اليمن… استراتيجية الجوع
بقلم: بينوا كولومبات(موقع “فرنس إنفو” francetvinfo الفرنسي, ترجمة:أسماء بجاش-سبأ)
كشفت تقارير تحليلية حول العمليات القتالية والغارات الجوية التي يتعرض لها اليمن أن المواقع المرتبطة بالأغذية تحتل المركز الثالث على قائمة الاهداف المدرجة لدى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة, كما أن المواقع المدنية كانت هي الاخرى من بين الأهداف المدرجة لدول التحالف العسكري المنخرط في حرب اليمن, إذ يظهر ذلك جلياً, من خلال دراسة 19.278 غارة جوية تم شنها على هذا البلد في الفترة ما بين 26 مارس من العام 2015 (بداية الحرب) و 28 فبراير من هذا العام.
اعتمد موقع “Disclose” الفرنسي, والذي يعد وحدة أبحاث تابعة لشبكة راديو فرنسا “Radio France”, على مشروع البيانات اليمني الذي يجمع بيانات غير رسمية عن العمليات العسكرية في اليمن, إذ تأتي هذه العناصر من مصادر مفتوحة تم مراجعتها بالمعلومات التي جمعتها منظمة (ACLED)غير الحكومية البريطانية “مشروع بيانات الموقع والأحداث الخاصة بالنزاعات المسلحة”, أضف إلى ذلك البيانات العامة الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO), ومنظمة الصحة العالمية (OMS) ومؤشر تصنيف المرحلة المتكاملة للأمن الغذائي (L`IPC) .
جعلت الغارات الجوية التي تشنها قوات التحالف العربي بقيادة الرياض من مزارع, وأسواق, وصوامع الغلال والدقيق ومحلات الفواكه والخضروات, والمخابز, ومصانع تعبئة المياه, أو خزانات مياه الشرب وقوارب الصيد في مرمى نيرانها, حيث استهدف مقاتلات التحالف العربي بـ 1140 غارة جوية مراكز وأماكن الإنتاج الزراعي والإمدادات الغذائية في اليمن.
يُظهر هذا الرقم ترتيب قطاع الغذاء في المركز الثالث على قائمة الاماكن المستهدفة من قبل قوات التحالف العربي, في حين احتلت الأهداف العسكرية المرتبة الاولى بعدد 4250 غارة جوية, تلتها المناطق السكنية والتي استقرت في المركز الثاني بمعدل 1883 غارة جوية.
ومن هذا المنطلق يظهر لنا بأن الهدف من تلك العمليات هو تطبيق استراتيجية تجويع الشعب اليمني.
تجويع المدنيين يمكن أن يكون جريمة حرب:
ففي مجمل الغارات الجوية التي تم تحليلها, شكلت الاهداف المدنية 30 ٪ من اجمالي المواقع المستهدفة, بالرغم من كون هذه البنى التحتية ضرورية لبقاء 28 مليون شخص على قيد الحياة, وبحسب التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، يحتاج 80٪ من اجمالي السكان في اليمن إلى المساعدات الغذائية الطارئة.
أشارت الأمم المتحدة في العام 2019، إلى أن 16 مليون شخص لا يحصلون على مياه صالحة للشرب, مما أدى بهذا الوضع إلى تفشي وباء الكوليرا, وبرغم من أن قرار الأمم المتحدة الذي تم تبنيه في 24 مايو من العام 2018 ينص على أن “تجويع المدنيين كوسيلة من وسائل الحرب يمكن أن يشكل جريمة حرب”.
أظهر استطلاع سابق صادر عن وحدة التحقيق في موقع راديو فرنسا صدر في فبراير الماضي, تصريحات لشهود عيان من أعضاء المنظمات غير الحكومية, أكدوا أن القنابل لم تستثني أي شيء في اليمن, حيث قالت “كارولين سيجوين” التي عملت في منظمة أطباء بلا حدود في ما يقرب من 20 مستشفى ومركز صحي في اليمن, إلى أنه تم إعطاء إحداثيات “GPS” الخاصة بمستشفياتنا لقوات التحالف العربي, بالإضافة إلى إبلاغهم بجميع تحركاتنا على أرض الميدان، إلا أن هذا لم يمنعهم من استهداف سيارات الاسعاف التابعة لنا في العام 2016، مما تسبب في سقوط العديد من القتلى, وفي ست مناسبات منفصلة آخرى، تعرضت مستشفياتنا للقصف منذ العام 2015، مما أسفر عن مقتل 27 شخص وجرح 40 آخرين من مرضانا وطواقمنا الطبية في المشفى, ناهيك عن كون مقاتلات التحالف العربي لم تدخر أي جهد في قصف أحدى مراكز علاج الكوليرا, باختصار لقد أصبحنا هدفاً مثل أي أهداف آخر.
تم تأكيد هذا الموقف من خلال التقرير الذي تقدم به فريق مجموعة الخبراء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والذي تم الإعلان عنه في أغسطس من العام 2018.
تُظهر “استراتيجية الجوع” المتبعة في حرب اليمن البطء الذي يصاحب عمليات إيصال المساعدات الإنسانية بسبب الحصار البحري المفروض على البلد.
إن النتيجة التي تسلط الضوء على المسؤولية المحتملة والتي تقع على عاتق قصر الاليزية الفرنسي من خلال ما أشارت اليه مذكرة إدارة الاستخبارات العسكرية التي كشف عنها موقع “Disclose” بشراكة مع راديو فرنسا، تكمن في مشاركة القوارب الفرنسية في هذا الحصار وكذلك استخدام الأسلحة الفرنسية في القصف.
أما بالنسبة للمتمردين الحوثيين، فهم ليسوا خارج دائرة الاتهام واللوم, حيث أشار لهم برنامج الغذاء العالمي بأصابع الاتهام بالانقضاض على قوافل المساعدات الغذائية المخصصة للسكان.