الحرب في أوكرانيا: زيارة شي جين بينغ الاستراتيجية لفلاديمير بوتين
لم تكن الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني " شي جين بينغ" من "أجل عيون الرئيس بوتين الجميلة" كما يقول إيمانويل لينكوت*، المتخصص في الشأن الصيني، بل كان الهدف الكامن وراء تلك الزيارة هو تأكيد دعم بكين لموسكو.
بقلم: ماري تيرير
ترجمة: أسماء بجاش، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”
بعد إعادة انتخابه لولاية ثالثة، سيذهب الرئيس شي جين بينغ إلى روسيا اليوم الاثنين، الـ 20 مارس الجاري، حيث تستغرق هذه الزيارة ثلاثة أيام.
في القائمة (من بين جملة من الأمور) المناقشات بين الزعيم الصيني ونظيره الروسي، سوف تتضمن الحرب في أوكرانيا التي تدعي بكين أنها تقف موقف الحياد فيها.
ومع ذلك، فإن هذا الحياد المزعوم “موضع تساؤل” من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، التي أعربت عن «مخاوفها» بشأن احتمال تسليم أسلحة صينية إلى موسكو.
ومن جانبها، وصفت الصين هذه المزاعم بأنها «معلومات كاذبة ومزيفة» دون طمأنة الغربيين.
في هذا السياق المتوتر، ما الذي يفعله الرئيس الصيني في روسيا؟ يجيب إيمانويل لينكوت، الأستاذ في المعهد الكاثوليكي في باريس والباحث المشارك في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (Iris) المتخصص في الصين، على كل التساؤلات من على منبر موقع هافينغتون بوست.
هافينغتون بوست: لماذا يزور شي جين بينغ روسيا لأول مرة منذ أربع سنوات؟
إيمانويل لينكوت: تعتبر هذه الزيارة هي جزء من التقارب بين بكين وموسكو، الذي سُطر بعد لقاء الزعيمان ودعوتهما إلى تغيير النظام الدولي، في 15 سبتمبر 2022 في قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي تجمع الاقتصادات الآسيوية.
هذه الرحلة إلى روسيا هي تحقيق وإدراك لهذه الرغبة في إنشاء نظام دولي جديد، لأن الثنائي شي جين بينغ وفلاديمير بوتين لديهما كراهية عميقة تجاه الغرب وكل ما يمثله.
هافينغتون بوست: سيتحدث الرئيسان أيضا عن الحرب في أوكرانيا التي تدعي الصين أنها تقف موقف الحياد فيها، لذا هل هذا هو الحال حقا؟
إيمانويل لينكوت: تحاول الصين أن تكون قوة فاعلة لتقديم المقترحات، لكنها لا تقترح الكثير من الجدية.
وبالتالي، فإن خطتها للسلام والمؤلفة من 12 بنداً، التي قدمتها في الشهر الماضي، لا تتضمن سوى عنصر واحد قابل للتطبيق، وهو الرفض المنهجي للجوء إلى الأسلحة النووية، أما ما تبقى فهو مجرد هراء.
ففي حقيقة الأمر، بكين ليست محايدة في هذا الأمر وتدعم نفس الموقف الروسي.
حتى أن الحرب في أوكرانيا مرحب بها بالنسبة لشي جين بينغ: فهي تجعل من الممكن إضعاف المعسكر الغربي والاتحاد الأوروبي، وإرهاق الولايات المتحدة قبل أي غزو محتمل لتايوان.
كما تسمح للصين بالاستفادة من الاقتصاد الريعي، ولا سيما في قطاع الهيدروكربونات الروسي.
هافينغتون بوست: أمام هذا الخطاب المزدوج، ما الذي يمكن أن نتوقعه من هذه الزيارة؟ هل سوف يأتي “شي جين بينغ” لإعطاء الأسلحة لروسيا، أم ليقول إنه يقف بجانب الرئيس فلاديمير بوتين؟
إيمانويل لينكوت: من المحتمل ألا يكون ملف الأسلحة مطروح على الطاولة، لكن من المحتمل أن يكون الهدف هو “كاسوس بيلي- cassus belli ” وهو مصطلح يعنى “ذريعة الحرب” وهي العبارة التي تطلق على الأحداث الدولية من عدوان أو إجرام وتؤدي إلى إعلان الحرب- مع الأمريكيين وهذا سوف يكون «الأسلوب الصيني».
كما سيدعم شي جين بينغ لفظياً الرئيس فلاديمير بوتين ويظهر ارتباطه بروسيا، بينما يكون قوة لتقديم المقترحات.
ومع ذلك، هناك سبب للخوف من المساعدات غير المباشرة، على الرغم من أن هذه تكهنات، على سبيل المثال، إذا باعت الصين الأسلحة لإيران، والتي يمكن أن تبيعها يدورها لروسيا.
إذا أرادت روسيا المزيد من المساعدة، فسوف تطالب الصين بالتعويض.
ستكون الصين صادقة مع نفسها، كما سوف تقول شيئاً واحداً ونقيضه، وسوف تقود نوعاً من حرب العصابات الدبلوماسية.
في الوقت نفسه، هناك دعم حقيقي من شي جين بينغ لروسيا وبالتأكيد ليس في الوقت الذي يكون فيه على رأس سلطته، أن الرئيس سوف يشكك في هذا الارتباط، خاصة وأن روسيا منجم لا ينضب من جميع أنواع الموارد.
هناك شيء واحد مؤكد، الآن بعد أن مر مؤتمر العشرين للحزب الشيوعي، لن تكون هناك صعوبة بالنسبة للرئيس الصيني شي جين بينغ.
الفريق الحكومي الجديد موجود، وكل من حوله هم ملزمون، لذلك لن تكون هناك تحديات لخياراته وقراراته.
هافينغتون بوست: ولكن هل دعم الصين لروسيا لا يتزعزع؟
إيمانويل لينكوت: لا، على الإطلاق، على عكس ما يُكتب أحياناً، لا يوجد تحالف بين البلدين، فالحصل بينهما مجرد شراكة فقط.
هناك تقارب كبير، لكن الصين ليست ملزمة بمساعدة روسيا والعكس صحيح.
شي لا يتحرك فقط من أجل عيون بوتين الجميلة! في هذه الرحلة، يمكن للصين أن تجعل روسيا تفهم أنها إذا أرادت المزيد من المساعدات، بما في ذلك شراء النفط أو الغاز الروسي، فسوف تحتاج إلى تعويض.
بمعنى: الصينيون تجار، وعلى سبيل المثال يمكنهم أن يطلبوا بالتنازل عن سيبيريا.
هافينغتون بوست: وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال، يريد شي جين بينغ التحدث إلى الرئيس الأوكراني بعد زيارته للصين، ولكن ما هو الغرض من ذلك؟
إيمانويل لينكوت: إنها لا تأكل الخبز – في هذا التعبير، يمثل “الخبز” الغذاء الأساسي، لذلك فهو ذو أهمية ملحوظة والفعل “يأكل” هنا يعني “التكلفة” وبالتالي، فإن “ما لا يأكل الخبز” هو ما لا يكلف كثيراً أو لن يكون له عواقب وخيمة جداً- والدبلوماسية الصينية لها مطلق الحرية لمخاطبة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
تحاول الصين كسب الوقت لاستنفاد واشنطن أكثر من خلال وضع نفسها كوسيط متميز.
إنها تريد أن تلعب الدور الصحيح وتتحدث إلى كلا الجانبين، على عكس الأمريكيين، الأولاد السيئين الذين لديهم نهج مانوي.
ليس من المستغرب أن تكون بكين قد شاركت بالفعل في الأزمة الحاصلة في اليمن من خلال التحدث إلى إيران والمملكة العربية السعودية، وقد نجحت.
ومع ذلك، فإن التكوين مختلف تماماً عن الحرب في أوكرانيا، لأن حليفها الرئيسي هو روسيا.
لذا، حتى لو قالت الصين إنها تريد التحدث إلى الرئيس الأوكراني، فهذا نفاق تام: على أي حال، يتأرجح قلب بكين نحو موسكو، وليس كييف.
- موقع هافينغتون بوست- Huffington Post” الأمريكي، النسخة الفرنسية
- المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر و بالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع