السياسية:

قالت المديرية العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية، إن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع بنسبة 3.3 في المئة على أساس سنوي في ديسمبر، مسجلاً أعلى مستوى للتضخم.

كما أعلنت المديرية العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية إن الأسعار ارتفعت مرة أخرى في ديسمبر 2022، مدفوعة بشكل أساسي بتكاليف الإيجارات. وارتفعت الأسعار 0.3 بالمئة على أساس شهري في ديسمبر كانون الأول مقارنة مع 0.1 بالمئة في نوفمبر تشرين الثاني.

وحسب تقرير هذه المؤسسة السعودية، فقد ارتفعت المساكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى التي تشكل 25.5٪ من سلة أسعار المستهلك بنسبة 5.9٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي وبنسبة 0.9٪ مقارنة بشهر نوفمبر.

وأكدت المديرية العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية، أن معدل التضخم السنوي في المملكة العربية السعودية جاء نتيجة ارتفاع إيجارات المساكن بنسبة 1.1٪، فيما ظلت أسعار المواد الغذائية والمشروبات التي كانت المحرك الرئيسي للتضخم لمعظم العام الماضي، 4.2 أعلى في المئة مما كانت عليه في ديسمبر 2021.

من جانبه ارتفع الرقم القياسي السنوي لأسعار المستهلك لعام 2022 بنسبة 2.5 في المئة مقارنة بعام 2021، والذي يتأثر بشكل أساسي بارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 3.7 في المائة وأسعار النقل بنسبة 4.1 في المئة.

كما ارتفعت تكلفة الإسكان بنسبة 1.8٪ في عام 2022 بسبب زيادة إيجارات المساكن بنسبة 2.0٪.

أما وزارة المالية فأعلنت في بيان لها أنها تتوقع في موازنة 2023 أن يبلغ معدل التضخم 2.6 بالمئة في المتوسط ​​بنهاية 2023.

ارتفع الرقم القياسي لأسعار المستهلك في هذه الدولة بنسبة 2.9٪ سنويًا خلال شهر نوفمبر نتيجة ارتفاع أسعار إيجارات المساكن ويذكر أنه بسبب نقص الموارد المائية للزراعة، تستورد المملكة العربية السعودية معظم غذائها من دول أجنبية.

ولا يزال معدل التضخم في قطاع الغذاء عند مستوى مرتفع، وربما يرجع ذلك جزئيًا إلى الحجر الصحي ورغبة الناس في تخزين هذه الأصناف على نطاق واسع، ومن المتوقع أنه نظرًا لتطبيق فاتورة زيادة ضريبة القيمة المضافة، فإن معدل التضخم سوف يرتفع.

ضريبة القيمة المضافة وبداية القصة

وافقت الحكومة السعودية على ضريبة القيمة المضافة في هذا البلد في 2018 وزادت هذه الضريبة إلى 15٪ في 2020. خلال هذه السنوات، نفذت الرياض إجراءات مثل مضاعفة ضريبة القيمة المضافة ثلاث مرات وإلغاء بدل غلاء المعيشة بهدف زيادة موارد الحكومة التي استنزفت بسبب الانخفاض التاريخي في أسعار النفط، كما تأثرت عائدات النفط بانتشار فيروس كورونا وحدث انخفاض كبير.

تظهر أرقام وإحصاءات المؤسسات الحكومية أن السعودية تعاني منذ 7 سنوات من عجز في الموازنة، وهو ما كان يعتمد على السياسات الاقتصادية لنظام آل سعود. وقد سبب إعلان رؤية 2030 والأرقام غير الواقعية من قبل ولي العهد السعودي العديد من التحديات الاقتصادية للمملكة العربية السعودية.

كما يوضح مؤشر أسعار المستهلك التغيرات في الأسعار التي يدفعها المستهلكون لسلة ثابتة من السلع والخدمات تتكون من 490 سلعة.

من جانبها أعلنت وكالة بلومبيرج للأنباء مؤخرا أنه من المتوقع أن تزداد موجة التضخم العالمي في السعودية رغم الارتفاع الكبير في أسعار النفط. وأكدت بلومبرج أن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، ليست بمنأى عن الزيادة الأخيرة في الأسعار العالمية ومعدلات التضخم، حتى مع استمرار أسعار النفط الخام في الارتفاع.

الاقتصاد السعودي في أسطر

زيادة البطالة، وزيادة معدلات الفقر، وتزايد العجز في الموازنة العامة، وانخفاض كبير في الإيرادات العامة، واحتياطيات النقد الأجنبي والاحتياطيات العامة باتت أزمات وعناوين دائمة لحالة الاقتصاد السعودي.

يضاف إلى ذلك ركود الأسواق، وشلل في الأنشطة الحيوية، وهروب العمالة الوافدة، وانخفاض حاد في أرباح تأخر دفع البنوك والشركات الكبرى والرواتب كأهم المؤشرات الحديثة لحالة الاقتصاد السعودي.

كما تؤكد هذه العوامل أن الأسوأ قد يأتي للمملكة وأن أزمات مالية واقتصادية أقوى باتت وشيكة، فيما تؤثر هذه الأزمة بشكل مباشر على الظروف المعيشية للمواطنين الذين قد يجدون أنفسهم في مواجهة واقع صعب.

من أهم أزمات ومحن الاقتصاد السعودي ارتفاع تكلفة المعيشة وارتفاع أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك البنزين والديزل، في بلد يُعد أكبر منتج للنفط في العالم.

علاوة على ذلك، تضخمت تكلفة فواتير المياه والكهرباء والنقل العام والهاتف، بينما ارتفعت الضرائب ، وخاصة ضريبة القيمة المضافة. ربما قد يتبع ذلك فرض ضرائب جديدة لم تكن تعرفها المملكة من قبل مثل ضريبة الدخل، إضافة إلى إجراءات تقشف أخرى.

النظام يتجاهل الإخفاق

يتجاهل النظام السعودي مواجهة التضخم وارتفاع الأسعار في المملكة وما تلقيه من تأثيرات سلبية على المواطنين السعوديين وسط مصاعب حادة يواجهونها اقتصاديا. ويبدو ذلك جلياً في تصريحات مثيرة للجدل أطلقها رئيس مجلس الغرف السعودية عجلان العجلان بادعاء أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في المملكة “غير مبالغ فيه”. حيث قال العجلان إن التضخم في المملكة لمجال المواد الغذائية غير مبالغ فيه، وإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يعود للتنافس الكبير بين الأصناف.

فالحكومة السعودية تجد نفسها الآن في مأزق شديد مع انخفاض ايراداتها وارتفاع معدلات التضخم وهذا يستلزم اتخاذ إجراءات قاسية على صعيد تخفيض الإنفاق العام، وتأجيل الكثير من المشروعات الكبرى، مثل مشاريع مدينة نيوم السياحية على البحر الأحمر. وفي هذا السياق أعلنت الحكومة رسميا تخفيض الإنفاق السنوي بنسبة 5 في المئة وطلبت من الوزارات والهيئات والشركات الحكومية تخفيض الإنفاق بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30 في المئة في محاولة للحد من قيمة العجز المتوقع في الميزانية.

يذكر أنه في السعودية انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي السعودي مجددا. وأشار إلى أنه كان أقل بشكل كبير، من 23337 دولارًا بعام حذر فيه البنك الدولي من الفقر الذي يلوح في الأفق إلى 20110 دولارات في عام 2020. كما كشفت صحيفة أمريكية شهيرة النقاب عن أن ولي عهد السعودية الأمير الشاب محمد بن سلمان يسجن كل من يتكلم في أزمات الفقر و البطالة في المملكة.

ثورة الجياع!

إن “ثورة الجياع” ستحدث في السعودية إن لم تعالج مشكلة الفقر في بلد يمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم. وفي هذا السياق قال معهد دراسات دولي إن الحكومة السعودية تبذل جهودا جبارة بهدف التغطية على أزمة تفاقم الفقر في المملكة في ظل ثراء العائلة الحاكمة وتفشي الفساد.

وذكر معهد كوينسي لفن الحكم المسؤول أن الفقر يتفاقم بمعدلات كبيرة بين المواطنين السعوديين لكنه يظل حقيقة مخفية وراء ثراء العائلة المالكة. لنتخيل هذا المشهد، دولة تصنف على أنها أكبر منتج للنفط في العالم. يعود الفقر ومستوى المعيشة المتدني لنسبة كبيرة من أبناء الشعب السعودي لعدة أسباب، منها عدم العدالة في توزيع الثروة بالمملكة، إضافة إلى الحرب التي تقودها المملكة في اليمن والتي استنزفت مليارات الدولارات من ثروات الشعب السعودي على مدار السنوات الماضية. و قد أفرزت ظاهرة الفقر غضباً شعبياً دفع إلى تنظيم الاحتجاجات في العديد من المدن لتحسين أحوالهم المعيشية.

في إطار انتشال الاقتصاد السعودي من إخفاقاته و الاثار التي ولدها انتشار جائحة كورونا، كانت المملكة العربية السعودية قد أعلنت العام المنصرم عن حزمة إجراءات بينها رفع الضريبة ووقف بدل غلاء المعيشة. حيث تم رفع معدل ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15%. وقد عم الغضب السعودي أرجاء المملكة، في أول يوم لتطبيق سلطات آل سعود قانون الضريبة المضافة بنسبة 15% على جميع السلع والمنتجات؛ في محاولة لاحتواء آثار الكارثة الاقتصادية السعودية. و أطلق حينها نشطاء سعوديون هاشتاغ (الضريبة المضافة الجديدة) وآخر (الضريبة المضافة) للتعبير عن غضبهم من الضريبة المضافة وآثار الأوضاع المعيشية السيئة في المملكة. وتهجموا على الملك سلمان بن عبد العزيز وولى العهد محمد، بعد تدهور أوضاع المملكة في عهدهما.

بعد كل هذا نجد أن السعودية تعاني من أزمة ثقة إلى جانب أزماتها الاقتصادية وهذه الأزمة وقعت بين الشعب والحكومة وهي من أخطر الأزمات التي من الممكن أن يعاني منها بلد ما لأن الشعب لن يتحمل قرارات الحكومة وسيتخذ خطوات تصعيدية ربما تقوده للشارع للمطالبة بحقوقه المنهوبة من قبل الطبقة المخملية في المجتمع السعودي.

* المصدر: موقع الوقت التحليلي
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع