بقلم : هيلموت بارتيل

(صحيفة “شاتن بليك” schattenblick.de الألمانية، ترجمة: نشوى الرازحي-سبأ)-

إحدى السمات البارزة للحرب في اليمن هي تمسك وسائل الإعلام الغربية منذ أمد طويل بعدد القتلى البالغ 10 آلاف قتيل. في مارس 2015م، شنت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الحرب ضد جماعة الحوثيين المؤيدة لإيران والتي أطاحت بالرئيس اليمني المؤقت عبد ربه منصور هادي في أواخر العام 2014. وقد وصل عدد الوفيات جراء تلك الحرب بعد حوالي أثنى عشر شهراً إلى عشرة آلاف قتيل بالفعل ، ولكن ظلت وسائل الإعلام متمسكة بذلك الرقم وكانت وكالات الأمم المتحدة العاملة في مجال الإغاثة وتشغيل اللاجئين في اليمن قد أعلنت منذ ذلك الحين عن “أشد أزمة إنسانية في العالم” بسبب انتشار المجاعة وتفشي وباء الكوليرا.

إن الرفض اللافت لعدد من وسائل الإعلام الغربية والسياسية الغربية لتسمية ما يجري في اليمن بالمذبحة الكبرى والعمل على تصحيح الرقم المتداول بصورة مستمرة وفقاً لمجريات الحرب لا يمكن فهمة سوى بأنه تقليل من شأن ما يجري في اليمن مراعاة للطغاة في الرياض وأبو ظبي ، الذين أصبحوا على مدار الأربعة أعوام الماضية من أهم العملاء الأجانب للمعدات العسكرية الأميركية والفرنسية والألمانية.

لقد تم الحصول على أرقام أكثر موثوقية ومخيفة حول ما يحدث في بلد يوصف بأنه مأوى الفقراء من خلال دراسة مكونة من 68 صفحة بعنوان “تقييم تأثير الحرب على التنمية في اليمن”. قام بهذه الدراسة جامعة دنفر، وهي أقدم جامعة خاصة في منطقة جبال الروكي في الولايات المتحدة. وتم أجريت تلك الدراسة بتكليف من الأمم المتحدة وتم نشرها قبل بضعة أيام. وتشير الدراسة إلى أنه نظراً للتطورات الجارية في هذه الحرب حتى نهاية العام 2019 يكون عدد الأشخاص الذين قضوا قد قضوا 102 ألفاً. وعدد الناس ، الذين قتلوا بشكل غير مباشر بسبب النزاع الدائر لدواعي الجوع أو المرض أو اعتلال الصحة نتيجة قصف الطائرات المقاتلة السعودية والإماراتية للبنية التحتية للدولة أو بسبب الحصار الاقتصادي المفروض على المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين شمال غرب اليمن من قبل الرياض وأبو ظبي. وقالت الدراسة أن عدد القتلى يصل إلى 131 ألفاً.

وهذا يؤدي إلى ما مجموعه 230 ألف حالة وفاة. وعلى ضوء هذا سيفقد اليمن بحول نهاية هذا العام 0,8 بالمائة من سكانها البالغ إجمالي عددهم 30 مليون شخصاً نتيجة للصراع.

غالبية ضحايا اليمن هم أطفال دون سن الخامسة. خلص مؤلفو الدراسة إلى أن سنوات الحرب الخمس تسببت في إحداث 89 مليار دولار من الأضرار الاقتصادية لليمن. في تقرير دنفر، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك : “إن الصراع المستمر في اليمن قد أعاد التنمية الاجتماعية هناك بالفعل إلى ما قبل واحد وعشرين عاماً.

أدى الصراع المستمر في اليمن إلى تراجع معدلات التنمية البشرية بحوالي 21 عامًا ، وذلك وفقًا لدراسة نشرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الثلاثاء.

وحذرت الدراسة من تعاظم الآثار السلبية للصراع الدائر بأضعاف مضاعفة على مسار التنمية ، متوقعة أنه إذا ما انتهت الحرب في عام 2022 فسيبلغ معدل التراجع في مكاسب التنمية حوالي 26 عامًا – أي ما يقارب الجيل. وإذا ما استمرت الحرب حتى عام 2030 فسيزداد معدل التراجع إلى أربعة عقود.

حتى حكومة هادي ، التي تحكم من مدينة عدن الساحلية منذ أربعة أعوام بعد طردها من العاصمة صنعاء ، لا يمكنها أن تساعد في إدراك العواقب المدمرة للحرب. في الأول من مايو، نشرت ابتهاج الكمال، وزير العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة هادي ، أرقاماً تفيد بأنه منذ العام 2015م، فقد خمسة ملايين شخصاً في القطاع الخاص – أي 60 في المائة من العاملين هناك – وظائفهم ومعيشتهم وأسرهم. وأعربت الكمال عن أسفها لعدم الاستقرار الناجم عن الحرب ، والذي دفع العديد من الشركات المحلية والأجنبية إلى وقف أنشطتها التجارية في اليمن. ولم تُعلق الوزيرة على الهجمات العديدة التي قام بها المقاتلون السعوديون والإماراتيون على المنشآت الصناعية والزراعية فضلاً عن البنية التحتية الحكومية مثل محطات معالجة مياه الصرف الصحي ومحطات معالجة المياه.

وفي 28 أبريل ، أظهر أبطال طيران الرياض وأبو ظبي مهاراتهم مرة أخرى. حيث قيل بأن المقاتلات السعودية استهدفت سبعة مدنيين خلال غارة جوية على محافظة الضالع. وكان الضحايا من بينهم امرأة وطفل واحد على الأقل عبارة عن مجموعة من الأشخاص العائدين إلى ديارهم بسيارتين بعد رحلة تسوق في الفترة التي سبقت شهر رمضان. يقع مكان الحادث الرهيب على بعد 165 كيلومتراً من صنعاء وهو مكان بعيد عن الجبهة ، التي تدور فيها المعارك بين جماعة الحوثيين الُمسلحة والقوات الحكومية. وفيما يلي وصف أحمد، ابن أخ أحد القتلى، لصحيفة مينت برس نيوز الأمريكية اليسارية على الإنترنت، للمشهد الرهيب الذي عرضه المشاركون في عملية الإنقاذ: “لقد جمعنا ما تبقى من جثثهم الممزقة بجانب السيارة وبعض الأطعمة مثل الأرز “والمعكرونة مختلطة بدماء الضحايا ، والزجاج المكسور والشظايا المعدنية “.