باريس, (صحيفة”ميديا بارت” mediapart الفرنسية, ترجمة: أسماء بجاش- سبأ)

كشف تسريب جديد لوثائق مصنفة على أنها “دفاع سري” عن الاستخدام المكثف للأسلحة الفرنسية في الحرب الدائرة في اليمن وكذب قصر الاليزية بهذا الشأن.

من على منبر “فرانس انتر” تم استضافة وزيرة الجيوش الفرنسية مطلع العام الجاري, حيث بأشرها المذيع المحاور بسؤال مزعج بعض الشيء, إذ بدء بتحديق في عينيها وفجأة رفع صوته عالياً: “هل يجب أن نتوقف عن بيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية؟ ”

مرت أشهر منذ أن طرح هذا السؤال على الهواء مباشرة, ولكن لم تتم الإجابة عليه, ومع ذلك، لا تزال عقود وصفقات الأسلحة بين  فرنسا والمملكة العربية السعودية تؤجج نقاشاً أخلاقياً وسياسياً وقانونياً في فرنسا, إذ كيف يمكن لفرنسا أن توفر أسلحة لعميل يعكف على استخدمها ضد المدنيين في اليمن منذ أربع سنوات؟

في 26 مارس من العام 2015، أعلنت المملكة العربية السعودية إلى جانب دولة الإمارات العربية المتحدة وثماني دول ذات الأغلبية السنية, تشكيل تحالف عربي، بقيادة الأمير “محمد بن سلمان”, حيث تتلخص مهام  هذا التحالف في بدء العمليات العسكرية الجوية والبحرية على جارته اليمن, والهدف من ذلك يكمن في الدفاع عن النظام اليمني ضد الغزو العسكري للأقلية الشيعية “الحوثيون” الذين يتلقون الدعم من قبل طهران واليوم يصارع اليمن، وفقًا للتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة “واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية التي عصفت بالعالم”.

لا يزال 28 مليون يمني يعيشون تحت وابل من الغارات الجوية التي تشنها قوات التحالف العربي, حيث تمكنت تلك الغارات وحدها من حصد أرواح أكثر من 8.300 مدني, بما في ذلك 1.283 طفلاً، وذلك وفقاً للإحصائيات الصادرة عن مشروع اليمن للبيانات، وهي منظمة غير حكومية تقوم بجمع المعلومات حول الغارات الجوية لقوات التحالف العربي في هذا البلد.

أعلنت المملكة العربية السعودية في 26مارس من العام 2015، تشكيل تحالف عربي مكون من10  دول عربية، تتلخص مهامه في كسر شوكة  التمرد الحوثي, واليوم، لم يتبقى من هذا التحالف سوى أربع دول فقط وهي: المملكة العربية السعودية, ودولة الإمارات العربية المتحدة, والسودان والبحرين.

لنعود إلى الحوار مع وزيرة الدفاع, عندما أصر المحاور على طرح سؤاله: “هل يمكنكم إخبارنا “فلورنس بارلي” إذا كانت الأسلحة الفرنسية قد استخدمت ضد المدنيين في حرب اليمن؟

لم يكن أمام الوزيرة من سبيل سوى إجهاض ذلك النقاش, حيث وضعت يديها على الطاولة وردت بجملة واحدة: “لا علم لدى إذ كانت الأسلحة الفرنسية تُستخدم بشكل مباشر في هذا الصراع”.

نشر موقع التحقيقات الاستقصائية “ديسكلوز” وثيقة سرية لمديرية الدفاع والاستخبارات الفرنسية والتي تتمحور حول ملف صفقات بيع ونقل الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة واستخدامها بشكل مباشر في الصراع الدائر في اليمن, إذ تتكون تلك الوثيقة من خمسة عشر صفحة كتبها ضباط من مديرية الاستخبارات العسكرية في 25 سبتمبر من العام 2018, والتي حملت عنوان: “اليمن – الوضع الأمني” حيث  تم إرسالها إلى الرئيس “إيمانويل ماكرون” ووزيرة الجيوش “فلورنس بارلي”, وإلى مقر رئاسة الوزراء “ماتينيون ” وكذلك إلى وزير الخارجية “جان إيف لودريان”, وذلك قبيل انعقاد مجلس الدفاع الذي خُصص للحرب على اليمن، والذي عقد في قصر الإليزيه، في الثالث من أكتوبر من العام الماضي.

تتضمن تلك الوثائق جداول وخرائط تم الكشف عنها للمرة الاولى, والتي تحاول الحكومة الفرنسية إخفاءها, إذ تحتوى تلك الوثائق على قائمة مفصلة للأسلحة الفرنسية المستخدمة في حرب اليمن: دبابات”لوكليرك”، ذخائر مسمارية، ومقاتلات من طراز “ميراج 9-2000 , و رادارات كوبرا,و مركبات نقل مشاه, مروحيات من طراز كوغار وداوفين, ومدافع قيصر وغيرها……

حددت الجهة التي كتبت التقرير بتمعن المواد والمعدات العسكرية التي تم بيعها للجيش السعودي أو لجارته القوية دولة الأمارات, في حين سلط الضوء على الأسلحة الفرنسية التي تستخدم في اليمن, وبالأخص على المناطق السكنية, وعلى سبيل المثال وليس الحصر, “مدافع قيصر” التي صُنعت في بلدة روان التابعة لمنطقة لوار لصالح شركة Nexter”” الرائدة في مجال صناعة الأسلحة الثلاثية الفرنسية والمملوكة بالكامل للحكومة الفرنسية.

مدافع قيصر عبارة عن شاحنة مجهزة بنظام مدفعي، وهي مدفعية هاوتزر ذاتية الحركة من عيار 155مم/52 والمثبتة على هيكل شاحنة 6X  6, حيث تمتاز هذه المدفعية  بقوتها وسرعة تنفيذها وطول امتدادها ودقتها الكبيرة, بالإضافة إلى أن هذه المدفعية يمكنها إطلاق ست قذائف في الدقيقة الواحدة على هدف يقع على بعد 42 كيلومترا, إذ سلمت فرنسا منذ العام 2010، ما لا يقل عن 132 مدفعية إلى المملكة العربية السعودية، وذلك وفقاً لمعهد “SIPRI” السويدي المتخصص في عمليات نقل الأسلحة, ناهيك عن استمرار عمليات التخطيط والتسليم للمزيد من الصفقات خلال الأشهر القليلة القادمة.

مدفعية قيصر في السعودية

 

تشير خارطة DRM”” والتي تحمل عنوان “مدنيون في مرمى القذائف”، إلى أن ما يقرب من  48 مدفعية “قيصر” سعودية تم توجيه أفواهها باتجاه ثلاث مناطق سكنية في اليمن, والمكتظة بالقرى والمزارع والمدن, كما تميز خارطة  DRM من خلال دوائر كبيرة  محدده باللون الأحمر نطاق استقرار تلك القذائف.

ولكن السؤال المطروح هل تقصف هذه المدافع فعلاً المناطق المدنية؟

حملت الصفحة الرابعة من التقرير المرسل إلى رئيس الجمهورية الجواب: تدعم مدافع قيصر القوات الموالية للحكومة اليمنية والقوات المسلحة السعودية في عمليات التقدم داخل الأراضي اليمنية, وبشكل أوضح, تمهد هذه المدفعيات الطريق أمام الدبابات التي تسعى لتوغل داخل البلد.

  • المناطق اليمنية الواقعة في مرمى نيران “مدفعية قيصر”:

تشير البيانات الصادرة عن منظمة ” ACLED” -موقع بيانات الأحداث والنزاع المسلح- إلى عدد الوفيات في صفوف المدنيين والذين سقطوا بنيران المدفعية, بالإضافة إلى تحديد النطاق الجغرافي الذي سقطت فيه قذائف المدافع والدبابات الفرنسية, ونتيجة كانت: في الفترة ما بين مارس من العام 2016 وديسمبر من العام 2018، لقي 35 مدنياً مصرعهم خلال 52 عملية قصف في المناطق التي صوبت نحوها هذه الأسلحة.

ومن  جانبها, تراقب مختلف المنظمات غير الحكومية العاملة في المجال الإنساني عن كثب منذ اربع سنوات مسار هذا الصراع, ولا سيما تأثيره على السكان المدنيين.

على سبيل المثال، يعكف الباحثون في منظمة “”ACLED من الولايات المتحدة على دراسة وتمحيص ومراجعة المعلومات الصادرة عن الصحافة اليمنية والمواقع التي تتحدث عن تلك العمليات.

https://youtu.be/YPKVKai2KCg       لمزيد من المعلومات استخدام مدافع قيصر اضغط الرابط

أشارت وكالة الأنباء اليمنية الرئيسية في 14 يونيو من العام 2018 إلى أن “نيران المدفعية السعودية قتلت طفلين, في حين جرحت عدة أشخاص بالغين في المناطق الشمالية من البلد, حيث تم فحص تلك  المعلومات من قبل الباحثين في موقع بيانات الأحداث والنزاع المسلح” ACLED”.

تقع قرية “بني فايد” التي تعرضت للقصف ضمن قرى وعزل مديرية ميدي في محافظة حجة, حيث استقر في هذه المنطقة  نيران مدفعية قيصر الفرنسية, في حين تلقت المناطق الشمالية وآبل من قذائف المدافع الأمريكية, أو البريطانية أو الصينية, ولكن وفقًا لخريطة DRM”” فإن مدى تلك المدافع لا يصل إلى القرية المعنية.

استهدفت “نيران مدفعية التحالف” في 25 أغسطس من العام نفسه, مديرية حرض والتي يبلغ تعداد سكانها 22 ألف نسمة, خلف هذا القصف وراءه انهيار احدى المنازل, مما أسفر عن مقتل شخص وجرح ثلاثة أخرون, حيث أظهار خرائط ” “DRMأن هذا  المنزل يقع ضمن نطاق نيران مدفع قيصر الواقعة على الجانب الآخر من الحدود.

كما أشارت تقارير أخرى إلى جرح مدنيون بقصف مدفعي جراء تدمير للمباني في 28 أبريل من العام 2018 عندما انهالت عليها قذائف المدفعية السعودية والتي جعلت من قرية  المزرق وقرية العتن الواقعة بالقرب من الحدود السعودية في مرمى نيرانها, وبتالي, لا يزال سكان هذه المنطقة الشمالية أمام فوهات مدافع قيصر, وفقا لخرائط “DRM “.

سفينتان فرنسيتان تشاركان في الحصار البحري الذي ألقى بظلاله على الوضع الاقتصادي:

ماذا عن الأسلحة الفرنسية الأخرى التي تستخدمها كلاً من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة؟

صرحت وزيرة الجيوش “فلورنس بارلي” في يوليو الماضي، أمام لجنة الدفاع في الجمعية الوطنية:”على حد علمي ، فإن المعدات الحربية  الأرضية المباعة إلى السعودية لا تستخدم لأغراض هجومية، ولكنها تستخدم  لأغراض دفاعية على الحدود السعودية مع اليمن”.

وكجزء من هذا التحقيق أتصل من جانبه, موقع التحقيقات الاستقصائية “ديسكلوز” بمكتب خدمات رئيس الوزراء والذي أكد من جديد هذا الموقف, حيث قال: “على حد علمنا، يتم وضع الأسلحة الفرنسية المباعة لأعضاء التحالف بشكل أساسي في موضع دفاعي”.

من الواضح أن الدبابات والمدافع الفرنسية تخوض حرباً على الجانب السعودي لحماية المملكة من هجمات الحوثيين, ولكن هذه الحرب أو المواجهات تم عرضها باعتبارها عمليات دفاعية ولم يتم وصفها في التقرير المقدم.

تم حشد 70 دبابة من طراز “لوكليرك” في الصراع وفقا للمخابرات العسكرية, حيث كانت دولة الإمارات العربية المتحدة قد وضعت “حوالي أربعين دبابة” في مديرتي المخا والخوخة, القاعدتان العسكريتان لقوات التحالف والجيش الحكومي على الساحل الغربي لليمن, فهذه الدبابات كان من المقرر لها أنها ستبقى في تلك القواعد ولن تكون أبداً في الخط الأمامي للقتال, كما تحتوى المذكرة المقدمة على فارق مهم, إذ أنها منتشرة على طول امتداد طريق مديرية الخوخة الواقعة على بعد 115 كم من مدينة الحديدة.”

ووفقا لأبحاثنا حول العمليات القتالية في الخطوط الأمامية والمستندة على البيانات الصادرة من  الأقمار الصناعية، فأن دبابات “لوكليرك” قد شاركت في عدة هجمات واسعة النطاق لقوات التحالف.

أظهرت صور الهجوم الذي وقع في الفترة ما بين يونيو وديسمبر من العام 2018 على الساحل الغربي, مغادرة دبابات “لوكليرك” قواعدها, حيث سارت في الطريق الشمالي متجهة إلى مدينة الخوخه ومدينة زبيد القديمة.

https://youtu.be/E9gi0oqkmIw  لمزيد من المعلومات دبابات لوكليرك المتجهه نحو مدينة زبيد القديمة أضغط الرابط

تقدمت دبابات “لوكليرك” صوب مدينة الحديدة, فهذه المدينة الساحلية التي يسيطر عليها التمرد الحوثي منذ العام 2014، تعتبر البوابة الرئيسية للمنتجات الأساسية مثل القمح, أو الأرز أو السكر, ناهيك عن كونها أحد الأهداف العسكرية ذات الأولوية بالنسبة لقوات التحالف العربي.

https://youtu.be/KOkysDLITec        لمزيد من المعلومات الدبابات الفرنسية تشق طريقها صوب مدينة الحديدة/ أكتوبر 2018.اضغط الرابط

أكثر الهجمات دموية التي تعكف قوات التحالف على تنفيذها هي الغارات الجوية, فمن خلال تلك الوثائق, أشار محللو الاستخبارات الفرنسية إلى أن الرياض رأس الحربة في قوات التحالف العربي منهمكة في شن وابلاً من الغارات الجوية واسعة النطاق والمستمرة منذ أواخر مارس من العام 2015, ووفقا لهم، فقد نفذ التحالف العربي 24 ألف غارة منذ بدء عمليات التدخل العسكري, في حين شنت 6000 غارة جوية خلال العام 2018 فقط.

أكد وزير الخارجية الفرنسي”جان إيف لو دريان” في 13 فبراير من هذا العام أمام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية “إن العمل الذي تقوم به المملكة العربية السعودية يتم بشكل أساسي عن طريق الجو”, وقبل إخلاء أي مسؤولية فرنسية: “نحن لا نقدم أي شيء للقوات الجوية السعودية”, هذا خطأ.

وكما تبين من مذكرة ” DRM” التي لا يدركون البرلمانيين حتى وجود، فأن تلك الوثيقة كانت  قبل أربعة أشهر في أيدي وزير الخارجية.

تشير تلك الوثائق إلى أن الطائرات المقاتلة السعودية مجهزة بجوهرة التكنولوجيا التي قام بتصميمها وصيانتها مهندسون فرنسيون: جراب داموكليس, الذي يسمح لنظام “تعيين الليزر” والذي تم تصنيعه بواسطة شركة “Thales” والموجود تحت الطائرات المقاتلة للطيارين بتوجيه جميع أنواع الصواريخ والقذائف.

ووفقاً للمسح  الذي أجرته شبكة “سي إن إن” الأمريكية، شنت مقاتلات التحالف العربي غارة جوية مستخدمة فيها صاروخ “ريثون” الأمريكي, والتي أدت إلى مقتل 12 طفلاً وثلاثة بالغين في 20 سبتمبر من العام 2016, في منطقة المعطمة بمحافظة الجوف شمال اليمن.

جراب داموكليس لا غنى عنها في مسار الغارات الجوية, والتي تجهيز الطائرات المقاتلة الإماراتية المصنوعة في فرنسا, وهذه هي حالة طائرات ميراج طراز 9-2000، والتي لم يعد خفياً على أحد أنها “تعمل في اليمن”, مع أي صواريخ؟ المذكرة لا تقول ذلك.

تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة صواريخ بلاك شاهين الموجهة – صاروخ جوال بريطاني، فرنسي، إيطالي الصنع، طويل المدى، من فئة كروز التي تطلق من الجو- صنع من قبل شركة (MBDA) وقنابل “أيه إيه إس إم” وهي قنبلة ذكية فرنسية الصنع من إنتاج شركة “ساجيم” للدفاع والأمن، تمتاز بتركيب عدة أنظمة توجيه عليها, والتي يمكن أيضا توجيهها توجيه السقوط الحر وتجهيز طائرات ميراج 2000-9 المستخدمة في اليمن, وبحسب معهد ” “SIPIR فأن دولة الإمارات العربية المتحدة تمتلك  62 مقاتله من هذا الطراز بالمجمل.

كما تشارك معدات جوية أخرى تصدرها فرنسا بشكل مباشر في الحرب: طائرات الهليكوبتر القتالية “لو كوغر” والمسؤولة عن نقل القوات السعودية أو طائرة “A330MRTT” للتزود بالوقود, حيث تم تزويد المملكة السعودية بست طائرات إيرباص، في حين زودت الإمارات العربية المتحدة بثلاث منها.

لعبت التسع الطائرات تلك التي تم تجميعها في تولوز دوراً مهماً وحاسماً في المدى الجوي: فهي قادرة على التزويد بالوقود الكيروسين لعدة مقاتلات لتابعة للتحالف في نفس الوقت.

منذ ربيع العام 2015,  تقوم السفن الحربية التابعة للتحالف بالمراقبة السفن التي تصل إلى ميناء الحديدة من البحر, حيث تقوم السفن السعودية والإماراتية بصورة رسمية بتنفيذ قرار الأمم المتحدة الذي قضاء بحظر توريد الأسلحة إلى الحوثيين من خلال فحص السفن المشبوهة.

لكنهم في الواقع, عملوا أيضا على حظر توريد المواد الغذائية والمشتقات النفطية واستيراد الأدوية التي يجب أن توفر لأكثر من 20 مليون يمني, كما تم فرض حواجز قائمة على أساس تعسفي بشكل واضح، وذلك وفقاً لتقرير الصادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين والذي نُشر في أغسطس من العام 2018.

بيد أن وزيرة الجيوش الفرنسية, أكدت من جانبها وبصورة علنية على أن رفع هذا الحصار يعتبر من “أولويات” الدبلوماسية الفرنسية، متغافلةً في الوقت نفسه عن العنصر الرئيسي الذي سلطت عليها وثيقة ” DRM ” الضوء, والذي أشار إلى وجود سفينتان فرنسيتان “تشاركان في الحصار البحري” الذي يجوع ملايين اليمنيين, والتي تشمل فرقاطة “مكة” السعودية ومجموعة من صواريخ “بينونة” الإماراتية, حيث  تساهم الأخيرة – صواريخ “ينونة” الإماراتية- أيضا في دعم العمليات البرية التي تنفذ على الأراضي اليمنية, وبالأخص في منطقة الساحل.

وفي نهاية العام 2017، تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة من امتلاك “حراقتان” فرنسيتان من طراز”جويند 2500″, فكل هذه المعدات الفرنسية تعمل في الحرب الدائرة في اليمن، بترحيب كامل من قبل الرئيس إيمانويل ماكرون.

قال الرئيس الفرنسي في 9 نوفمبر من العام 2017، أثناء زيارته الرسمية إلى العاصمة أبو ظبي, أن هذه الصفقات تعزز العلاقات البحرية الثنائية, في حين تعتبر تكملة للتعاون القوي الذي سطر في الأعوام الأخيرة بشأن جميع الأسلحة.

|إن المصالح التجارية لفرنسا وضعت باريس في موقف لا يمكن وصفه سوى ” بانفصام سياسي”,إذ تعتبر  الدولة الفرنسية هي ثالث أكبر بائعاً للأسلحة في العالم, ووفقا للبيانات الصادرة عن وزارة القوات المسلحة, تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية هما ثاني وسادس أكبر عملاء لقصر الاليزية.

وفي الوقت نفسه، فإن فرنسا من الدول الموقعة على معاهدة تجارة الأسلحة (TCA) والتي تلزم الحكومات الموقعة عليها عدم إصدار أي تصريح نقل للأسلحة, والتي يمكن أن يتم استخدامها في ارتكاب “هجمات” ضد المدنيين أو الأهداف المدنية أو غيرها من جرائم الحرب .

وحول هذه النقطة، يسلط  مقر رئاسة الوزراء “ماتينيون” الضوء على أن معاهدة تجارة الأسلحة (TCA) يتم تنفيذها عندما يقرر هو إصدار التصريح أو عدم تصدير مواد الحرب”, ولكن كيف لك أن تعرف ما إذا كانت الأسلحة التي تنتهجها صناعتك تستخدم ضد المدنيين بعد أن  تكون قد فقت أثرها ؟ وذلك استناداً لوثيقة ” “DRM التي أشارت إلى عدم وجود “أجهزة استشعار في المنطقة”، وبالتالي فإنها “غير قادرة على التقييم الدقيق” للجهاز العسكري بالكامل لقوات التحالف.

وفيما يخص كمية المعدات الفرنسية، تعترف المخابرات بأنها ببساطة ليس لديها معلومات عن عملها في اليمن أو عن وجودها على الحدود.

وفي الأخير فهذا يعتبر بمثابة اعتراف محرج للغاية بالنسبة لرمز الدولة، ولكنه مغطى بسرية الدفاع حتى الآن.