السياسية / ترجمة : اسماء بجاش (سبأ):

نشرت صحيفة ” لو نوفيل أوبسرفاتور – l’Obs ” الأسبوع الماضي، تحقيقاً صحفياً، يسلط الضوء عن قضية التلوث الناتج عن مجموعة توتال النفطية في اليمن، البلد الذي يبلغ عدد سكانه 35 مليون نسمة، والذي ابتلي بحرب الأهلية منذ العام 2014، فهذه الأضرار والحوادث الناجمة ترتبط بالمنشآت النفطية القديمة.
ففي اليمن، لا يعود التلوث إلى الحرب، حيث سبق وأن بدأت هذه المعضلة قبل عشرين عاما، عندما بدأ استغلال حقل نفطي في المنطقة الشرقية من البلد، وانتهى في العام 2015, أي منذ أن بدأت الحرب في سرد فصولها.
في الموقع التابع لشركة توتال، أصبح القطاع العاشر الذي تديره الشركة اليمنية التابعة للمجموعة، قديم وغير مطابق لمعايير السلامة الأمنية.

 

لا يوجد مصنع معالجة:

يشير الصحفي المستقل كوينتين مولر، كاتب التحقيق، إلى مدى اللامبالاة التي انتهجتها المجموعة الفرنسية في التعامل مع ملف النفايات الناتجة عن استخراج النفط.
“عندما يتم استخراج النفط من الأرض، فإنه يحتوي بشكل طبيعي على الماء، وهذا الماء، عندما يخرج من باطن الأرض، يحتوي على الكثير من الجسيمات المشعة وكذلك المعادن الثقيلة، ولفصل المياه عن النفط، تستخدم الصناعات النفطية مزيجا من المواد الكيميائية، ووفقا للمعايير الدولية، يجب تنظيف هذه المياه”.
بيد ان جميع الجزيئات الكيميائية الموجودة في هذا الماء ارتفعت في الهواء ثم ساقتها الرياح إلى الوادي.
ولكي يتم تنقيتها، يجب أن تمر هذه المياه عبر محطة معالجة، ولكن هذا هو ما لم تفعله توتال.

 

أحواض تجميع المياه في الجزء العلوي من الوديان:

في هذه المنطقة الصحراوية من محافظة حضرموت، اكتفت المجموعة الفرنسية ببناء أحواض في الجزء العلوي من الودي، حيث كانت تخزن المياه الملوثة بطبقة بلاستيكية بسيطة.

مقر مجموعة الطاقة الفرنسية توتال في منطقة لا ديفونس بالعاصمة باريس/ زوسي بوزاس - هانز لوكاس/وكالة الصحافة الفرنسية

“كانت هذه المياه المستخلصة تجف في الهواء الطلق وهذه هي الطريقة التي تخلصت بها توتال من هذه المياه، لذلك ارتفعت جميع الجزيئات الكيميائية الموجودة في هذه المياه إلى الهواء ثم جرفتها الرياح إلى الوادي، حيث يعيش السكان”.
“هذه المئات من الأحواض لم تكن كافية لإزالة المياه السامة، لذلك تم دفن الفائض تحت الأرض، وبعمق شديد، في آبار النفط الفارغة، ولكن هذا العمل كان بمثابة ممارسات إجرامية وغير قانونية لا تمت بالمعايير الدولية بصله”.

 

انتشار أمراض السرطان:

وكنتيجة حتمية لهذه السنوات من التلوث، تم تسجيل العديد من حالات السرطان بين أوساط السكان، بما في ذلك الأطفال.
وفي التحقيق، يمكننا قراءة حالة آدم الصغير، الذي أصيب بسرطان الدماغ بعد وقت قصير من ولادته.
كان آدم بحاجة ماسة لإجراء ثلاث عمليات في مصر لإزالة الورم، وبالفعل، تعافى الطفل، لكن المرض ترك أثرا لا يمحى من على وجهه، ويقول والده إنه مقتنع بأن المرض ناجم عن تلوث الهواء.
عندما ذهبت إلى تلك الوديان، شاهدت الموت بأم عيني، فهذه الحالة هي مجرد مثال واحد من بين جملة أخرى من الأمثلة، لأن مرض السرطان كان قد حل على كل منزل وعلى كل عائلة”.
كان الموت موجوداً في كل مكان، فقد أطبق خناقة على كل شيء، على الحياة البشرية والحيوانية وعلى حياة النباتات المحيطة.

 

المياه الجوفية متضررة:

يضاف إلى المأساة الإنسانية كارثة بيئية اخرى، حيث تخضع المنطقة لفترات الرياح الموسمية والفيضانات الغزيرة والتي يمكن أن تتسبب في فيضان الأحواض.
وعندما تمطر، تصب مياه الأمطار في الوادي حيث يعيش الناس، وهناك يتشكل الطين شيئا فشيئا ويصبح كثيفا أكثر فأكثر، فهو مشع للغاية وسام للغاية.
كما تأثرت المياه الجوفية في المنطقة، وهي الأكبر في البلد، بسبب التسربات التي طالت آبار النفط.
“يأتي هذا في وقت لم تعد فيه هذه الآبار مانعة لتسرب المياه وتحتاج إلى إصلاح، إذا لم يكن الأمر كذلك، فهناك تسربات في تربة هذه المياه السامة”.

 

مجموعة توتال تنفي هذه التهم:

وفي بيان صحفي نشر على موقعها الإلكتروني، نفت مجموعة توتال معظم تلك الاتهامات.
“إحدى أكاذيب توتال هي أنها لم تدفن هذه المياه المنتجة في آبار غير نشطة، ومع ذلك، كان المهندسون الفرنسيون واليمنيون من توتال هم الذين أخبروني عن هذه الممارسات والتقنيات، التي كانت سارية من العام 1996 وحتى العام 2015”.
“لم تنكر توتال أنها لم تقم بتركيب محطة تنظيف للمياه المنتجة وأنها استخدمت طرقا قديمة للمياه السامة مع الأحواض, لكنهم لم يقولوا أيضا إن هذه ممارسات خارج القاعدة”.
من ناحية أخرى، لم تنكر مجموعة توتال أنها لم تقم بتركيب محطة لتنظيف المياه وأنها استخدمت طرق قديمة أخرى لتنظيف المياه السامة، لكنهم لم يقولوا أيضا إن هذه ممارسات لا تمت لمعاير السلامة الأمنية بأي صلة.

 

محاكمة محتملة؟

لا يزال من الصعب تقدير مدى تلك الأضرار المتصلة بالتلوث في المنطقة، ومن المستحيل معرفة عدد الأحواض التي فاضت أو دمرت، أو عدد الآبار التي دفنت فيه المجموعة تلك المياه وأما بالنسبة لإحصاءات السرطان، فهي ليست دقيقة للغاية في البلد.
وأخيرا، يمكن إجراء محاكمة محتملة، حيث تم رفع قضية من قبل السلطات اليمنية ضد مجموعة توتال وقد اتصل العديد من المحامين بالصحفي الفرنسي كاتب ومعد التحقيق وأعربوا عن رغبتهم في تمثيل الضحايا لمهاجمة المجموعة في فرنسا.

– المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع