بقلم: ريتشارد لاتندريس

(صحيفة ” Le Journal de Montréal” لوجورنال دي مونتريال  الكندية , ترجمة : أسماء بجاش-سبأ)

 

تريد الولايات المتحدة الأمريكية أن تجثو إيران على ركبتيها , إذ لا مزيد من الاتصالات الدبلوماسية والتجارية , ولم يتوقف ذلك الامر عند هذا الحد فحسب , حيث أمرت الإدارة الأمريكية الآن دول العالم بالتوقف عن شراء النفط الإيراني , فطبول المواجهة لم تقرع بقوة منذ العام 2002, أي ما قبل غزو العراق.

شهد العالم خلال الفترة الماضي هجمات دموية بالتزامن مع أحياء الطائفة المسيحية لعيد الفصح في سريلانكا , وفي الطرف الآخر من العالم ، أثار الكوريون الشماليون مرة أخرى حالة من التوتر ، وذلك بعد تجربة “سلاح تكتيكي جديد”، كما أشاروا بأصابع الاتهام للبيت الأبيض بإظهار سوء النية في القمة التي استضافتها العاصمة الفيتنامية “هانوي” في فبراير الماضي والتي لم تحرز أي تقدم يذكر , باختصار فالوضع العام لا يدعو للطمأنينة ومع كل ذلك ، لا تزال الإدارة الأمريكية تقاتل بشدة خلال هذه الفترة ضد طهران.

لطالما كان “مايك بومبو” وزير الخارجية و”جون بولتون” مستشار الرئيس للأمن القومي , مهووسان بهذا الأمر منذ سنوات عديدة , وفي الوقت ذاته قرر “دونالد ترامب” منح مباركة مفتوحة لحلفائه السعوديون ، العدو اللدود للإيرانيين , كما لو كان كل شيء مبررا من أجل تدمير نظام الملالي .

تمحور القرار الأخير , حول أن الدول الثمانية التي كان لديها إعفاء استثنائي للتحايل على الحصار الأمريكي وشراء النفط الإيراني سوف تضطر إلى الانصياع وراء العقوبات الجديدة التي فرضتها الإدارة الأمريكية.

ليس من السهل أن تقاوم العم سام

بدءاً من إيطاليا ووصولاً لكوريا الجنوبية ، كان الجميع يأملون في التفاوض على تمديد لإعفائهم من العقوبات الأمريكية مثل الأتراك , على سبيل المثال الذين يهتفون بصوت عالٍ بأن قرار الولايات المتحدة الأمريكية كان غير مبرر وغير قانوني , ولكن كان الخوف من العقوبات الأمريكية كافياً لكبح جماح آخر المنددين ، حيث عملت أنقرة على تقليص وارداتها من النفط الإيراني إلى الصفر.

يبدو أن الصين فقط من بقيت على موقفها , حيث لا يزالون مصممون على المقاومة ، وذلك استناداً على حجم اقتصادهم وإرادة الرئيس”دونالد ترامب” في إبرام اتفاقية تجارية هائلة مع الحكومة الصينية , فكل هذا يوفر لهم هذه الحرية , ومع ذلك ، فإن العداء الذي تكنه واشنطن لطهران لا يقتصر على النفط فحسب , ففي وقت سابق من شهر أبريل المنصرم ، تم أدراج “الحرس الثوري الإيراني ” ضمن قائمة المنظمات الإرهابية من قبل إدارة الرئيس ترامب، وهي المرة الأولى في التاريخ التي يرتبط فيها فرع من جيش أجنبي ارتباطاً مباشراً بالإرهاب , والهدف من ذلك يكمن في اعتبار أي شخص يتعامل مع الحرس الثوري الإيراني الذي يتمتع بنفوذ كبير في الاقتصاد الإيراني , متهم بالترويج للإرهاب وأن يصبح في مرمى العقوبات الأمريكية.

 ممارسة العديد من الضغوطات

الإيرانيون ليسوا بالملائكة فهم حلفاء للرئيس بشار الاسد وبالتالي , فأيديهم ملطخة بدماء الشعب السوري , وهذا هو نفس التحدي الذي يواجهه السعوديين اليوم جراء تسليح الحوثيين في اليمن والذي خلف وراءه  الآلاف من القتلى وتسبب في أزمة إنسانية مروعة , بالإضافة إلى الدعم الذي يوليه حزب الله اللبناني للمتمردين الحوثيين قد ساهم في عدم الاستقرار الإقليمي.

ومن جانبها , أشارت الإدارة الأمريكية إنها لا تسعى من خلال فرض عقوباتها إلى تغيير النظام في طهران ، ولكنها تسعى إلى تغيير السلوك.

وفي الوقت الحالي ، فإن السكان هم الذين يدفعون الفاتورة الباهظة , حيث آخذ حجم الاقتصاد في الانخفاض ، إذ بلغ معدل التضخم 40 ٪ بحلول نهاية العام 2018، في حين أن “الريال” العملة الوطنية لإيران خسر 60 ٪ من قيمته مقابل الدولار الأمريكي.

وفي المقابل يبقى تصميم السلطات الإيرانية رغم كل شيء ، سليماً وردود أفعالها تعتبر معتدلة , فالجميع يشعر أن صبرهم له هدف : نوفمبر 2020, فالإيرانيون مثل الكثيرين في أي مكان آخر في العالم وبالأخص في الولايات المتحدة الأمريكية , يتطلعون إلى هزيمة الرئيس “دونالد ترامب” في الانتخابات الرئاسية القادمة , وخلافاً لذلك ، قد يزداد الوضع سوءاً في إيران كما في أي مكان آخر في منطقة الشرق الأوسط.

إيران .. سلطة إقليمية

يبلغ عدد سكان الجمهورية الإسلامية الإيرانية 82 مليون شخص , إذ تقف في المركز الثامن عشر على مستوى العالم , حيث يسود فيها التيار الشيعي بمعدل 89 ٪ بينما يمثل التيار السني 10٪ فقط من أجمالي عدد السكان.

تحتضن ايران أكثر من مليون لاجئ معظمهم من أفغانستان والعراق , في حين يوجد أكثر من 5 ملايين شخص خارج البلد منذ اندلاع الثورة الإسلامية في العام 1979, تبلغ المساحة الإجمالية ما يقرب من 1628550 كيلومتر مربع ، مقارنة بإقليم الكيبيك في كندا والذي يبلغ 1542056 كيلومتر مربع.

وفيما يخص القطاع العسكري , بلغت الميزانية العسكرية لإيران ما يقرب من 16 مليار دولار أمريكي في العام 2017, في حين بلغت الميزانية العسكرية لإسرائيل 18.5 مليار دولار , بالإضافة إلى مساعدات أمريكية بلغت قيمتها 3.5 مليار دولار , بينما بلغت الميزانية العسكرية السعودية 76.7 مليار دولار , والولايات المتحدة  639 مليار دولار , ومن المرجح أن تصل إلى 718 مليار دولار مع حلول العام 2020.