مرض السل مشكلة صحية يواجهها اليمن والعدوان فاقمها
السياسية – تقرير: مهدي البحري
يتسابق العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي مع الأمراض والأوبئة في حصد أرواح اليمنيين وتدمير كل مقومات الحياة في البلاد منذ ثماني سنوات.
وتفوق العدوان في زيادة معاناة الشعب اليمني من خلال تدميره لكل البنى التحتية الأمر الذي أدى إلى تهديد الأمن الغذائي والصحي، كما تسبب الحصار وإغلاق مطار صنعاء الدولي ومنع دخول الأدوية، في انتشار الأوبئة والأمراض في ظل الوضع المعيشي الصعب، ما أدى إلى تفاقم المأساة الإنسانية على مرأى ومسمع العالم.
وأًثر العدوان بشكل كبير على المنظومات الصحية والاقتصادية والتعليمية، طوال ثمان سنوات، وترك تداعيات كبرى على البرامج الصحية ومنها برنامج مكافحة السل.
لا يزال مرض السل إحدى المشكلات الصحية التي يواجهها اليمن وتسبب العدوان في تفاقمها، وعرقلة الجهود التي تبذلها وزارة الصحة ممثلة بالبرنامج الوطني لمكافحة السل للسيطرة على المرض.
وحسب تقرير صادر عن البرنامج تلقت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، نسخة منه فإن من تداعيات العدوان زيادة انتشار مرض السل القاتل حيث بلغ عدد الحالات المكتشفة خلال العام الماضي 2022م عشرة آلاف و411 حالة مقارنة بـ ثمانية آلاف حالة قبل العدوان.
ولفت التقرير إلى زيادة عدد الوفيات بمرض السل من ستة لكل 100 ألف شخص إلى تسعة لكل 100 ألف شخص من السكان.
وأكد التقرير أن مرتزقة العدوان عملوا على نهب وتدمير كامل محتويات المركز الوطني لمكافحة السل بمحافظة تعز وإخراجه عن الخدمة، مشيرا إلى أن العدوان عمل على عرقلة تجهيز أقسام الرقود لمرضى السل المقاوم للأدوية في المركز الرئيسي بأمانة العاصمة وكل المحافظات، وكذا عرقلة تنفيذ أنشطة البرنامج في السنوات الأولى من العدوان في الجولة التاسعة من منحة الصندوق العالمي، وتوقف صرف نفقات التشغيل من الموازنة الحكومية بما فيها كلفة أدوية السل.
وأشار التقرير إلى توقف خدمات المزارع والحساسية لمرضى السل في مراكز السل الرئيسية في أمانة العاصمة وعدن والحديدة نتيجة العجز في تغطية كلفة المحروقات لمولدات المراكز مما أدى إلى تلف عدد من الأوساط الزراعية، فضلا عن توقف أكثر من 75 وحدة لمعالجة مرضى السل نتيجة تدمير المرافق الصحية وعدد من وحدات السل في مديريات محافظة صعدة وحجة والبيضاء وتعز ومأرب والجوف.
وذكر التقرير أن 20 مرفقا صحيا تضرر بشكل كلي، و34مرفقا بشكل جزئي و21 أغلق، فضلا عن فقدان الأجهزة الطبية والمعدات الخاصة ببرنامج السل في المحافظات.
وأوضح أن الحصار وإغلاق مطار صنعاء وميناء الحديدة، تسبب في تأخير وصعوبة إدخال الأدوية والمحاليل الخاصة بتشخيص وعلاج السل وبقائها في المطارات والموانئ الخارجية لفترات طويلة مما عرضها للتلف، بالإضافة إلى صعوبة الإمداد بالعلاج المضاد للسل إلى المرافق الصحية في الكثير من المحافظات، كما ساهم توقف المرتبات في نزوح وتسرب عدد كبير من الكوادر الصحية المدربة في مكافحة السل وذوي الخبرات الطويلة، من العمل في وحدات التشخيص والمعالجة.
وأفاد التقرير بتوقف العلاج لأكثر من ثلاثة آلاف و600 مريض بسبب نزوحهم من أماكن إقامتهم إلى مناطق أخرى مما زاد من انتشار المرض وتطور المقاومة للأدوية، وحرمان ألفين و720 مريضا بالسل المقاوم للأدوية من التشخيص والعلاج بأدوية الخط الثاني بسبب العدوان وضعف الدعم للبرنامج.
وأكد أن العدوان ساهم على انتشار مرض السل وإعاقة كل الجهود المبذولة للسيطرة عليه من خلال انتشار الفقر والبطالة، حيث يعتبر الفقر من أهم العوامل المساعدة لانتشار مرض السل في المجتمع نتيجة الحصار الاقتصادي، كما ساهم الحصار في انعدام الأمن الغذائي وانتشار حالات سوء التغذية الأمر الذي يُضعف جهاز المناعة ويجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بمرض السل.
فيما أكد مدير البرنامج الوطني لمكافحة السل والأمراض الصدرية الدكتور إيهاب السقاف، أن العدوان خلف آثاراً صحية واجتماعية واقتصادية، منها مرض السل الذي يقدر معدل الإصابة بـه بـ 48حالة جديدة لكل مائة ألف من السكان.
وأوضح أن برنامج السل، كغيره من القطاعات والبرامج الصحية تعرض لتدمير البنية التحتية وتأثر الكادر وبالرغم من محدودية الدعم المالي من المانحين إلا أن البرنامج استطاع الصمود في وجه العدوان والحفاظ على ديمومة واستمرارية خدماته التشخيصية والعلاجية وتعزيزها.
وأشار إلى أنه تمت المعالجة بأدوية الخط الأول الفترة 2020- 2022م لعدد 36 ألفاً و470 حالة بتكلفة 547 مليون ريال، فيما تمت المعالجة بأدوية الخط الثاني لعدد 50 حالة بتكلفة 35 مليون ريال.
وفيما يخص التشخيص ذكر الدكتور السقاف أنه رغم العدوان والحصار استطاع برنامج مكافحة السل بتقوية شبكة المختبرات من خلال شراء 35 ميكروسكوب و40 جهاز جين اكسبرت سيتم توزيعها على جميع المحافظات حيث تعتبر تقنية الجين اكسبرت أحدث طرق تشخيص السل بدقة عالية ويعطى نتائج سريعة ويستخدم أيضا في معرفة المقاومة لعلاج الريفامبيسين.
ولفت إلى أنه تم تجهيز قسم التشخيص الجزئي (LPA) والذي سيبدأ العمل به خلال العام الجاري 2023م حيث يعتبر تكنولوجيا جديدة للتشخيص السريع لحالات السل المقامومة للأدوية المتعددة، بالإضافة إلى تعزيز وتقوية نظام الترصد من خلال الاشتراك بنظام المعلومات الاليكتروني على مستوى المديرية.
وبين مدير البرنامج، أنه تم تعزيز البنية التحتية بتوفير الطاقة الكهربائية الشمسية وبعض التجهيزات المكتبية والوسائل التشخيصية الأخرى وتركيب وتفعيل النظام الإلكتروني والإداري والمالي والطبي في الوحدة المركزية للبرنامج، فضلا عن تنفيذ جميع الأنشطة، وإنشاء قسم أشعة خاص بالنساء ومزود بجهاز اشعة ديجيتال في الوحدة المركزية للبرنامج وإعادة فتح عيادة سحب السوائل عبر جهاز الالتراساوند.
ونوه إلى أنه تم الانتهاء من إعداد الخطة الاستراتيجية للبرنامج الوطني 2023ـ 2027، والتي تهدف إلى رفع معدل اكتشاف السل وزيادة معدل نجاح المعالجة وزيادة اكتشاف حالات السل المقاوم للأدوية المتعدّدة للوصول إلى يمن خال من السل.
وقال “إن خطط البرنامج للفترة المقبلة ستركز على تقوية التنسيق متعدد القطاعات وتعزيز شبكة المختبرات وتفعيل نظام المتابعة والتقييم ودعم المرضى والعاملين بالإضافة إلى تعزيز سبل الوقاية من مرض السل”.
وتقدر منظمة الصحة العالمية أن 14 ألف شخص يصابون بالسل سنويا وبمعدل حدوث 49 حالة سل جديدة لكل 100 ألف من السكان.
والسُل مرض معدٍ خطير يُصيب الرئتين في الأساس، وتنتقل البكتيريا التي تتسبَّب في الإصابة بمرض السُل من شخص إلى آخر من خلال الرذاذ الذي يخرج في الهواء عبر السعال والعطس.
ويقاوم العديد من سلالات السُل الأدوية الأكثر استخدامًا لمعالجة المرض. ويجب أن يتناول الأشخاص المصابون بالسُل النشط أنواعًا عديدةً من الأدوية لشهور، للقضاء على العدوى ومنع زيادة مقاومة المضادات الحيوية.