السياسية:

جاء اتصال مستشار الأمن القومي الأميركي، جاك سوليفان بولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في لحظة تحوّل حقيقية، تُنبئ بالحديث الفعلي الذي دار بين الرجلين حتى لو ان بيان البيت الأبيض قد قال بأنهما قد ناقشا “التوجهات الأوسع نطاقاً لوقف التصعيد في المنطقة”. وقد وصفت وثيقة سرية صادرة عن وزارة الدفاع الأميركية عن ان نية الرياض كانت “إطالة الأمد المفاوضات… حتى مع التقدم المفاجئ هذا الشهر فإن السلام بعيد كل البعد عن اليقين”.

وبحسب منظمة ذا انترسبت الأميركية، فقد ورد ان “السعوديين قد وافقوا على تنازلات أكثر أهمية مما كان معروضاً في منتصف شباط /فبراير الماضي”.

في الوقت الذي كُتبت فيه مذكرة البنتاغون السرية، بدا التحرك السريع لاتفاقية وقف إطلاق النار اقتراحاً مشبوهاً. وكشفت الوثيقة، وهي جزء من مخبأ لوثائق البنتاغون التي تم تداولها علنًا في الأسابيع الأخيرة، المفاوضات المشحونة بين السعودية وصنعاء بشأن اتفاقية سلام محتملة.

وتقول المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، ريبيكا فارمر، لموقع The Intercept: “تقوم وزارة الدفاع ومجتمع المخابرات بمراجعة وتقييم صحة الوثائق المصورة التي يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكننا لسنا في وضع يسمح لنا بتأكيد أو التعليق على أي معلومات محددة تحتويها”.

الوثيقة – التي تحمل عنوان “سري للغاية”، مع اقتصار نشرها على الولايات المتحدة وأقرب حلفائها الاستخباراتيين، ما يسمى العيون الخمس، تقدم لمحة تفصيلية عن محادثات القناة الخلفية السرية بين الوفدين اليمني والسعودي.

وتضيف منظمة ذا انترسبت ان قضية الرواتب كانت نقطة شائكة ليس فقط للمملكة بل لحلفائها الأميركيين أيضاً. وتشير إلى ان إدارة بايدن اعتبرت أن “مطالب الحوثيين بأن يدفع السعوديون رواتب القطاع العام، بما في ذلك العسكريون والعاملون في مجال الأمن، خارجة عن المألوف. في إيجاز صحفي في تشرين الأول/ أكتوبر، شجب المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ، ما وصفه بـ “المطالب المتطرفة” للحوثيين، وقال إنها كانت “عتبة كان من الصعب جدًا على الجانب الآخر التفكير فيها وكانت غير معقولة تماماً…ومع ذلك، هذا هو بالضبط ما اتفقت عليه الأطراف في الجولة الأخيرة. لم يكن الأمر أن الصفقة كانت مستحيلة. كان أن الولايات المتحدة لم تكن تريد ذلك”.

يوضح التقرير الاستخباراتي الذي تم الكشف عنه حديثًا أن هناك اتصالات بين الطرفين بشأن دفع الرواتب قبل أسابيع من اجتماع يوم الأحد في 9 نيسان/ أبريل في صنعاء. وبحسب الوثيقة، في منتصف فبراير/ شباط، أطلع السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر رئيس الوفد المفاوض، محمد عبد السلام، على موقف الرياض التفاوضي. وضع خيارين لدفع رواتب موظفي القطاع العام اليمني على مراحل، مما يسمح لهيئة مستقلة بتقييم قائمة الموظفين الحكوميين منذ ما يقرب من عقد من الزمن قبل دفع رواتب جميع العمال.

وقد أعلنت حكومة عدن التابعة للسعودية، يوم الاثنين، موافقتها على صرف الرواتب للموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة قوات صنعاء. وجاء ذلك خلال استقبال رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي في مقر إقامته في الرياض، الفريق السعودي المفاوض لدى وصوله من صنعاء.

وكانت الأطراف الموالية للتحالف قد اشترطت على دفع الرواتب من عائدات النفط الخام، مقابل السماح بتصدير هذا الأخير، بعدما منعت القوات المسلحة اليمنية تصديره بعمليتين جاءا تطبيقاً لقرار المجلس الرئاسي الأعلى، منذ أيلول/ سبتمبر الماضي.

وتذكر ذا انترسبت، بناء على ما جاء في تقرير المخابرات، ان “صبر الحوثيين ينفد، وربما لم يكن لدى السعوديين نية لعقد صفقة في ذلك الوقت”. وتنص الوثيقة على أن “مصدر استخباراتي حوثي قدّر على ما يبدو أنه إذا أصدر الحوثيون بيانًا قويًا”، فسيؤدي ذلك إلى زيادة الضغط على السعوديين، الذين كانوا يعتزمون إطالة أمد المفاوضات وتجنب التعهد بالتزامات حازمة”. وحذر المصدر من أن صبرهم قد “أسيء فهمه” وأن السعوديين يأملون في تقليص مطالب صنعاء تدريجياً، على أساس الاعتقاد بأن “الحوثيين” يتعرضون لضغوط ويحتاجون إلى انفراج في القضايا الإنسانية قبل بداية شهر رمضان.

لطالما تغاضت الولايات المتحدة عن المقاومة السعودية لرفع الحصار. كان الهدف هو ممارسة مثل هذا الضغط الشديد على الحوثيين بحيث يوافق الحوثيون في اتفاقية السلام النهائية على حكومة “شاملة” تترك دورًا مفتوحًا للولايات المتحدة والوكلاء المدعومين من السعودية.

في أعقاب الانفراج المدعوم من الصين، كان السعوديون على استعداد إلى حد كبير للتخلي عن وكلائهم من أجل إنهاء ما كان حربًا استنزافًا. ردت الولايات المتحدة بقلق، واندفعت الدبلوماسيين إلى المنطقة للإصرار على استمرار الضغط على حكومة الحوثيين على أمل تقويض الصفقة قيد التنفيذ. هرع ليندركينغ إلى الرياض في 11 أبريل / نيسان، عندما اندلعت أنباء عن اتفاق سلام، لتذكير القادة السعوديين برغبة الولايات المتحدة في مواصلة دعم وكلائهم في الحرب، تقول ذا انترسبت وتضيف، بدلاً من ذلك، “يبدو أن محادثات وقف إطلاق النار أصبحت ممكنة بسبب اتفاق من حيث المبدأ على أن السعودية ستتخلى عن حكومتها التابعة لها، وترفع الحصار، وكما كان يأمل الحوثيون – استخدام ثروتها النفطية الهائلة لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية اليمنيين”.

بالمقابل، كان رئيس الوفد اليمني المفاوض، محمد عبد السلام، قد أشار إلى أن جولة من المشاورات أنهيت مع الوفد السعودي بحضور وساطة عمانية في العاصمة صنعاء، سادتها أجواء إيجابية وجدية. وقال “خضنا مشاورات صعبة ومكثفة جداً ناقشت قضايا شائكة ومتشابكة في الملف الإنساني والعسكري والسياسي”. مضيفاً “أحرزنا تقدماً في بعض الملفات ولم تستكمل ملفات أخرى والوفد السعودي لمزيد من المشاورات…اتفقنا على الاستمرار في أجواء التهدئة القائمة المنسحبة على الهدنة وإبقاء التواصل قائماً”.

أما بالنسبة للملفات العالقة، فتشير مصادر صحافية، انها تتعلق بموعد تنفيذ الشروط، خاصة بشأن صرف الرواتب. إلا ان جملة الاتفاقات التي كان قد تم الحديث عنها، رهن جدية الرياض في المفاوضات، اذ ان آل جابر، كان حتى اللحظة الأخيرة قبيل مغادرته صنعاء، يصر على اعتماد أسلوب المناورة لكسب مكاسب ما.

من جهته علّق عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، انه منذ اول جولة حوار، “أحد أسباب الجولات ان مَن يصل للحوار رسل وليسوا أصحاب قرار”.

*المصدر: موقع الخنادق
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر ولا تعبر عن رآي الموقع