السياسية:

فضحت دراسة بحثية متخصّصة صادرة عن مؤسسة الملك خالد الخيرية في السعودية الوعود الكاذبة لولي العهد محمد بن سلمان وما يروّج له من نجاح لرؤيته الاقتصادية لعام 2030.

تُبرز الدراسة واقع البطالة لدى الشباب في السعودية، فعلى الرغم من الوعود بتخفيض البطالة ضمن رؤية 2030، فإن النسب لدى الفئة العمرية التي استهدفتها المؤسسة ازدادت، حيث كان معدل الشباب خارج مقاعد العمل والتعليم والتدريب في 2015 عند 16.1% لتقفز لـ 25% للشباب السعودي منتصف 2021.

ولا يزال الهاجس الأكبر لشباب المملكة هو المواءمة بين نجاح التعليم والدراسة وحلم الحصول على وظيفة مناسبة على ما تُظهر نتائج الدراسة البحثية.

صحيح أن مؤسسة الملك خالد لم تخرج عن عباءة الترويج لدعم ابن سلمان للشباب وتوفير فرص العمل لهم وتأهيلهم لها عبر “برنامج تنمية القدرات البشرية” ضمن رؤية 2030، إلا أنّ ثنايا البحث أظهرت الواقع السيء الذي يعيشه الشباب، بدءًا من رحلة التعليم التدريب، انتهاءً بالحصول على فرصة عمل مناسبة.

وكشف التقرير أنّ واحدًا من بين كل 4 شباب في المملكة (بين 15-24 سنة شملتهم الدراسة) ينقطع عن التعليم والتدريب لتأهيل الانضمام لسوق العمل.

وبلغة الأرقام، فإن مليون ناشئ من بين 3.92 سعودي يعانون من غياب الدعم ليكونوا قادرين على الاندماج في سوق العمل لعدم حصولهم على فرص تعليمية وتدريبية تؤهلهم لذلك.

وجاء في الدراسة: “خسارة 25% من الشباب بعيدًا عن ميادين التعليم والتدريب، يرافقها إهدار فرصة اقتصادية غير مستغلة تُقدّر بـ 45 مليار ريال سنويًا يفقدها الاقتصاد في التنمية، ما بين أجور غير مكتسبة، ومساهمات تأمينات اجتماعية غير متحققة، وإيرادات ضريبية فائتة”.

وأثار التقرير تساؤلًا لم يجد المختصون له إجابة: “ماذا يفعل 25% من الشباب خارج مقاعد العمل والتعليم والتدريب؟ كيف هي حياتهم؟ ما هي تجاربهم؟ ما هي مسببات بقائهم بدون عمل أو تعليم أو تدريب؟ هل السبب التحديات الأسرية والمجتمعية؟ أم النظم الاجتماعية والاقتصادية؟ أم غياب دعم الحكومة؟”.

وخلُصَت نتائج الدراسة الميدانية الى أنّ فئة الشباب بين 15-24 عامًا لديها صعوبات في قدرتهم على رسم مسار حياتهم باستقلالية ووعي، ما أدى لخمولهم الاجتماعي والاقتصادي، ولمحاولة تأقلمهم عبر وسائل مختلفة، ساهمت في خلق حالة من التناقض بين توقعاتهم وما يواجهونه على أرض الواقع.

واللافت للنظر، أنّ تفضيلات الشباب للعمل كانت في الوظائف الحكومية، التي يعتقدون أنها وظائف آمنة ومستقرة، مع غياب الحافز للمخاطرة وخوض تجربة العمل الحر.

وهذا المؤشر الخطير يعكس غياب طموح الشباب لتطوير قدراتهم وإمكاناتهم في بلد ذي اقتصاد قوي، واكتفائهم بالرغبة في وظيفة حكومية آمنة.

كذلك لفتت الدراسة إلى أنّ حملة الشهادة الجامعية أكثر المتحسّرين لعدم الحصول على وظائف خصوصًا مع طول مدة انتظارهم والتي عزَوا أسبابها لتفشّي الواسطة وشروط الخبرة وإتقان اللغة الإنجليزية في الوظائف المعلنة.

كما أبدى العديد منهم حزنهم لاضطرارهم للتنازل عن الشهادة الجامعية للحصول على وظيفة عسكرية أو أمنية.

واصطدم الشباب بدورة طويلة للبحث عن فرصة عمل في ظل انتشار الواسطات والمحسوبيات، وانتقدوا دور المنصات الحكومية المساندة في البحث عن عمل، مع تجارب مريرة للعمل الحر بسبب ضعف الرقابة الحكومية التي تدفع أصحاب العمل الحر لاستغلال الشباب للعمل لساعات طويلة أو التأخر بدفع الأجور.

ومن الأمور التي نبّه لها التقرير، تزايد معدّل الشباب (15- 24 عامًا) ممّن هم خارج مقاعد العمل والتعليم والتدريب في المملكة في عام 2022 عمّا كان عليه عام 2019، ليؤكّد التأثير العكسي لـ “برنامج تنمية القدرات البشرية” الذي أطلقه بن سلمان ضمن رؤية 2030.

كما حذّر التقرير من النسب الخطيرة لـ “اضطرابات الصحة النفسية” التي تعاني منها الفئات العمرية الشابة في المملكة، بحيث يعاني 40% من الأعمار (15-24) ومثلهم للأعمار (25-34) من اضطرابات نفسية.

وأحد أسباب هذه الاضطرابات النفسية هواجس فرص العمل والأمان الوظيفي في بلد يُصنّف اقتصاده كأحد أكبر الاقتصادات حول العالم.

وخرج البحث الميداني لمؤسسة الملك خالد بجملة من التوصيات لتدارك واقع الشباب في مقدمتها ضرورة “توفير فرص العمل اللائق والتمويل للشباب من خلال حزمة من التطويرات على الأنظمة والتشريعات والبرامج والمبادرات” في إشارة واضحة لضعف الدور الحكومي وعدم فاعلية برامجها رغم الوعود المتكررة.

وكشف تقرير مؤسسة الملك خالد الكثير من التحديات والعوائق التي يواجهها الشباب في المملكة في رحلة البحث عن تطوير قدراتهم والتدريب للحصول على وظيفة مناسبة، وعن ضعف الدور الحكومي لمعالجة الأمر والتخفيف من مخاوف الشباب.

* المصدر: العهد الاخباري
* المادة الصحفية: تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع