معادلات المقاومة تقوّض الاحتلال
السياسية- رصد:
توافد عشرات آلاف الفلسطينيين من القدس والضفة الغربية المحتلّة ومن مناطق الـ 48، لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، في الأسبوع الثالث من شهر رمضان المبارك. اكتظت حواجز كيان الاحتلال بالمصلين الذين شدّوا الرحال نحو القدس. لتستمر المشاهد المتكررة منذ يومين: اعتداءات وحشية لشرطة الاحتلال على المصلين والمرابطين، محاولة إفراغ الأقصى، اشتباكات، وهتافات الفلسطينيين للمقاومة. العدوان لم ينتهِ بتوقيت فصائل المقاومة في غزّة، التي توعّدت الاحتلال أن تُبقي سيف القدس مشرعًا، خاصة خلال فترة “عيد الفصح” اليهودي.
وحدة الساحات لا يمكن اختراقها
أراد الاحتلال بنشر خبر مفاده “العودة الى الروتين” في مستوطنات غلاف غزّة، أنّ يفصل الساحات التي توحّدت، وتصنيف غاراته منذ ليل أمس وفجر اليوم على القطاع، ضمن حدود “الرّد” على الصواريخ التي أطلقت من لبنان وغزّة. لكن للمقاومة الفلسطينية رأي آخر. فالقدس هي عنوان المعركة والتصدي، و”ستظل قضية المسجد الأقصى قادرة على تفجير الأوضاع في كل مرة، لأن شعبنا ومقاومته لن تمرر جرائم الاحتلال دون رد عليها. حركة حماس ومعها كل قوى شعبنا ستواصل ممارسة حقها في الدفاع عن هوية المسجد الأقصى، وسنشكل دائما درعاً وسيفاً للقدس والأقصى. سيبقى الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى قضية مركزية لشعبنا وأمتنا، وحولها تتوحد الجبهات وتترابط الساحات”، حسب ما شدّد الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم.
لم تعلن المقاومة، بفصائلها كافة، التراجع أو التوقف عن إطلاق الرشقات الصاروخية، اذ ما استمر الاعتداء على الأقصى والمصلين والمرابطين فيه على مدار الأيام المقبلة. كما تبقى على جهوزية للتصدي حال استأنف الاحتلال عدوانه على القطاع.
ففي هذا الصدد حذّر الخبير بالشؤون الاستراتيجية حسن عبده، المقاومين الفلسطينيين من خدعة ارتكبها العدو خلال عدوانه الأخير على قطاع غزة. وقال عبده: “قول الاحتلال إن العدوان الذي جرى قبل قليل هدفه الرد على الصواريخ التي أٌطلقت بالأمس هي خدعة”. وأضاف “الكابنيت اتخذ قرارًا بالعدوان على غزة وأطلق اسم (اليد القوية) على العملية والاسم يعني اننا أمام عملية قد تستغرق أيام”.
17 صاروخًا من لبنان تكبّل جيش الاحتلال
في التفاصيل، شهد لبنان وقطاع غزّة، جولة عسكرية. في الساحة الأولى، أطلق 17 صاروخًا من الجنوب، طالت مستوطنات في الجليل المحتل وخلّفت أضرارًا في الماديات. على إثرها شنّ جيش الاحتلال سلسلة غارات على القطاع، زاعمًا استهداف مواقع للمقاومة، فيما لا يتبيّن الا أنه قصف على مناطق مفتوحة. تمامًا كما فعل في جنوب لبنان في مدينة صور قرب مخيم الرشيدية. وقد ردّت المقاومة في غزّة برشقات صاروخية تركّزت في الغلاف وعلى المواقع العسكرية عند حدود القطاع (خاصة “ناحل عوز”)، بالإضافة الى تفعيل المضادات الأرضية التي استهدفت بها طائرات الاحتلال.
حجم ردّ جيش الاحتلال الذي جاء خلافًا لعاداته في التوسّع في الضربات، والذي أوضح بشأنه المحلل العسكري في موقع “واللاه” العبري أمير بوخبوط أنه “عندما يهاجم الجيش الإسرائيلي مواقع عسكرية فإنه يقول بكلمات أخرى أنه لا ينوي التصعيد”. الى جانب اجتماع “الكابينت” الذي سبق الاعتداء، والذي زعم المراسل العسكري، تال ليف رام، أن “الخلاصة هو أن هناك رغبةً لدى إسرائيل بحصر ردة الفعل على الأحداث الأخيرة دون الوصول إلى تصعيد واسع”، يشير الى أنّ الاحتلال توقّف عند معادلات الرّدع التي رسمتها المقاومة في الساحتين.
وفي هذا السياق، نقل الموقع العبري عن المسؤول الأمني قوله إنه “إذا تخوفنا حتى الآن من تراجع الردع الإسرائيلي، فإنه تلقينا تأكيدا على ذلك”. في إشارة الى الأحداث الأخيرة.
تضع هذه الأحداث حكومة بنيامين نتنياهو وحلفائه من اليمين المتطرّف في أزمات داخلية جديدة، اذ إنّ الشخصيات اليمينية التي وصلت الى الحكومة من أجل تمرير مخططاتها، وادعت في برنامجها العمل بشكل واسع ضد المقاومة، بالإضافة الى استغلال المناسبات العبرية لتغيير الواقع في القدس والمسجد الأقصى، تصطدم بمعادلات المقاومة، وبالتصدّع الداخلي للكيان الذي لا يسمح لها بالمغامرة بعدوان واسع صعبة تكاليفه عند كلّ الجبهات.