هدية للوبي الأسلحة الأمريكية .. ليملك السلاح من هو راغب فيه
بقلم: فريدي جيشتايجر
(موقع الإذاعة والتلفزيون السويسري (SRF)، ترجمة: نشوى الرازحي-سبأ)-
عندما وقعت أكثر من 150 دولة عضو في الأمم المتحدة على معاهدة تجارة الأسلحة قبل ست سنوات ، اُعتبر ذلك تقدم كبير. إذ تم النجاح لأول مرة في وضع لوائح دولية لتجارة الأسلحة.
كان يُراد بتلك المعاهدة في المقام الأول منع وصول الأسلحة إلى الميليشيات أو العصابات الإجرامية أو المنظمات الإرهابية. أضف إلى ذلك تقليص صادرات الأسلحة إلى الأنظمة الحاكمة غير العادلة. ولكن الاتفاق المطلوب لم يتم التوصل إليه في المفاوضات النهائية.
تصرف ترامب مجرد فعل رمزي
لذلك ، يُمنع الآن بيع هذه الأسلحة فقط إلى الحكومات التي ترتكب جرائم ضد حقوق الإنسان. ولكن وعلى وجه التحديد لا يزال بيع الذخيرة والصواريخ للمملكة العربية السعودية أمراً قانونياً، كما لو كان السعوديين لا يشنون حربهم على اليمن بمثل هذه الأسلحة.
إذا قام دونالد ترامب الآن بسحب توقيع الولايات المتحدة على هذه المعاهدة، فإن ذلك يُعد بمثابة فعل رمزي لصالح لوبي الأسلحة الأمريكي. فترامب هو أحد رعاة الحملة الرئيسيين. وقد شكَّل أعضاء هذا اللوبي، البالغ عددهم أكثر من خمسة ملايين، جزءاً مهماً من دائرته الانتخابية.
لم يتغير الأمر كثيراً
على الرغم من أن الولايات المتحدة قد وقعت على معاهدة الأمم المتحدة في فترة رئاسة باراك أوباما، إلا أن الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ قد امتنعت عن المصادقة عليها. ولم يتغير شيء عملياُ في هذا الصدد حتى الآن.
وهنا أيضا كانت لفتة ترامب رمزية لأن اتفاقية الأمم المتحدة لا تحدد قوانين تجارة الأسلحة الوطنية. إنها تتعلق بتجارة الأسلحة خارج حدود البلد. و فقط من حيث متطلبات المشاركة يلزم أن تكون تلك الأسلحة بمواصفات معينة. والرئيس ترامب من خلال خطوته هذه يهدف في المقام الأول إلى الدفع بحملة انتخابية أخرى.
لكن ذلك يلحق الضرر بالمصالح والصراعات الأمريكية و بسياستها الصارمة الهادفة لمكافحة الإرهاب. كما أن معاهدة الأمم المتحدة الضعيفة تخدم في المقام الأول بيع الأسلحة إلى الجهات الفاعلة غير الحكومية.
دعم جون بولتون
يواصل ترامب بإعلانه الأخير أيضا الابتعاد عن الاتفاقيات متعددة الأطراف والمشاركة الدولية للولايات المتحدة فيها. هذا بالطبع على الرغم من أن مشاركتها في معاهدة الأمم المتحدة قد مكنت الأميركيين لعقود من زيادة نفوذهم في المسرح العالمي.
لكن الرئيس، المدعوم بقوة من قبل مستشاره الأمني المعادي للأمم المتحدة جون بولتون، ينظر إلى الأمور بطريقة مختلفة. لقد أدار ظهره بالفعل لاتفاقية الأمم المتحدة لتغيير المناخ وكذلك الاتفاق النووي مع إيران المدعوم بقرار من الأمم المتحدة. كما لم تعد الولايات المتحدة جزءاً من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ناهيك عن انسحابها من صندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الأمم المتحدة لإغاثة الفلسطينية، من خلال التمويل الأقل من الولايات المتحدة لقوات الخوذات الزرقاء لحفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
ماذا بقي مؤكداً؟
ولهذا يُطرح التساؤل بصورة مكررة حول ما إذا كان دعم الولايات المتحدة على الأقل لاتفاقيات الأمم المتحدة الأساسية مثل ميثاق حقوق الإنسان أو اتفاقية اللاجئين ما يزال مؤكداً. أو حتى عضويتها في الأمم المتحدة فيما يتعلق بمثل هذه المسائل.
يحصد ترامب التصفيق من العديد من ناخبيه الأكثر ولاء لخطواته الانعزالية. وهذا ما يُهمه. ومع أن مصالح الأمم تتعارض مع ذلك لكن هذا أقل أهمية بالنسبة له من تجارة الأسلحة.