بقلم: جان روبيل
ترجمة: نشوى الرازحي-سبأ
برلين ترسل ضباطاً و جنود إلى اليمن للمشاركة في مهمة مراقبة وقف إطلاق النار – وفي الوقت نفسه تبيع الأسلحة للمقاتلين. وهذا هو فن ربح الأموال القذرة مع إظهار النية الحسنة.
الحديدة مدينة تدور فيها المعارك منذ سنوات. وفيها بدلاً من أن يتنزه السكان البالغ عددهم ٤٠٠ ألف مواطن على طول الساحل ويمشون في الشوارع العتيقة اضطروا للاختباء بعد أن اقتحمتها الدبابات السعودية وأفرغت الطائرات الإماراتية والمقاتلة فيها شحنات القنابل.
ولكن الآن هناك عملية وقف لإطلاق النار، يجب مراقبتها من قبل بعثة مراقبة تابعة للأمم المتحدة – وهاهي ألمانيا ترسل عشرة من الضباط والجنود. ولكن ما الذي يمكنهم مراقبته هناك؟ هل هو المعدات الحربية التي صنعت في ألمانيا أم اللودرات المنخفضة لنقل الدبابات السعودية وأنظمة الكشف عن الرادار للمدفعية التابعة الإمارات العربية المتحدة. وإذا ما انهارت عملية وقف إطلاق النار، سوف يحصون القتلى الذين ماتوا بفعل قطع الأسلحة الألمانية.

في اليمن، الكارثة تثير الأخرى:
إنها السخرية في أنقى صورها. تم تعليق صادرات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية لفترة من الوقت لأن الأسرة الحاكمة أيقظت مساعي مراقبة الصادرات الألمانية في حكومة ألمانيا الاتحادية بفعل إسقاطها لصحفي ناقد لها بطريقة غبية للغاية وشنها حرب دامية على اليمن.
ولأن شريك التعاون في عملية التسلح، فرنسا، يمارس الضغوطات، فلا شك أن عملية المبيعات ستُستأنف؛ كما لو كانت السياسة الخارجية الاستعمارية لفرنسا صفة تستحق التقليد.
أدت الحرب في اليمن إلى كوارث إنسانية. الأمراض التي نعرفها من العصور الوسطى عادت لتنتشر من جديد هناك بسبب الوضع المتدهور.
كما يموت الناس يومياً بسبب القنابل والقذائف. ولماذا يحدث ذلك؟ إنه من أجل لعبة تكتيكية بحتة لأسرة آل سعود الحاكمة، والتي لا تتسامح مع أي حارس شيعي في فناء منزلهم الخلفي. فأخذ السعوديون يدعمون الرئيس السابق المنفي بعد أن استولى الحوثيون الشيعة على السلطة في اليمن.
ولكن كان الجمود هو السائد. يتمتع الحوثيون أيضا ببعض الدعم الشعبي. كان شن الحرب هو الفكرة الأسوأ من جميع أفكار الديكتاتورية السعودية ذات الحكم السيئ ، والتي نسميها “الشريك الاستراتيجي” في ألمانيا ، لأن البلاد كبيرة وغنية للغاية، بفضل امتلاكها للنفط على وجه الخصوص.
إن ما يسمى بالحوار النقدي الذي تزعم برلين بأنها تستخدمه مع الأسرة السعودية الحاكمة لم يحقق أي نجاح، إنه مجرد ورقة تين تستر بها سوء ما تفعل. لأن من المنطقي أن الاستمرار في بيع الأسلحة لا يؤدي إلا إلى القتل.
ما تقوم به حكومة ألمانيا الاتحادية عمل جبان لم يتوقف. حرب اليمن هي واحدة من النزاعات التي بات من المُتعمد جعلها منسية فبرلين لا تريد أن يظهر أن يديها اتسخت منها كما لا تريد أن يظهر أنها تعبث مع السعوديين والإمارات العربية المتحدة كشركاء حرب.
إن عملية إرسال ضباط وجنود ألمان للمشاركة في مهمة المراقبة أمر منطقي كون ألمانيا تتحدث بلسانين. وكل عملية وساطة يمكن أن تنفع ولا تضر. ولم يبق للسياسة الخارجية الألمانية سوى ان تقدم ورقة التين وتدفع سلة الفاكهة الغنية جانبا بصورة سرية.
لا شك أن نظرتنا إلى هذه المنطقة تتصف بعدم الاهتمام. أحد الأمثلة الحديثة على ذلك جاء بالأمس من رسالة من السودان ، مثل اليمن عضو في جامعة الدول العربية، حيث تم إسقاط الدكتاتور البشير الذي حكم منذ فترة طويلة من منصبه وتم اعتقاله وكان ذلك من قبل زمرته الخاصة والتي قد لا تحكم بشكل أفضل. لكنها كانت رسالة مهمة من الشرق الأوسط. ذكرت وسائل الإعلام الأمريكية والعربية والبريطانية والفرنسية في عناوين الأخبار البارزة، في حين أن المحررين الألمان أفرطوا في البداية في تناول مواضيع تغيير السلطة ثم نشروا تحت روايات أخرى أن البشير كان آخر ديناصور لعصابة كبار السن التي أرهبت المناطق العربية لعقود من الزمن: سواء كان القذافي في ليبيا أو مبارك في مصر أو بن علي في تونس – فقد حكموا جميعهم لفترة طويلة جدا أطول من اللازم.
وطالما وأن هذا كله لا يهمنا، فسوف نستمر في متابعة مبيعاتنا لآلة الموت.
= موقع “ياهو ناخريشتن دويتشلاند” الإخباري الألماني