السياسية :

أجرى خفر السواحل الإيطالي یوم الاثنين الماضی عملية بحث في البحر والشواطئ عن جثث خلفها تحطّم مركب قبالة كالابريا، في حين تحاول السلطات تحديد هويات القتلى، في ظل انتقادات لسياسة الحكومة الإيطالية بشأن الهجرة. وقال منقذون إن معظم المهاجرين قدموا من أفغانستان، إضافة إلى إيران والصومال وسوريا وأماكن أخرى.

وقالت وزارة الخارجية في إسلام آباد إن 20 باكستانيا كانوا على متن القارب، وفقد منهم 4 ونجا 16 آخرون. وجرفت المياه كثيرا من الضحايا إلى الشاطئ قبالة موقع غرق القارب قرب منتجع ستيكاتو دي كوترو على الساحل الشرقي لكالابريا، وانتشلت بعض الجثث من البحر الذي بدأت أمواجه تهدأ مع تراجع قوة الرياح العاصفة.

ووُضعت عشرات النعوش في قاعة رياضية ببلدة كروتوني المجاورة استعدادا لإقامة جنازة، في حين وضع بعض السكان الزهور والشموع عند سور معدني بالخارج لتأبين الضحايا. وأمَّ الصلاة على الضحايا إمام مسلم، كما جاء أسقف كاثوليكي للصلاة وتقديم التعازي، في حين جلس بعض الناجين يبكون خارج الصالة الرياضية وسط جو بارد. وقالت السلطات المحلية إن 81 شخصا نجوا من الحادث، لكن يُعتقد أن القارب كان يقل ما يتراوح بين 180 و200 شخص عندما أبحر من إزمير (غرب تركيا)، ما يرجح أن كثيرين ربما لقوا حتفهم أو ما زالوا مفقودين.

وأشار سرجيو دي داتو -الذي يقود فريقا من منظمة أطباء بلا حدود يقدّم الدعم النفسي للناجين- إلى وجود حالات لأطفال يتّمتهم الكارثة. وقال إن “طفلا أفغانيا يبلغ 12 عاما فقد عائلته بأكملها المكوّنة من 9 أفراد؛ هم أشقاؤه الأربعة ووالداه وأقارب مقرّبون جدا”. وذكرت تقارير إعلامية أمس الاثنين أنه تم توقيف 3 بشبهة تهريب البشر، وتبحث الشرطة عن شخص رابع. وأجج الحادث مرة أخرى الجدل حول الهجرة في أوروبا، وكذلك في إيطاليا، حيث أثارت القوانين الجديدة الصارمة لحكومتها اليمينية حديثا بشأن عمل المنظمات الخيرية المعنية بإنقاذ المهاجرين انتقادات من الأمم المتحدة وجهات أخرى.

وقال مدير برامج أطباء بلا حدود في إيطاليا ماركو بيرتوتو “هذه الحوادث المفجعة تأتي نتيجة التبعات المأساوية للسياسات الإيطالية والأوروبية وحماية الحدود والحد من المرور الآمن والمنتظم إلى أوروبا” وفي حديثها مع تلفزيون “آر إيه آي” العام، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية “كلما غادر عدد أكبر من الناس زاد خطر الموت. الطريقة الوحيدة لمعالجة هذه القضية بجدية وبإنسانية هي وقف المغادرة”. وتعهدت ميلوني -التي انتُخبت في سبتمبر/أيلول الماضي- بوضع حد لوصول المهاجرين، وأكدت أن الحكومة “ملتزمة بمنع مغادرة (قوارب الهجرة) وما يترافق مع ذلك من المآسي”

وفي غضون ذلك، أثار وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوزي انتقادات واسعة النطاق بعد أن ألقى اللوم على مهربي البشر والمهاجرين في الشروع في رحلات بحرية خطيرة مع عائلاتهم. وقال للصحفيين “اليأس لا يمكن أبدا أن يكون سببا للسفر في ظروف تعرض حياة أطفالهم للخطر”. ووصل مئات الآلاف من المهاجرين إلى إيطاليا بالقوارب خلال العقد الماضي فارين من الصراعات وشظف العيش في بلادهم. وسجل مشروع المهاجرين المفقودين التابع للأمم المتحدة أكثر من 20 ألف وفاة واختفاء في عرض البحر المتوسط منذ عام 2014، بما في ذلك أكثر من 220 هذا العام، ما يجعله أخطر طريق للهجرة في العالم.

في غضون ذلك دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الاحد إلى المضي في إصلاح حق اللجوء في الاتحاد الأوروبي. وإذ اعربت في تغريدة عن “حزنها العميق” لـ”مأساة” غرق المهاجرين، دعت إلى “مضاعفة الجهود المتّصلة بالشرعة حول المهاجرين وحق اللجوء، وبخطة العمل بالنسبة إلى وسط البحر المتوسط”. بعد نشر أنباء عن غرق عدد من المواطنين الإيرانيين في حادث تحطم مركب قرب الشواطئ الإيطالية، طالبت إيران اليوم الاثينين، السلطات الإيطالية بالتحقيق الفوري في الموضوع. وأكدت وكالة إيسنا الإيرانية أن نائب وزير الخارجية الإيراني في الشؤون القنصلية اتصل بسفير إيران في إيطاليا مطالبا إياه بالتحقيق الفوري في أوضاع الإيرانيين الذين يحتمل أن يكونوا متواجدين في هذه السفينة.

كما اتصل المسؤول الإيراني بسفير إيطاليا في طهران مطالبا بالتحقيق الفوري في وضع الناجين والمصابين في الحادث. دعت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة دول الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء عمليات الصد، والطرد الجماعي، واستخدام العنف ضد المهاجرين واللاجئين، بمن فيهم الأطفال، على حدود الاتحاد الأوروبي البرية والبحرية الخارجية. وقالت المنظمة في بيان صحفي إن انخراط موظفيها المباشر مع المهاجرين – بما في ذلك أثناء تقديم المساعدة – إضافة إلى الشهادات والصور المختلفة التي نشرتها المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام، “يؤكد مستوى الوحشية الذي تعرضوا لها قبل إعادتهم عبر الحدود البحرية والبرية”.

وفي هذا السياق، قال أوجينيو أمبروزي المسؤول بالمنظمة الدولية للهجرة، “إن استخدام القوة المفرطة والعنف ضد المدنيين أمر غير مبرر”. وأضاف: “يجب أن تتماشى سيادة الدول – بما في ذلك اختصاصها في الحفاظ على سلامة حدودها – مع التزاماتها بموجب القانون الدولي واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع” ويحظر القانون الدولي وقانون الاتحاد الأوروبي عمليات الإعادة والطرد الجماعي، كما تدين المنظمة الدولية للهجرة بأشد العبارات إساءة معاملة المهاجرين واللاجئين على أي حدود. وقد رحبت المنظمة في هذا الصدد، بالتحقيقات الأخيرة التي بدأتها العديد من الدول وهيئات الاتحاد الأوروبي في مزاعم الإعادة القسرية وانتهاكات مبدأ عدم الإعادة القسرية، فضلاً عن العنف على الحدود، وتؤكد على ضرورة اتخاذ الدول إجراءات لوضع حد لهذه الانتهاكات.

وحسب بيان المنظمة الأممية المعنية بالهجرة، يسلط الوضع المقلق على بعض الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي الضوء على “الحاجة إلى تحسين سياسة الهجرة واللجوء والحوكمة، وتنفيذ الممارسات الإنسانية والمتكاملة القائمة على الحقوق”. وقد رحبت المنظمة الدولية للهجرة بالاقتراح المقدم من المفوضية الأوروبية – المنصوص عليه في الميثاق الجديد بشأن الهجرة واللجوء، قيد التفاوض حاليا – والقاضي بأن تنشئ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي آلية مستقلة لمراقبة الحدود، تعمل بشكل وثيق مع وكالة الحقوق الأساسية، كطريقة فعالة لضمان المساءلة والامتثال للقوانين الدولية وقوانين الاتحاد الأوروبي. هذا وتواصل المنظمة الدولية للهجرة تقديم دعمها إلى الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه بشأن حوكمة الهجرة، بما في ذلك بناء القدرات لإدارة الحدود المتكاملة القائمة على الحقوق والتي تحترم حقوق الإنسان لجميع المهاجرين.

المصدر : موقع الوقت التحليلي 

المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع