السعودية ستنهي حربها على اليمن
بقلم : علي حرب (موقع : ميدل ايست أي, مقرها لندن – ترجمة : انيسة معيض – سبأ)
يمرر مشروع القانون الذي يسعى لإنهاء مساعدة واشنطن لقوات التحالف التي تقودها السعودية في اليمن عن طريق الكونجرس.
وعلى ضوء ذلك تطرق بعض الخبراء: إن إنهاء الدعم الأمريكي لقوات التحالف التي تقودها السعودية في اليمن من شأنه أن يحد من جهود الرياض الحربية ويعجل بإنهاء ما تصفه الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
لقد كان الدفع من قبل المشرعين الأمريكيين لإنهاء الدعم للحرب رمزياً إلى حد كبير، حيث لم يقدم سوى عدد قليل من الديمقراطيين في الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريين مقترحاً، لكن الآن قد يكون المشرعون قد قرروا تمرير إجراء من شأنه أن يوقف المساعدات الأمريكية للقوات التي تقودها السعودية في اليمن.
وقال روبرت جوردان، سفير أمريكي سابق لدى المملكة السعودية في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، والذي سيكون له عظيم الأثر واصفاً الدعم الأمريكي بأنه حيوي لقدرات الرياض العسكرية.
وقال جوردان لموقع “ميدل ايست آي” الأسبوع الماضي: “إذا علَّقنا توفير قطع غيار لطائرات F-15 الخاصة بهم، فإن القوة الجوية السعودية سوف تتعطل في غضون أسبوعين”. “لذا أعتقد أن هناك احتمال كامل، إذا حدث ذلك، سيجدون أنفسهم أكثر اندفاعا للجوء إلى طاولة المفاوضات والتفاوض اكثر مما هم عليه في الوقت الحالي”.
وكان التشريع الأمريكي المقترح قد برز في مجلس النواب الشهر الماضي، ومن المتوقع أن يصوت عليه مجلس الشيوخ الذي وافق على اقتراح مماثل في أواخر العام الماضي في المستقبل القريب.
يستحضر مشروع القانون قرار سلطات الحرب لعام 1973، الذي يحظر المشاركة في نزاع أجنبي بدون تفويض من الكونغرس. وصرح الرئيس دونالد ترامب باستخدام حق النقض ضد التشريع الذي يتطلب أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ لتجاوزه.
‘مهم للغاية’:
وقال خليل جهشان، مدير تنفيذي بالمركز العربي في واشنطن، إن كل من واشنطن والرياض يرغبان في التقليل من تأثير المشاركة الأمريكية في اليمن، لكن دور الولايات المتحدة في الحرب يظل “بالغ الأهمية” من الناحية اللوجستية والسياسية. وأضاف: وإلى جانب الدعم في المساعدات العسكرية، فإن واشنطن توفر “غطاء نفسي وإستراتيجي للجهود الحربية السعودية.
وقال جهشان “اذا لم يكن هناك الدعم الامريكي، واذا انهي ذلك الدعم في المستقبل … اعتقد ان السعودية ستشعر بأنها مجبرة على انهاء هذه الحرب بشكل اسرع”.
وبينما يتم انتقاد ترامب في كثير من الأحيان بسبب علاقته الحميمة بحكام المملكة السعودية، فقد بدأ الصراع في اليمن في عهد سلفه، باراك أوباما.
بدأت السعودية والإمارات العربية المتحدة حملة قصف شاملة في اليمن في عام 2015 لاستعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد أن استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء.
وفي حين لا يحظر مشروع قانون الكونجرس مبيعاتها العسكرية، فإن المشرعين الأمريكيين مستعدون لفحص مشتريات سعودية مستقبلية من الأسلحة الأمريكية، ويأتي ذلك رداً بعد اغتيال الكاتب الصحفي بواشنطن بوست جمال خاشقجي في أكتوبر الماضي بأيدٍ سعودية مما دفعهم الغضب من الأعمال الإجرامية السعودية.
وقد شمل الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن تزويد الطائرات المقاتلة بالوقود في الجو، والدعم العسكري في الحصار البحري، وكذلك الدعم في تنسيق العمليات العسكرية، والدعم اللوجستي.
وقال نبيل خوري، دبلوماسي أمريكي سابق عمل في اليمن من عام 2004 إلى عام 2007، لقد كانت المساعدات الأميركية حيوية للخطط العسكرية للمملكة السعودية.
وقال خوري: ان النظامي السعودي والإماراتي ” يعتمدان بشدة على الدعم الامريكي وهذا لا يمكن إنكاره.” “بالتأكيد في البداية، لم يكن بإمكانهم البدء بهذه الحرب بدون دعم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.”
لكن وعلى مدار فترة الحرب، لقد طورت الرياض وأبو ظبي قدراتهما العسكرية الخاصة واستأجرا خبراء متخصصين ومرتزقة لمساعدتهم في خوض الحرب على اليمن.
في الواقع، عندما توقفت واشنطن عن إعادة التزود بالوقود في الجو العام الماضي، اكتسب السعوديون القدرة على القيام بذلك بمفردهم.
وقال خوري: زميل بارز غير مقيم في المجلس الأطلسي، إن إنهاء مساعدة واشنطن بما في ذلك مبيعات الأسلحة سوف يجبر السعودية على إنهاء الصراع.
واستشهد بتعليقات ترامب من العام الماضي، عندما قال إن السعودية “ليس بإمكانها الصمود لأسبوعين” دون دعم من الولايات المتحدة. وقال خوري لـ موقع, ميدل ايست آي: ” لدى السعوديون القدرة على إيقاف الحرب إذا أرادوا ذلك بحق”.
“إذا أوقفت الولايات المتحدة الدعم إلى السعوديين والإماراتيين، وبالتالي يقوم السعوديون والإماراتيون بمساعدة الشعب اليمن الذي يدعمونه، بما في ذلك المرتزقة المستأجرين من جميع أنحاء العالم، فإن الضغط لإنهاء الحرب سيكون من الصعب جدا مقاومته”.
ومع ذلك، حذر الدبلوماسي السابق من أن الوضع في اليمن معقد للغاية، مع وجود أجندات متضاربة للعديد من الأطراف المعنية، بما في ذلك المعارضين الحوثيين والانفصاليين الجنوبيين والموالين للحكومة وأتباع الرئيس السابق الراحل علي عبد الله صالح والمسلحين المتشددين بما في ذلك عناصر تنظيم القاعدة.
وقال خوري: “الأمر ليس كما لو تستطيع القول ” أوقف كل شيء ” اليوم وغدا يتوقف كل شيء . “لكن أساساً، بدون الدعم الأمريكي والبريطاني سيجد التحالف الجوي صعوبة بالغة في مواصلة هذه الحرب.”
ما هي سياسة الولايات المتحدة في اليمن؟
في أواخر عام 2018، دعا كلاً من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ووزير الدفاع آنذاك، جيمس ماتيس، إلى إنهاء الصراع في اليمن. رغم ذلك، لم تفعل واشنطن الكثير للضغط على حلفائها السعوديين والإماراتيين من أجل التوصل إلى سلام دائم.
وقال: إنه عندما كان في الخدمة لدى الخارجية الأمريكية في اليمن، كان التركيز الوحيد لسياسة الولايات المتحدة هو مكافحة الإرهاب، وهي استراتيجية يمكن تكثيفها من خلال الضغط للحصول على مساعدات اقتصادية إلى البلد الفقير.
في ظل إدارة ترامب، ترى الولايات المتحدة اليمن كجزء من المواجهة مع إيران، كما قال خوري. “أخذت هذه الإدارة على عاتقها الاهتمام بمكافحة الإرهاب، والجيش مستمر في القيام بذلك، لكنهم أضافوا عامل التمدد الإيراني بقوة في منطقة الشرق الأوسط”.
وتتهم الرياض الحوثيين بأنهم وكلاء لإيران، لكن طهران تنفي تقديم دعم مادي للمعارضين الحوثيين في اليمن. وقال خوري عن إدارة ترامب: “. المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة لا يرون اليمن أرضاً وإنساناً على الإطلاق بل إنهم ينظرون إلى اليمن كما يرون إيران “وهذا خطأ كبير جدا.”
وقال إنه حتى عندما دعا كل من بومبيو وماتيس إلى إنهاء الصراع واصل الصقور الأمريكيون التركيز على إيران، بما في ذلك مستشار الأمن القومي جون بولتون، حيث أكد مساعدة السعوديين في صراع محتمل ضد طهران.
وقال خوري: ” إذا لم يكن لدى (بولتون) ما يكفي من القهوة في الصباح – أو تناول الكثير من القهوة خلال النهار – فهو يرى اللون الأحمر، والأحمر يعني إيران بالنسبة له”.
وكما قال جهشان، من المركز العربي، إن المسئولين في إدارة ترامب ليسوا على نفس الرأي فيما يتعلق باليمن.
وقال: إن “البيت الابيض غير مقتنع.” “فهم يفضلون الاستمرار في دعم السعوديين للأسباب نفسها التي بررت موقفهم من خاشقجي وجميع أنواع القضايا الأخرى.
“في الأساس ، لا يريدون تخطي السعوديين … ويؤثرون على قدرتهم على شراء الأسلحة وإنفاق الأموال في الولايات المتحدة “.