالف السعودي تُطرح العديد من التساؤلات هل ستفوّت السعودية فرصتها التاريخيّة برفض مبادرة السّلام اليمنية؟ بما أنَّ السعودية فشلت، رغم إنفاقها مئات المليارات من الدولارات، وبما تملكه من ترسانة عسكرية هي الأكبر ربما بين الدول العربية، وبما أن اليمنيين نجحوا بالصمود خلال 8 سنوات من الحرب والحصار، واستطاعوا بصمودهم الأسطوري أن ينقلوا الحرب إلى العمق الاستراتيجي في السعودية والإمارات، وباتوا يملكون قوة عسكرية جبارة، رغم الحرب والحصار. فإن السعودية وخلال الفترة القادمة ليس لديها العديد من الخيارات وسوف تركع أمام الإرادة اليمنية، فالفشل السعودي في اليمن قد كشف وجه السعودية الحقيقي وضعف جيشها الذي لم يحقق اي انتصار يذكر سوى قتل الابرياء والمدنيين وهنا يمكن القول إن تحالف العدوان السعودي وخلال الفترة القادمة سيكون امام وضع محرج جداً فإما أن يجنح للسلم ويوقف عدوانه الظالم ويدخل في مفاوضات مع الجانب اليمني ويخرج جميع قواته من الأراضي اليمنية المحتلة واما أنه سيكون أمام فشل أكبر.

* المصدر: موقع الوقت التحليلي
* المادة الصحفية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع