السياسية:

شهدت الأيام القليلة الماضية تصعيدا غير مسبوق في محافظة حضرموت، ساحلا وواديا، تمثل في دفع ما يسمى بالمجلس الانتقالي بقوات عسكرية ضخمة إلى مدينة المكلا، عاصمة المحافظة، تحت غطاء إقامة فعالية للمجلس.

تلا ذلك استدعاء السعودية لقيادات حضرمية مناهضة ما يسمى بالانتقالي، وأيضا لرئيس ما يسمى بالمجلس عيدروس الزبيدي. وكان لافتا أن الجميع لم يعدوا إلى حضرموت وعدن حتى اليوم، ما أثار كثيرا من التكهنات، وفي مقدمتها معاودة السعودية احتجاز الزبيدي. غير أن الاحتجاز لم يحدث، وإن كان ما يجري في الرياض لقيادة الانتقالي أشبه بالاحتجاز.

على هامش اللقاءات والاجتماعات المعلنة التي يعقدها وفد محافظة حضرموت المناهض ما يسمى بالانتقالي في الرياض، تدور نقاشات أهم بكثير بين السعودية وقيادات ما يسمى بالمجلس الانتقالي، حول مستقبل محافظة حضرموت.

ـ ترهيب وترغيب:
خلال نقاشاتها مع ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي، تتعامل السعودية بأسلوب الترهيب والترغيب. من الأول موقفها تجاه اللواء فرج البحسني، عضو ما يسمى “مجلس القيادة” المشكل سعوديا.
تؤكد المعلومات أن السعودية طردته من أراضيها، وستحرمه من المشاركة السياسية مستقبلا. يبدو أن السعودية اختارت البحسني لمواقفه الأخيرة التي مالت إلى الانتقالي والإمارات، نتيجة سوء تقديره للتطورات الأخيرة التي شهدتها المحافظة.

أما الترغيب، فقد تقدم السعودية صيغة حل للوضع في وادي حضرموت لا تتضمن وجود القوات الموالية لحزب الإصلاح. على سبيل المثال، قد تسلم السعودية مسئولية إدارة الوادي لقوات جديدة موالية لها، سلفية أو غير سلفية. غير أن ما يسمى بالانتقالي يرفع شعار الحرب على الإصلاح، بينما هدفه الحقيقي هو السيطرة على الوادي والساحل، في سبيل إنجاز مشروعه المتمثل في إقامة ما يسمى دولة الجنوب. على الأرجح، سيتجنب ما يسمى بالانتقالي مصادمة الرغبة السعودية حول حضرموت بعد اجتماعات الرياض، وهذا يستدعي موقفا مرنا حول حضرموت.

ـ رضوخ اضطراري:
في هذا السياق، قالت مصادر مطلعة إن ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي، سلطة الأمر الواقع جنوبي اليمن وافق، يوم السبت، على بقاء المنطقة العسكرية الأولى في حضرموت.

ووفق محللين فإن موافقة ما يسمى بالانتقالي المفاجئة لها علاقة ببروز مؤشرات خسارة المجلس المنادي بالانفصال لورقة المحافظة النفطية في ظل ترتيب انفصالها.

من جهتها، أكدت المصادر المطلعة، أن رئيس ما يسمى بالانتقالي، المتواجد حاليا في الرياض، وافق على بقاء العسكرية الأولى في مناطق تمركزها الحالي في مديريات وادي وصحراء حضرموت شريطة أن تسند قيادتها لوزير الدفاع الأسبق في حكومة هادي، محمود الصبيحي، أو إلى شخصية عسكرية أخرى بعيدة عن حزب الإصلاح، مع دمج قوات درع الوطن في حضرموت بالمنطقة.

وعلى ما يبدو، فإن ما يسمى بالمجلس الانتقالي الذي ظل طوال الفترة الماضية يطالب بخروج قوات المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت، قد انحنى مؤقتا للعاصفة، وتراجع خطوة إلى الوراء، في انتظار الفرصة المناسبة لمعاودة التحرك باتجاه محافظة حضرموت.

إلى جانب ذلك، بات ما يسمى بالانتقالي يدرك أن مطالبه بإخراج العسكرية الأولى لم يعد ذي أهمية مع قرار السعودية دعم انفصال المحافظة الثرية بالنفط عن عدن.

“كما أن تزامنها مع تقارير عن مقترح سعودي جديد يقضي بإخراج قوات ما يسمى بالانتقالي في ساحل حضرموت مقابل وحدات أبو عوجاء من الوادي، ربما يشير إلى محاولة ما يسمى بالانتقالي الإبقاء على قواته في الساحل.

وفي كل الأحوال، فإن ما سيتخذه ما يسمى بالانتقالي من قرارات في الرياض حول حضرموت، يبقى مبنيا على حسابات ومخاوف معينة، ولن يكون نهائيا، وهو ما تدركه السعودية أيضا، لكنَّ عامل الوقت يصب في صالح سعيها لإنضاج “القضية الحضرمية” كواحدة من أهم أوراقها مستقبلا.

*المصدر: موقع عرب جورنال
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر