السياسية- متابعات:

توفّر نماذج عرض عملية بطريقة مبسطة تسمح باستشراف أو توقّع ما يمكن أن يحدث مستقبلًا. وتعرض الورقة مجموعة مفاهيم أساسية غير حصرية في العلاقات الدولية، تتناول تحديدًا التعامل مع الولايات المتحدة، لتؤطرها في نماذج بمعادلات مباشرة وواضحة. وتهدف إلى تنظيم المعرفة بنتائج العلاقات “الطبيعية” مع الولايات المتحدة. وقد توزّعت النماذج على مفاهيم خمسة: التفاوض – المقايضة؛ الشراكة؛ المساكنة؛ المواجهة؛ التغافل. وتكمن أهمية النمذجة في ما تفتح من نافذة على أنواع التعامل مع الولايات المتحدة والناتج عنها. وفي حين تكتفي الورقة برسم الإطار النموذجي بتحديد المعادلة وعرض بعض الحالات البارزة، فإنها تفتح المجال للدراسة التاريخية لهذه الحالات وغيرها، مع جهوزيتها للتطبيق السردي عليها.

 

المقدمة:

 توفّر النمذجة عرض عملية بطريقة مبسطة تسمح باستشراف أو توقّع ما يمكن أن يحدث مستقبلًا. وتعرض الورقة مجموعة مفاهيم أساسية غير حصرية في العلاقات الدولية، تتناول تحديدًا التعامل مع الولايات المتحدة، لتؤطرها في نماذج بمعادلات مباشرة وواضحة. وتهدف إلى تنظيم المعرفة بنتائج العلاقات “الطبيعية” مع الولايات المتحدة. وقد توزّعت النماذج على مفاهيم خمسة: التفاوض – المقايضة؛ الشراكة؛ المساكنة؛ المواجهة؛ التغافل. وتكمن أهمية النمذجة في ما تفتح من نافذة على أنواع التعامل مع الولايات المتحدة والناتج عنها. وفي حين تكتفي الورقة برسم الإطار النموذجي بتحديد المعادلة وعرض بعض الحالات البارزة، فإنها تفتح المجال للدراسة التاريخية لهذه الحالات وغيرها، مع جهوزيتها للتطبيق السردي عليها.

 

نماذج العلاقات الأمريكية

 

نموذج التفاوض – المقايضة

 تتعدّد تعريفات التفاوض في قاموس العلاقات الدولية لكنها تلتقي حول وجود مباحثات بين أطراف معنية بنزاع حول مسألة ما للتوصّل إلى اتفاق معين، والعملية تلحظ اجتماع طرفين أو أكثر، دوليين أو غير دوليين، بشكل للتباحث وتبادل الآراء بقصد الوصول إلى تسوية للنزاع القائم بينهما والاتفاق المباشر[1]. والتفاوض يفترض تبادل المنفعة على أساس التراضي، وتأكيد المساواة ما بين الأطراف المتنازعة، وتوفّر توازن القوى بمعنى الحدّ الأدنى من التعادل السياسي والاقتصادي والعسكري بين طرفي التفاوض لاجتناب سيطرة الطرف القوي على الضعيف[2].

 التفاوض مع الأمريكي فرصة للأخير لتحقيق أقصى منفعة ممكنة وفق الشروط الأمريكية، أحيانًا يقبل بمعادلة صفرية إذا كان الطرف الآخر يتفاوض من منطلق قوة، وأحيانًا أخرى يثبّت معادلات واحد – صفر مع الطرف الأضعف. وبالتوازي مع التفاوض، يلجأ الأمريكي إلى مسارات ناعمة بعيدة المدى لاختراق جبهة المفاوِض الداخلية وإضعافه حتى تفكيكه ذاتيًّا. وفي حين يفترض المفهوم النظري للتفاوض تبادل المنفعة بالتراضي وتسوية النزاع، إلا أنّ التفاوض مع الأمريكي يراد منه المنفعة الأكبر، لذلك يعمل على اكتساب المزيد من النقاط والتسلسل في الإنجازات، دون أن يتوانى عن الانسحاب من الاتفاق أو انتهاك بنوده مع الحاجة إلى الضغط.

 يتداخل مفهوم المقايضة إلى حد ما مع التفاوض، ويمكن القول إنه يمثّل خطوة أو إجراء يتخذ ضمن عملية التفاوض. المقايضة هي عملية تبادل المنافع بين طرفين؛ لها أدواتها وأساليبها وأثمانها وتشكل احد عناصر القوة عند الطرف المقايِض تجاه الآخر، فهي تعكس قوة كل طرف وما يملكه من أوراق ضغط يستخدمها، وتنعكس تأثيراتها في النجاعة والمردود والخريطة السياسية. ينظر إليها كأحد أشكال الصراع والمواجهة في سبيل تحقيق أهداف سياسية، كما تتضمّن العديد من الألاعيب السياسية والطرق التي لا ينطبق عليها القانون الدولي، أو هي في أحسن الحالات خارج اطار الشرعية الدولية.

 يسعى الأمريكي باستمرار إلى امتلاك أوراق سياسية يستخدمها عند الحاجة على طاولة المقايضات، من قبيل الاستثمار ضمن مساراته الجارية الناعمة في الأقليات الدينية والمذهبية والقوميات العرقية والحركات الانفصالية للحفاظ على قدرة إدارة الصراع وضبط حركة الأطراف الأخرى في اللعبة. وهو يسعى من خلال المقايضة إلى السيطرة على نقاط قوة الخصم التي تشكّل تحديات وتهديدات لنفوذه ومصالحه وتقويضها بالتدريج والتراكم.

 

  • معادلة التفاوض مع الولايات المتحدة:

التفاوض مع الأمريكي ينجم عنه تثبيت معادلات ظاهرية وتقديم تنازلات يسعى الأمريكي لجعلها تنازلات لا نهاية لها؛ تؤمّن له السيطرة تدريجيًّا والاختراق وتسجيل إنجازات تقلب الموازين على المدى البعيد، ولا يؤمن اتفاقيات ضامنة. وهي تنازلات لأن أوراق المقايضة التي يستخدمها الأمريكي ويقدمها تخصّ أساسًا الطرف الأول لكنها خاضعة للسيطرة الأمريكية؛ فهو يقايض بما لا يملك. بالاتجاه الآخر، ما يطلب المقايضة به هو نقاط قوة الطرف الأول وحوامل وجوده واستمراريته من سلاح وتحالفات وغيرها من الروافع. والقبول بالمقايضة أثناء التفاوض بأي من المرتكزات يعني حدوث الخلل الذي لا يأمن معه خلل المرتكزات الأخرى والدخول بمرحلة التهديد الوجودي. 

  • لقاءات القمة بين الاتحاد السوفياتي السابق والولايات المتحدة نجم عنها تفكيك الاتحاد.
  • مفاوضات فيتنام الشمالية مع الولايات المتحدة عام 1968؛ استمرت حتى كانون الثاني 1973 حين تم توقيع اتفاقية “باريس للسلام”، لكن مع استمرار القصف الأمريكي على فيتنام الشمالية، اندلع القتال المفتوح في آذار 1973.
  • زيارة السادات إلى القدس المحتلة العام بضغط أمريكي العام 1977،  أفضت إلى سلسلة من التنازلات: اتفاقية كامب ديفيد، عام 1978، و”معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، واتفاقية أوسلو للسلام أيلول 1993، واتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل تشرين الأول عام 1994، وأحدثها اتفاقات أبراهام أيلول 2020. وهذه الخطوة رهنت مصر والأردن لسياسات النقد الدولي والتجاذبات السياسية الامريكية في المنطقة ولم تساهم في تحسين الوضع المعيشي أو الاقتصادي لكليهما، الذي يتفاقم يومًا بعد يوم.
  • المفاوضات النووية الإيرانية آذار 2015، والانسحاب منها العام 2018، ومحاولة فرض تنازلات جديدة.

 

نموذج الشراكة

 يسيطر مفهوم الشراكة على حقل العلوم السياسية بصفة عامة، والعلاقات الدولية بصفة خاصة. يصعب الوقوف على محددات دقيقة له، كما يصعب التمييز بينه وبين مفاهيم أخرى متداخله معه كمفاهيم التحالف والاندماج. فالمفردة يرادفها ثلاث مفردات: التحالف والائتلاف والاتحاد[3]؛ وجميعها ترتكز على نقطة محورية مشتركة هي الطوعية والهدف المحدد والموحّد أو الأهداف المتشابهة التي تتعاون الأطراف لتحقيقها[4]. والشراكة تختزن معنى “التعاون المنظّم “[5]، و”الاتحاد الرسمي” و”التعاون المؤقّت”[6]، و”المنفعة المتبادلة والفائدة للطرفين” على وجه التحديد، بحيث أنّ كل شريك يشارك في الفوائد التي يوفرها المشروع.

 أمّا تجربة الشراكة مع الطرف الأمريكي فإنها تثبت أنّ المصلحة الأمريكية فوق كل اعتبار وعند دوران الفائدة يرجح خيار المنفعة الأحادية، ولو على حساب الشريك. وإن عمل الأمريكي على موازنة المكتسبات، وإدارة خسارتها مع بقية الأطراف الشركاء، إلا أنّها تبقى سياسة مرحلية بما يحقق مصالح واشنطن.

ويغلب على الشراكة مع الأمريكي معنى الوكالة أكثر منها معنى المنفعة المتبادلة؛ لا سيما وأن الاخير يعتمد الإيهام وعدم الواقعية في منفعة الطرف الآخر. وتأخذ الشراكة شكل الوكالة الدولتية وغير الدولتية.

  • معادلة الشراكة مع الولايات المتحدة

الشراكة بشكل عام هي علاقة وظائفية خدمة لمصالح الأمريكي وإن صاحبها دعم وتنسيق أمريكي، إلا أن الناتج الأكبر أو حصة الأسد من نصيب الولايات المتحدة.

  • شراكة الدول العربية مع واشنطن نجم عنها تمويل الحروب الأمريكية على المنطقة على حساب خزانة الدول النفطية واستقرار المنطقة وأمنها وتحويلها إلى سوق تصريف الأسلحة وانهيار اقتصاد الدول النامية.

حالة رقم 1: تمويل الحرب على سوريا

حالة رقم 2: الدفع بالسعودية باتجاه الحرب ضد اليمن

حالة رقم 3: الضغط على أسعار النفط السعودي لصالح النفط الأمريكي

حالة رقم 4: انهيار اقتصاد مصر

 

  • شراكة الأقليات مع واشنطن ينجم عنها  إنجازات لا يعتدّ بها لصالح الطرف الأول وتضييع بوصلة القضيّة في ظل الاستثمار الأمريكي في تطلعاته واعتماد المماطلة والتسويف، ناهيك عن خيار التخلي عنه على الطاولة.

حالة رقم 1: الكردي في سوريا والاستثمار في الانفصال

حالة رقم 2: الوكيل الأفغاني والتخلي عنه.

حالة رقم 3: الكردي في العراق

 

  • الشراكة الأوروبية مع واشنطن تؤمن للأخيرة استمرارية القيادة، وحروب أميركا بالوكالة، آخرها الحرب الأوكرانية ضد روسيا، وتهديد اقتصاد منطقة اليورو وضمان بقائها مرتبطة بواشنطن.

 

ويؤطر الجدول التالي النماذج المحددة بالدراسة وفق معادلات خاصة تحدّد نوع العلاقة التي تعتمدها الجهة المستهدَفة والعوامل المساعدة أو “الوسيط” التي يستثمرها الأمريكي في هذه العلاقة والنتيجة التي يحصل عليها كل من الطرفين. 

جدول نماذج العلاقات الأمريكية ومعادلاتها
النموذج الوسيط الناتج
نموذج التفاوض – المقايضة

 

  • أوراق مقايضة وضغط

 

 

  • المنافع القصوى للأمريكي وسحب التنازلات التصاعدية من الجهة المستهدَفة
  • الاختراق الأمريكي الناعم حتى تفكيك الجهة المستهدَفة بشكل ذاتي
  • تقويض أمريكي تدريجي لنقاط قوة الخصم
  • عدم المصداقية الأمريكية أو الموثوقية
نموذج الشراكة

 

  • المكتسبات والخسائر
  • الطموحات والأوهام
  • رصيد المنفعة الأعلى لصالح الأمريكي
  • عدم تحصيل رأسمال تراكمي للجهة المستهدَفة
  • استنزاف رصيد الشريك
  • وكالة متاجرة بتطلعات المستهدَف
  • عدم المصداقية الأمريكية أو الموثوقية
نموذج المساكنة

 

  • الوقت
  • النفوذ المتوازي
  • التراضي
  • الاضطرارية
  • تجاوز الأمريكي للفاعل الأول بعد مرحلة التجميد
  • تقدم أمريكي تدريجي بأقل الخسائر
  • سيطرة الأمريكي على ورقة “الجوكر”
نموذج المواجهة

 

  • مجالات الصراع المفتوحة
  • الحسم والردع وما بينهما
  •  قيود التكلفة الأمريكية المنخفضة أو المحدودة في الموارد البشرية والمالية
  • إرباك حركة الأمريكي ومساره
  • إنجازات نسبية للجهة المستهدَفة
  • محاصرة الأمريكي في المنطقة الرمادية ما دون الحرب
  • خفض مخاطر الأمريكي ورفع نجاعة الجهة المستهدَفة
نموذج التغافل

 

  • خلل التشخيص المقابل
  • تعويم “النوايا الحسنة” الأمريكية
  • الغفلة

 

  • تقويض قدرات الجهة المستهدَفة تدريجيًّا مع جمود مسار بناء النفوذ والردع لديها
  • تنامي الحركة الأمريكية الجارية
  • خسائر استراتيجية للجهة المستهدَفة

 

نموذج المساكنة

 في حالة السياسة الداخلية، المساكنة أو التعايش السياسي ترتبط بما يعرَف بالحكومة المنقسمة التي تتطلب وجود نظام شبه رئاسي مسبقًا كما هو النمط الفرنسي حيث يكون الرئيس من حزب سياسي مختلف عن الحزب الذي يضم غالبية نواب مجلس الشعب[7]. وفي العلاقات الدولية، تتمّ المساكنة بين طرفين او أطراف تشترك في حيّز من السلطة لكنها تعيش التنافس وتفتقر التناسق في الأداء السياسي، يعني من اتجاهين مختلفين مع وجود ثقل وازن لكليهما يعطي كليهما قدر من السلطة التي لا يستطيع الآخر تجاوزها، فتلجأ إلى الرضى بالمساكنة للحفاظ على أفضل الخيارات الممكنة لاستمرارية نفوذ كليهما مع عدم القدرة على تجاوز أحدهما.

 يُلجَأ إلى المساكنة كنوع من الالتزام بسقف محدد من الحركة في إطار علاقة مؤقتة أو متجددة تبعًا للحاجة، وقد تتطوّر أو تجمد أو تنفكّ مع انتهاء المصلحة منها. يغلب أن تشهد مرحلة المساكنة السياسية النور نتيجة الحاجة إلى حلول وإعادة التوازن، وقد تنجم عن أثر تسوية بعد ضغط إقليمي ودولي وتقديم تنازلات في وقت من التعقيد، تؤمن المساكنة نوعًا من المفاضلة بين السيء والأسوأ وإدارة الأزمات، ولو مرحليًّا، ودفعًا تدريجيًّا نحو تحقيق الشروط. فالرهان في المساكنة يكون على تغيير الوضع مع الوقت وتبدّل النفوذ الوازن وتقلّص الفارق في ميزان الربح والخسارة، ومع رجحان كفّة النفوذ يتم الانتقال إلى مرحلة أخرى وفق الضرورة والأهداف. وبناء عليه، هي مرحلة “تقطيع الوقت” والتحرّك في ظل ضيق المساحة الموجودة، وتقويض المدى الإجمالي للصراع، وضمان استمرارية الوضع قد تتحوّل المساكنة إلى علاقة أقوى وقد لا تستمر. وتحدد قوة الطرفين ومدى قدرتهما على الاستفادة من فترة المساكنة في بناء النفوذ معالم المرحلة المقبلة من العلاقة.

 

  • معادلة المساكنة

تقطيع الوقت وإدارة الأزمة بأقل الخسائر بانتظار واقع جديد، وبموازين مختلفة. وهي معادلة ذو حدين لأن الطرف الفاعل الذي يساكن الولايات المتحدة يؤمن لها هي الأخرى فرص النجاح كما يسعى الأول لذلك، ويزوّدها بالوقت اللازم لإعادة ترتيب أوراقها، واستعادة الإمساك بزمام المبادرة، ما يفرض عليه السير على حافة الهاوية ويزيد المخاطر.

  • مساكنة بعض أقطاب السلطة السياسية اللبنانية لواشنطن (7 أيار 2008 إلى اندلاع الحرب السورية)
  • مساكنة العلاقات الصينية الأمريكية نتيجة التبادل التجاري الكبير والتهدئة النسبية رغم التنافس تعمل على تجميد الصراع بين الخصمين بالتوازي مع سعي كل منهما للتفوق على الآخر.
نموذج المواجهة

 المواجهة ويقصَد بها تصادم القوى أو الأفكار، والصراع الذي يستخدم فيه العنف[8]، وهي نزاع أو قتال أو معركة بين طرفين أو أكثر[9]. تتضمّن القتال أو المعارضة أو التحدّي بطريقة غاضبة. من هنا، لا تنحصر المواجهة بالبعد العسكري فهي تتضمّن معاني الرفض للقهر والخضوع على اختلاف طبيعة التعبير ودرجاته بما يتناسب مع نوع الهجوم أو الاختراق المضاد. وعليه، تدخل المواجهة الثقافية والقيمية والتربوية والاقتصادية والإعلامية فضاء المواجهة، ما ينطبق عليه عنوان “الجهاد الكبير”، وليس مجرد الجهاد العسكري. وتفضي المواجهة إلى بناء ردع وفرض معادلات جديدة وتغيير في خريطة النفوذ السياسي والعسكري وحتى الاقتصادي. وتخضع الحركة الأمريكية ما بعد حربي العراق وأفغانستان لقيود التكلفة المنخفضة في الموارد البشرية والمالية. وتجدر الإشارة إلى أن تمويل الحرب في أوكرانيا ليس منخفضًا، لكنه محدود بالمقارنة مع تكلفة الحرب في العراق وافغانستان، إضافة إلى كلفة التمويل الأكبر التي يتحمّلها الشريك الأوروبي. وتشير نماذج المواجهة واستخدام القوة مع الأمريكي إلى تراجع الأخير فضلا عن تسجيل الطرف المواجِه نجاعة مرتفعة نسبية، حسب اختلاف ساحات المواجهة ودرجات المخاطر.

 

  • معادلة المواجهة

المواجهة مع الأمريكي تؤدي إلى تسجيل إنجازات، ولو نسبية، لصالح الطرف المواجِه، وإرباك الطرف الأمريكي والدفع به إلى تغيير خططه، وخفض السقف وتدوير الزوايا واعتماد عمليات المنطقة الرمادية ما دون الحرب.

  • المواجهة مع القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان.
  • المواجهة مع القوات الأمريكية في سوريا.
  • مواجهة إيران وحزب الله لقانون قيصر وكسر الحصار.
  • مواجهة حزب الله للأمريكي في ملف الترسيم البحري.
  • مواجهة اليمن للمصالح الأمريكية في السعودية باستهداف منشآت آرامكو.
  • مواجهة المقاومة الفيتنامية للقوات الأمريكية (1955 – 1975).
  • مواجهة دول أمريكا الجنوبية لتدخلات القوات الأمريكية.

 

نموذج التغافل

التغافل من الغفلة بمعنى عدم اليقظة تجاه مخططات العدو، أو عدم امتلاك البصيرة في تحديد ملاك أو معايير السياسات المقابلة. فالتغافل لا تنتفي معه وجود المعرفة، لكن يشوبها خلل في مواطن عدة منها الوعي وتدارك تأثيرات الحركة المعادية على المدى المتوسط والبعيد والتخطيط للمواجهة. ويقصد بالتغافل هنا، عدم مواجهة الحركة الأمريكية واللجوء إلى التهدئة على الرغم من المعرفة بسلبيتها، دون أن يعمل بالتوازي بأي حركة تصاعدية على مستوى التجهيز أو الاستعداد او بناء النفوذ والردع. وعليه، فالتغافل لا يتم بالتراضي كما هي حال المساكنة، فالطرف الأول قد لا يكون داعمًا أو راضيًا بما يقوم به الثاني، لكن يعتقد أنه من الممكن أن يتجاوز المطبّات المرتفعة التكلفة أو المخاطر ويحقق المصالح إذا ما لجأ إلى التغافل عن نوايا الطرف الآخر وتسهيل فتح القنوات المختلفة حسب رغبة الأول دون تعقيدات.  

 

  • معادلة التغافل:

تغافل الطرف الأول مع الأمريكي والعمل بالتهدئة وعدم المواجهة، وربما الأخذ بـ “حسن النية” يؤدي إلى تقويض قدرات الأول مع الوقت نتيجة عدم العمل على موازنة الحركة الأمريكية الجارية والمتنامية بالمقابل. قد يسجّل الطرف الأول بعض المكاسب لكن سرعان ما ترجح كفّة الخسائر على الفوائد.

  • تغافل السلطة العراقية مع واشنطن قد تؤمن بعض المصالح النسبية للعراق لكن لا قيمة واقعية لها، خاصة مع مقارنتها بما توفّره للأخيرة من مصالح جوهرية جيو استراتيجية عبر النفاذ إلى عمق مؤسسات الدولة والتدخل بكل ملفاتها، ومحاولات السيطرة على الملفين النفطي والمالي.

 

خلاصة

 تعرض الورقة نمذجة العلاقات الطبيعية مع الولايات المتحدة والناتج عنها بما يساهم في استشراف الحركة المستقبلية الأمريكية في أي عملية تقع ضمن إحدى هذه العلاقات. وإذ تجنح غالبية العلاقات مع الولايات المتحدة وفق النماذج نحو اللين على اختلاف درجاتها إلا أنها لا تفتقر القوة إذا ما ترافقت مع عملية بناء ردع بالتوازي، ومردود تراكمي يؤمّن الحركة من موقع القوة. وفي حين تظهر الورقة فاعلية علاقة المواجهة القائمة على الحسم والشدة والصمود والاستنزاف أو الاحتواء المضاد على اختلاف طبيعة المواجهة، إلا أنّها تبقى رهن ميزان المصالح والفوائد وخيارات الضرورة. وبالمجمل، تظهر الورقة النماذج الأساس في التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية والناجم عنها بالعموم، مع التأكيد على أنها نماذج غير حصرية لكن يمكن القول إنها الأبرز وهي قابلة لتطبيق العديد من الحالات الميدانية عليها. وقد كشفت النماذج أن المعادلة الناجمة عن أي منها تقع ضمن إطار مفهوم “الصفقة الخاسرة”.

 

[1] للمزيد انظر: علي صادق أبو هيف، القانون الدولي العام، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1966، ط 12، ص 730. وانظر: جابر إبراهيم الراوي، المنازعات الدولية، دار السلام للطباعة والنشر، بغداد، 1978، ص 31.

 

[2] عصام العطية، القانون الدولي العام، دار ابن الأثير للنشر والتوزيع، الموصل، 2000، ص 153 – 154.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[3] https://www.powerthesaurus.org/political_partnership/synonyms

[4] https://www.fs.usda.gov/Internet/FSE_DOCUMENTS/stelprdb5388733.pdf

[5] https://www.lawinsider.com/dictionary/political-alliance

[6] Fogarty, Edward, “Coalition Politics and International Relations”, 7/2/2013. https://www.britannica.com/topic/coalition.

[7] Elgie, Robert (ed.), ‘‘Cohabitation’: Divided Government French‐Style’, in Robert Elgie (ed.), Divided Government in Comparative Perspective, Comparative Politics (Oxford, 2001; online edn, Oxford Academic, 1 Nov. 2003), https://doi.org/10.1093/0198295650.003.0006.

[8] https://www.merriam-webster.com/dictionary/confrontation

[9] https://www.collinsdictionary.com/dictionary/english/confrontation

  • صادر عن مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير ــــ بيروت ــــ  بتاريخ 10 مارس 2023
  • المصدر: موقع المسيرة نت