تم توثيق التدمير المنهجي للبنية التحتية الحيوية في اليمن بالفعل من خلال التقرير الصادر عن ” القناة الثقافية الاوروبية – Arte ” في العام 2019 تحت عنوان “الجوع كسلاح حرب”.
ومن جانبها، تؤكد المنظمات الإنسانية أن الغارات الجوية كانت مخالفة للقانون الدولي.
كما أدانت الأمم المتحدة الوضع الحاصل في اليمن والذي تعتبره واحدة من أكبر المجاعات في العالم.
وعلى الرغم من أن العواقب على السكان الفقراء بالفعل كانت ولا تزال كارثية، إلا أن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وسويسرا لم تفرض أي عقوبات على الجهات المتسببة بخلق هذا الوضع.
بقلم: سوزان أيجنر
ترجمة: أسماء بجاش، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”

في اليمن، منذ بدء التدخل العسكري لقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية أواخر مارس من العام 2015، دمرت المئات من الطرق الحيوية، مما منع السكان المدنيين من الفرار من العمليات القتالية بسرعة كافية أو إجلاء الجرحى.
تم قصف العديد من المدارس والأسواق والمتاجر والمستشفيات، مما أثار سلباً على قطاع رعاية المرضى والجرحى الذين أصبحوا في حاجة ماسة لتلقي الرعاية الطبية الكافية.
كما لم تكن آبار المياه في مأمن من وحشية هذه الغارات، مما أدى إلى حرمان ما يقرب من 16 مليون شخص من مياه الشرب النظيفة.
14 مليون شخص – أي ما يقرب من نصف عدد السكان – مهددون بخطر الموت جوعا، ناهيك عن معاناة 2.2 مليون طفل من سوء التغذية الحاد.
اضطر حوالي 4 ملايين شخص إلى هجر منازلهم ولقي مئات الآلاف حتفهم جراء احتدام العمليات القتالية أو الهجمات.
تشير التقارير الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، إلى وقوع 540 ألف فتاة وصبي دون سن الخامسة في شرك سوء التغذية الحاد، مما يعرض حياتهم للخطر.
وبسبب ضعف أجهزتهم المناعية، أصبح الأطفال لقمة صائغة لوباء الكوليرا في كثير من الأحيان.
وجدت أيضا الحصبة والدفتيريا وحمى الضنك في هذا الجزء من العالم بيئة خصبة ومواتية للانتشار، كما تسبب الجوع والمرض بالفعل في حصد ارواح الآلاف منهم.
تحتاج الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لتمويل الغذاء والماء والدواء وغيرها من المساعدات لحوالي 17 مليون شخص، إلى 4.3 مليار يورو هذا العام وحده.
ومع ذلك، في مؤتمر المانحين الذي عقد في فبراير المنصرم، لم تتمكن المنظمة الأممية من جمع سوى 1.2 مليار دولار فقط …

 

هجمات ممنهجة على القطاع الزراعي والأسواق المحلية

تتحدث منظمات الإغاثة وموقع التحقيقات الاستقصائية الفرنسي “ديسكلوز” Disclose- عن استراتيجية مستهدفة: لقد جوعت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها السكان المدنيين بالمعنى الحرفي، خاصة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، 30٪ من الهجمات الجوية استهدفت بوضوح الأهداف المدنية والبنية التحتية الحيوية.
وبحسب المعلومات الصادرة عن “Arte ” بين مارس 2015 وفبراير 2019 فقط، تم تنفيذ حوالي 19 ألف هجوم من قبل الجيش السعودي على تلك المناطق، كما تم اسقاط أكثر من 11 ألف قنبلة على مراكز إنتاج الأغذية الزراعية.
وفي الشمال الغربي من البلد، وهي المنطقة الوسطى ايضاً، استهدف التحالف العربي 660 مزرعة، كانت بمثابة مصدر رزق للسكان.
بالإضافة إلى ذلك، قصفت الطائرات الحربية التابعة لقوات التحالف العربي المدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية خزانات ومرافق معالجة مياه الشرب.
وبالتالي فإن حوالي 16 مليون شخص لم يعد بإمكانهم الحصول على مياه شرب مأمنه ونظيفة.
كما أن هذا الوضع تسبب في انتشار واسع لفيروس الكوليرا المدمر الذي أصاب ما لا يقل عن مليون يمني منذ أبريل 2014.
عندما اندلع القتال، توقف العديد من الفلاحين عن زراعة أراضيهم بعد أن نزح العديد منهم.
وعندما يتوقف القتال في منطقة ما، غالباً ما تتحول نصف الأرضي الزراعية إلى أرضاً بور، كما أوضح محمد عبد الوهاب في مقابلة في العام 2020.
لم يكن عبد الوهاب وهو أب لأربعة أطفال يعرف إلى أين يذهب مع عائلته، علاوة على ذلك، لم يكن يريد أن يترك الماشية تتضور جوعا، لذلك بقي هو وعائلته في المزرعة وكافح من أجل البقاء.
وفي موانئ البحر الأحمر، تم تدمير مئات قوارب الصيد وهي أيضا مورد غذائي مهم، حيث تم قصف القوارب والأسواق المحلية، بما في ذلك أسواق السمك، سواءً من قبل الغارات الجوية أو من خلال السفن الحربية.
ونتيجة لذلك، انهارت الإمدادات الغذائية تقريبا وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 150٪.
من خلال فرض حصار بحري على منطقة البحر الأحمر، يسعى التحالف العربي إلى منع تسليم الأسلحة إلى الحوثيين، لكنه منع أيضا المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية وشحنات الغذاء.
ومع تدمير الموانئ والمطارات أو إغلاقها، كانت الشحنات الغذائية والإنسانية غير كافية تقريبا.

جرائم الحرب المرتكبة بأسلحة من الاتحاد الأوروبي

على الرغم من كل هذا، تم إرسال الأسلحة والمكونات المنتجة في ألمانيا للطائرات المقاتلة ونظام القتال الجوي إلى السعودية.
وفي العام 2018 وحده، سمحت الحكومة الألمانية بأكثر من 200 عملية تصدير بقيمة 400 مليون يورو إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وعلى مدى العامين الماضيين، زودت أيضا دولا أخرى في التحالف بالأسلحة مثل مصر والسودان والكويت والبحرين وقطر.
وبحسب التقرير الصادر عن موقع التحقيقات الاستقصائية ” “Disclose، قامت فرنسا أيضا بتزويد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بالأسلحة.
وهكذا، تم نشر 48 قطعة مدفعية متحركة على الحدود السعودية مع اليمن، وورد أن المنطقة التي يقطنها أكثر من 400 ألف شخص تعرضت للقصف بالمدفعية.
شاركت 70 دبابة فرنسية في عدة هجمات على الساحل الغربي لليمن، بالإضافة إلى ذلك، أنتجت فرنسا أنظمة تحكم للصواريخ الموجهة في الطائرات المقاتلة الأمريكية، والتي تم بيعها للسعوديين، كما شاركت فرقاطة فرنسية في حصار بحري.
ومنذ بداية أبريل الجاري، يجري ممثلو الأطراف المتحاربة محادثات السلام أوليه، لكن الشكوك لا تزال قائمة حول ما إذا كانوا سوف ينهون الحرب بالفعل.

– موقع ” بون بوغ لا تت- “Bon pour la tête السويسري الناطق باللغة الفرنسية
– المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر و بالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع