السياسية ـ متابعات:

فتحت مراكز الاقتراع في الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية أبوابها عند الساعة السادسة صباح اليوم الثلاثاء أمام المصوتين في الانتخابات النصفية التي يحاول الجمهوريون الفوز بها للظفر بالأغلبية في الكونغرس، وبالتالي شل جدول أعمال الرئيس جو بايدن في المدة المتبقية من عهدته الرئاسية.
فضلا عن أنها تمهّد الطريق أمام تسهيل عودة دونالد ترامب إلى الحكم. وإلى حد الآن، أدلى أكثر من 40 مليون شخص بأصواتهم خلال التصويت المبكر في جميع أنحاء البلاد.

بدأ الأمريكيون اليوم الثلاثاء التصويت في الانتخابات النصفية، في ظلّ محاولة الجمهوريين الحصول على غالبية في الكونغرس من شأنها أن تشلّ جدول أعمال الرئيس جو بايدن للسنتين المقبلتين، وتمهّد الطريق أمام عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

ودعا الرئيس الديمقراطي الأمريكيين إلى “الدفاع عن الديمقراطية” في الوقت الذي وعد فيه سلفه الجمهوري بـ”إعلان مهمّ” الأسبوع المقبل، مفسحاً المجال أمام تكهّنات بشأن إعلان ترشّحه للبيت الأبيض. وبعد حملة شرسة ركّزت على التضخّم، يبدو الجمهوريون واثقين بشكل متزايد من فرصهم في تجريد جو بايدن من غالبيته الديمقراطية في الكونغرس.

وبدأت مراكز الاقتراع في الساحل الشرقي للبلاد فتح أبوابها عند الساعة السادسة صباحاً 11,00 بتوقيت غرينتش، من يوم الثلاثاء، وفقاً لتقليد الانتخابات التي تجري على المستوى الوطني في الولايات المتحدة.

وأدلى أكثر من 40 مليون شخص بأصواتهم خلال التصويت المبكر في جميع أنحاء البلاد، في اقتراعٍ سيؤدي إلى تجديد مقاعد مجلس النواب بالكامل وثلث مقاعد مجلس الشيوخ إضافة إلى مجموعة من المناصب المحلية. كذلك، تشهد أربع ولايات استفتاءً على الحق في الإجهاض، وهي كاليفورنيا وفيرمونت وكنتاكي وميشيغان.

وخلال تجمّع أخير مساء الإثنين في أوهايو إحدى الولايات الصناعية في البلاد، قال الرئيس السابق دونالد ترامب الحاضر بقوة في الحملة الانتخابية “إذا كنتم تريدون وضع حدّ لدمار بلادنا وإنقاذ الحلم الأمريكي، يجب أن تصوّتوا للجمهوريين غداً”.

وأعلن الملياردير البالغ من العمر 76 عاماً أنه سيُصدر “إعلاناً مهمّاً جداً الثلاثاء 15 تشرين الثاني/نوفبر في مارالاغو” مقرّ إقامته في فلوريدا، مُدركاً جيداً أنّ انتصار مرشّحيه في صناديق الاقتراع الثلاثاء سيمنحه نقطة انطلاق مثالية للترشح للانتخابات الرئاسية عام 2024.

التضخّم، أكثر من أي شي آخر

تعد انتخابات نصف الولاية التي تُجرى بعد عامين من الانتخابات الرئاسية للعام 2020، استفتاءً على الرئيس الحالي. ولكن تجدر الإشارة إلى أنه نادراً ما يخرج حزب الرئيس منتصراً من هذا الاقتراع.

في هذه الأثناء، سعى معسكر جو بايدن لكسب الأصوات من اليسار والوسط عبر تصوير المعارضة الجمهورية على أنها تهديد للديمقراطية والمكتسبات الاجتماعية مثل الحق في الإجهاض.

وقال الرئيس البالغ من العمر 79 عاماً خلال تجمّع مساء الإثنين في ميريلاند الواقعة على مشارف واشنطن “نحن ندرك جيّدًا أنّ ديمقراطيتنا في خطر”.

ولكن ارتفاع الأسعار، بمتوسط 8,2 في المئة خلال عام، يبقى الشغل الشاغل للأمريكيين، في الوقت الذي يبدو فيه أن جهود جو بايدن للظهور على أنه “رئيس الطبقة الوسطى” لم تعطِ النتيجة المرجوة.

ووفق استطلاعات الرأي الأخيرة، فإنّ المعارضة الجمهورية تملك فرصة في الفوز بما بين عشرة و25 مقعداً إضافياً في مجلس النواب، وهي أكثر من كافية لتحصل على الغالبية. وفيما لا تزال الاستطلاعات أكثر غموضاً في ما يتعلّق بمجلس الشيوخ، يبدو أنّ الجمهوريين سيحقّقون تقدّماً فيه أيضاً.

وسيكون لفقدان السيطرة على مجلسي الكونغرس عواقب وخيمة على الرئيس الديمقراطي الذي أعرب عن “نيّته” الترشح في العام 2024، ما يُنذر بإعادة مشهد الانتخابات الرئاسية التي جرت في العام 2020.

وقال بايدن مساء الإثنين إنه “متفائل” بشأن نتيجة الانتخابات. ولكنّه أقرّ بأنّ الاحتفاظ بالسيطرة على المجلسين سيكون “صعباً”.

منافسات تخطف الأنفاس

وتشهد بعض الولايات الرئيسية انتخابات محتدمة، وهي نفسها الولايات التي كانت بالفعل على المحكّ في الانتخابات الرئاسية للعام 2020.

وفي هذا السياق، تُسلّط الأضواء على بنسيلفانيا المركز السابق لصناعة الصلب، حيث يواجه الجراح الجمهوري المليونير محمد أوز المدعوم من دونالد ترامب، رئيس البلدية الديمقراطي لمدينة صغيرة جون فترمان، على أحد أكثر المناصب المتنازع عليها في مجلس الشيوخ.

وكما في العام 2020، تدخل ولاية جورجيا في صلب المنافسات المحتدمة. ويحاول الديمقراطي رفايل وارنوك، أول سناتور أسود ينتخب في هذه الولاية الجنوبية ذات الماضي المعروف في التمييز العنصري، الحصول على إعادة انتخابه في مواجهة هيرشيل والكر، وهو رياضي سابق أسود يدعمه أيضاً الرئيس السابق.

كذلك، تشكّل أريزونا وأوهايو ونيفادا وويسكنسن ونورث كارولينا مسرحاً لصراعات محتدمة، حيث يواجه كلّ المرشّحين الديمقراطيين مرشّحي دونالد ترامب، الذين يحملون الولاء التام للرئيس السابق.

وقد أنفقت ملايين الدولارات على هذه المنافسات، ممّا يجعل من هذا الاقتراع في الانتخابات النصفية الأغلى في تاريخ الولايات المتحدة.

* ما يجب معرفته عن الانتخابات النصفية الأمريكية 2022

ما هي الانتخابات النصفية الأمريكية ؟

تجرى الانتخابات النصفية كل سنتين، إلا أنها تكتسب أهمية خاصة عندما لا تتزامن مع انتخابات الرئاسة الأميركية التي تجرى كل 4 سنوات.

وتجرى الانتخابات هذا العام يوم 8 نوفمبر ، لكن بعض الولايات تسمح بالتصويت المبكر سواء بالبريد أو بالحضور الشخصي.

ويتم انتخاب كل أعضاء مجلس النواب لمدة عامين، لذلك يتم خوض الانتخابات في كل مقاعد المجلس البالغ عددها 435 مقعدا خلال انتخابات التجديد النصفي. في حين يتم انتخاب ثلث أعضاء مجلس الشيوخ المئة (35 مقعدا) في الانتخابات النصفية كل عامين.

وهناك كذلك انتخابات لحكام الكثير من الولايات (36 ولاية)، إضافة لسكرتيري الولايات، والعديد من المناصب السياسية المحلية في الولايات والمقاطعات.

توقعات الانتخابات النصفية الأمريكية

تشير استطلاعات شبكة “فوكس نيوز” (FOX NEWS) المحافظة إلى تفوق الجمهوريين على الديمقراطيين بصورة عامة، وهو عكس نتائج استطلاعات الرأي التي تجريها شبكة “إم إس إن بي سي” الإخبارية الليبرالية (MSNBC).

إلا أن كل الاستطلاعات تشير إلى أن الفارق قليل بين مرشحي الحزبين خاصة في الولايات المتأرجحة مثل بنسلفانيا وجورجيا ونيفادا وأريزونا وويسكونسن، في حين يضمن الكثير من مرشحي الحزبين مقاعد ودوائر آمنة في دوائر معروف تاريخيا هوية ولائها الحزبي.

خارطة توازنات القوة في الكونغرس

للديمقراطيين حاليا 222 عضوا في مجلس النواب مقابل 212 للجمهوريين، مع بقاء 3 مقاعد خالية لوفاة أو عزل شاغليها.

ويهدف الحزب الجمهوري إلى استعادة الأغلبية في مجلس النواب التي خسرها في انتخابات التجديد النصفي عام 2018، وهو يحتاج إلى 5 مقاعد فقط لاستعادة الأغلبية، وتشير أغلب استطلاعات الرأي إلى أن الجمهوريين سينجحون في مهمتهم.

وينقسم مجلس الشيوخ حاليا بنسبة 50/50 بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لكن الأخير يملك الأغلبية من خلال امتلاك نائبة الرئيس كامالا هاريس حق “كسر التعادل في التصويت”، بوصفها رئيسة مجلس الشيوخ.

ومن بين الـ35 مقعدا في الانتخابات، يمثل الجمهوريون 21 مقعدا، في حين للديمقراطيين 14 مقعدا.

ويحتاج الحزب الجمهوري إلى كسب مقعد واحد فقط لاستعادة الأغلبية في مجلس الشيوخ، في حين يواجه الديمقراطيون تحديات كبيرة قد تتسبب في حرمانهم من الأغلبية.

ويسيطر الجمهوريون حاليا على منصب الحاكم في 28 ولاية، والديمقراطيون على 22 ولاية. وتجرى انتخابات الحكام في 36 ولاية، منها 20 يحكمها حاليا حاكم جمهوري، و16 ولاية حاكمها ديمقراطي.

تعتبر أغلب المقاعد آمنة لكل من الحزبين، لكن يبقى هناك 31 مقعدا يراها تقرير كوك السياسي (Cook Report) دوائر متأرجحة غير محسومة، ومن هذه الدوائر 10 مقاعد يشغلها جمهوريون حاليا، ويشغل الديمقراطيون الـ21 مقعدا الباقية.

ويحتاج الجمهوريون، لضمان أغلبية مجلس النواب، إلى إضافة 6 مقاعد لما لديهم الآن. وبسبب لا مركزية الانتخابات، يقوم المرشحون الجمهوريون والديمقراطيون بتركيز حملاتهم الانتخابية والنقاش العام وفي دوائرهم على قضايا محلية، سواء كانت في الاقتصاد أو الإجهاض أو العنف المسلح أو الهجرة.

ما أهم سباقات مجلس الشيوخ؟

هناك 8 مقاعد في مجلس الشيوخ من المتوقع أن تكون تنافسية، ولكل من الحزبين 4 مقاعد على المحك. مقاعد الجمهوريين في ولايات بنسلفانيا وويسكونسن، وكارولينا الشمالية، وأوهايو، في حين ولايات الديمقراطيين هي أريزونا، وجورجيا، ونيفادا، وكولورادو.

وقد تتسبب خسارة مقعد واحد للديمقراطيين في نتائج سباقات مجلس الشيوخ الإجمالية، في خسارتهم أغلبية المجلس.

ما أهم سباقات حاكم الولايات؟

هناك 5 سباقات على منصب الحاكم صنفها تقرير كوك على أنها مهددة بالخسارة، وهي: ولايات نيفادا، وويسكونسن، وكانساس، وأوريغون، وأريزونا، ويحكم هذه الولايات الخمس حاليا حكام ديمقراطيين.

وتعلن النتائج النهائية للانتخابات النصفية بعد ساعات أو أيام قليلة من إغلاق صناديق الاقتراع على أن يجتمع الكونغرس بتشكيله الجديد في 3 يناير/كانون الثاني 2023، في دورة برلمانية تستغرق عامين.