هل يعكس انسحاب الإمارات من تحالف القوة البحرية عمق الخلافات بين أبوظبي وواشنطن؟
السياسية ـ متابعات:
في خطوة جديدة يرى مراقبون أنها تعكس حجم الخلاف بين واشنطن وأبو ظبي، أعلنت الإمارات اليوم الأربعاء 31 مايو أنها انسحبت قبل شهرين من تحالف القوة البحرية الموحدة الذي تقوده الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بعد تقييم للتعاون الأمني، مضيفة في المقابل عبر بيان لوزارة الخارجية أنها ترفض “التوصيفات الخاطئة” التي وردت لمحادثاتها مع الولايات المتحدة بشأن الأمن البحري.
حول دوافع هذا القرار، كانت صحيفة “وول ستريت جورنال”(The Wall Street Journal) قد نقلت عن مسؤولين أمريكيين وخليجيين قولهم إن الإمارات ضغطت على الولايات المتحدة لاتخاذ خطوات أكثر قوة لردع إيران بعد أن احتجز الجيش الإيراني ناقلتي نفط في خليج عمان الأسابيع الأخيرة.
وأضافت الصحيفة نقلا عن مسؤولين خليجيين، أن الولايات المتحدة أخفقت في فعل ما يكفي لردع الهجمات التي يشنها وكلاء إيران السنوات الأخيرة مما يقوض إيمانهم بالتزام واشنطن تجاه المنطقة.
ما هي القوة البحرية الموحدة؟
وتتألف القوة البحرية الموحدة من 34 دولة، وتعمل على ضمان الأمن ومكافحة الإرهاب والقرصنة في منطقتي البحر الأحمر والخليج، حيث تقع بعض من أهم طرق الشحن في العالم. ويقع مقر القوة الرئيسي في البحرين كما هو الحال مع الأسطول الخامس للقوات البحرية الأمريكية والقيادة العسكرية المركزية الأمريكية.
يشمل التدريب العديد من التطبيقات العسكرية البحرية بين السفن والأطقم المشاركة.
خلال السنوات الأخيرة، شهدت المنطقة زخما مضطردا في التدريبات العسكرية المشتركة بين عدد من دولها وبمشاركة دول أجنبية أحيانا، وسط تصاعد حدة الأزمات والنزاعات المسلحة، وتواصل التهديدات الإيرانية التي تؤرق عددا من الدول الخليجية والغربية كونها باتت تستهدف امن مياه الخليج وإمدادات الطاقة.
في وقت سابق من مايو الجاري، قالت الولايات المتحدة إنها ستعزز وجودها العسكري في مياه الخليج بعد التهديدات الإيرانية. منذ عام 2019، كانت هناك سلسلة من الهجمات على السفن من قبل الدولة الإسلامية. وفي أبريل نيسان احتجزت إيران ناقلتين في غضون أسبوع في مياه الخليج بالقرب من مضيق هرمز، إحداهما قادمة من دبي.
وتشارك دول الشرق الأوسط ومن بينها الإمارات في المناورات البحرية التي تعد واحدة من بين الأكبر بالمنطقة، في محاولة لحماية الممرات البحرية العالمية وردع التهديدات.
الخبير الأمني والاستراتيجي عمر الرداد يوضح أن سياق تشكل التحالف البحري بقيادة واشنطن، هو الاعتداءات المتواصلة من قبل بحرية الحرس الثوري الإيراني ووكلاء إيران على البواخر التجارية وناقلات النفط، عبر قيادة الأسطول الخامس الأمريكي ومقره البحرين.
يستدرك المتحدث أن الجديد في الموضوع هو انسحاب الإمارات من هذا التحالف احتجاجا على مواقف أمريكية وصفتها بـ (المتهاونة وغير الفعالة) في تنفيذ التزاماتها بأهداف هذا التحالف، إذ واصلت إيران احتجاز ناقلات نفط في خليج عمان دون رد من واشنطن.
حسب وول ستريت جورنال فقد سبق لمسؤولين أميركيين أن أكدوا أن الولايات المتحدة تتفهم مخاوف الإمارات وتعمل مع شركاء خليجيين لردع إيران عن استهداف السفن التجارية في المنطقة.
كما نقلت الصحيفة عن المتحدث باسم الأسطول الأمريكي الخامس قوله إن واشنطن تتمتع بعلاقات بحرية قوية في جميع أنحاء الشرق الأوسط تمكنها من الرد بطريقة تعاونية على ما وصفه بالعدوان الإيراني الأخير.
هذه “الأزمة الجديدة” وفق توصيف الخبير الأمني تعكس عمق الخلافات بين أبوظبي وواشنطن وهي سابقة لإنشاء هذا التحالف البحري، إذ هناك قناعات في أبوظبي أن واشنطن غير جادة في التعاون الاستراتيجي معها، وهو موقف تتبناه الرياض، على خلفية شكوك عميقة بمواقف الولايات المتحدة تجاه جملة قضايا من بينها العمليات التي شنها الحوثيون عبر الطائرات المسيرة، ورفض واشنطن تزويد أبوظبي والرياض بأسلحة أمريكية، من بينها صفقة طائرات إف 35 التي كان يفترض إنجازها، بالإضافة إلى سحب منظومات باتريوت من السعودية، وهو ما دفع الإمارات لعقد صفقة ضخمة لشراء طائرات رافال الفرنسية، وأيضا قضية توسيع التعاون العسكري مع روسيا والصين.
توقيت تسريب الخبر بهذا التوقيت غير معزول عن تسارع تطبيع العلاقات بين الإمارات وإيران، وهو تسارع لا ينظر إليه في واشنطن بعين الرضا، كما هو حال مساعي المصالحة بين الرياض وطهران.
*المصدر: مونت كارلو
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر